بقلم الكاتب الصحفي والأديب
محمد عبد العزيز
(سيف الله المسلول خالد بن الوليد).. المقال الأول
كان خالد بن الوليد قبل إسلامه فارس قريش وبطلها المغوار له من صفات المقاتل خشونة الطبع وميل إلى الشدة والبطش كان لا يهاب الأقران ولا يخشى أحدا. وبعد عمرة القضاء وقف خالد في جمع من قريش وقال: لقد استبان لكل ذى عقل أن محمدا ليس بساحر ولا شاعر ، وأن كلامه من كلام رب العالمين ، فحق على كل ذى لب أن يتبعه ثم أعلن إسلامه على مسمع ومرأى من قريش ، ودار بينه وبين عكرمة بن أبى جهل حوار فيه شيئ من الحدة والعنف ، فلما بلغ ذلك أبا سفيان بعث فى طلبه وسأله : أحق ما بلغه عنه ؟
فأجابه خالد إنه حق ، وإنه أسلم ، وشهد برسالة محمد ، فغضب أبو سفيان وقال : واللات والعزى لو أعلم أن الذى تقوله حق لبدأت بك قبل محمد ، فأجابه خالد فى حدة المعتز بنفسه : والله إنه لحق على رغم من رغم ، ثم لحق بالمدينة ليعلن إسلامه بين يدى رسول الله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : كنت أعلم أن لك عقلا لن يسلمك إلا إلى الحق. فما لبث أن سمت مكانته بين المسلمين ، ولكى نعلم قدر ما قدمه خالد بن الوليد للإسلام والمسلمين ، وكيف كان بحق كما وصفه النبى سيفا سله الله على المشركين. فتعالى معى عزيزى لنلقى نظرة على حال جزيرة العرب بعد وفاة النبى.
فما إن علمت العرب بوفاة النبى صلى الله عليه وسلم حتى اشرأبت أعناقهم من كل صوب يريدون أن يلقوا عن عواتقهم سلطان المدينة وأن يعودا إلى ما كانوا عليه قبل مبعث محمد إليهم وانتشار أمره فيهم ، لذلك ارتدت العرب فى كل القبائل واشرأبت اليهودية والنصرانيه ، وكثر أعداء المسلمين حتى أن أهل مكة أنفسهم هموا بالردة عن الإسلام حتى خافهم عتاب بن أسيد عامل رسول الله على أم القرى فتوارى منهم خوفا على حياته لولا أن قام فيهم سهيل بن عمرو فخوفهم ورغبهم ، وهمت ثقيف بالطائف أن ترتد فقام فيهم عثمان بن أبى العاص عامل النبى عليهم وقال لهم : يا أبناء ثقيف. كنتم آخر من أسلم ، فلا تكونوا أول من ارتد وثبتت ثقيف على الإسلام كما ثبتت مكة ، وكذلك ثبتت سائر القبائل المقيمة بين مكة والمدينة والطائف ، أما سائر العرب فاضطرب أمرهم فارتد بعضهم وتبلبلت عقائد سائرهم ، ومنهم من بقى على الإسلام لكنه رفض سلطان المدينة وامتنع عن أداء الزكاة لأنه رآها جزية تفرضها المدينة عليهم وتأباها نفوسهم التى ألفت الإستقلال وهذه القبائل كانت قريبة من المدينة مثل عبس وذبيان وغطفان وفزارة ، أما الذين قصت ديارهم عن المدينة فأعلنوا ردتهم ، واتبع أكثرهم رجالا ادعوا النبوة ، كطليحة فى بنى أسد ، وسجاح ومالك بن نويره فى بنى تميم ، ومسيلمة فى اليمامة ، وذى التاج بن مالك فى عمان على بحر العرب ، إلى جانب هؤلاء الذين ناصروا الأسود العنسى فى اليمن إلى أن قتل وبعد مقتله ظلوا على ولائهم لفكره ينشرون الفتنة ويريدون الإنقضاض على سلطان المدينة،
كان هذا هو حال جزيرة العرب يوم وفاة النبى ، وبعد أن ولى أبو بكر أمر المسلمين بعد بيعة الثقيفة وما صاحبها وأصبحت الأرض تشتعل نيرانا حول خليفة رسول الله. فماذا هو صانع رضى الله عنه ؟. هنا يبدأ دور خالد بن الوليد وتتجلى موهبته الحربية كأعظم قائد عسكرى عرفه التاريخ على الآطلاق ودون أى مبالغة ، وهذا ما سنفرد له فى مقالنا القادم إن شاء الله
محمد عبد العزيز
Discussion about this post