نورا عواجه
هموم بالجملة تتصدّر المعاناة القديمة الجديدة، التي يعانيها أهالي محافظة اللاذقية كل صيف، مع شح مياه الشرب التي لا تلبي الحاجات اليومية الضرورية، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وازدياد حاجة الأهالي لاستهلاك المياه.
في ظل متلازمة المياه والكهرباء في اللاذقية، تتفاقم حدة المعاناة، فنصف ساعة تغذية كهربائية لا تكفي لتعبئة شبر واحد في خزان المياه، إن نجحت المضخة الكهربائية في رفع المياه إلى سطح البناء، في ظل تشغيل جميع سكان الحي المضخات في الوقت نفسه، ليكون صاحب المضخة الأكثر استطاعة هو الأوفر حظاً.
وإذا لجأ الأهالي للمثل الشعبي “جود بالموجود”، والسعي وراء شراء المياه من الصهاريج، فإنّ الخيار الموجود يكبّد الأهالي أعباء مادية باهظة لا يقوى عليها أصحاب الدخل المحدود، وخاصة أن تكلفة تعبئة خزان المياه سعة خمسة براميل يتراوح بين 40-50 ألف ليرة، وهو لا يكفي لسد احتياجات العائلة لأكثر من يومين.
ضعف الضخ في المدينة
بين قلة الوارد المائي، وانقطاعه لمدة تصل لأسبوعين، تختلف المعاناة بين المدينة والريف، إذ أكد مواطنون يقطنون أحياء كل من ضاحية تشرين، بسنادا، المشروع العاشر، ضاحية البعث، مشروع شريتح، قنينص بمدينة اللاذقية، وأحياء كل من ضاحية الأسد، التضامن، النقعة، الجبيبات، بمدينة جبلة، في حديث لـ”تشرين”، معاناتهم مع ضعف مياه الشرب التي لا تصل إلى الطوابق العليا مع تشغيل المضخة الكهربائية، عازين السبب إلى ضعف ضخ مياه الشرب، وعدم التغذية الكهربائية في الوقت الذي يتم فيه ضخ المياه، واقع الحال الذي لا يمكّن جميع الأهالي من تعبئة المياهوأضاف الأهالي: نصف ساعة كهرباء لا تكفي لتعبئة العبوات اللازمة لتأمين مياه الشرب، وشبر واحد في الخزان إن حالفنا الحظ بوصول المياه إلى سطح البناء، مع تشغيل جميع سكان الحي المضخات الكهربائية.فيما أكد مواطنون في جبلة أنه على الرغم من ضخ مياه الشرب كل يومين للمدينة، وتغذيتها بالكهرباء ساعتين، إلّا أن عدداً كبيراً من الأهالي يبقى من دون مياه؛ لعدم وصول المياه للخزان في ظل تركيب عدد كبير من الأهالي لمضخات كهربائية استطاعتها كبيرة، تحرم نظيرتها ذات الاستطاعة الأقل من سحب المياه للخزان.
وأشار الأهالي إلى أن شراء المياه من الصهاريج يزيد من الأعباء المادية التي لا يستطيعون تكبدها، في ظل وصول تعبئة الخزان إلى 40 ألف ليرة، مؤكدين أن هذا الخيار هو إسعافي في الحالات الضرورية، لكنهم لا يستطيعون اللجوء إليه طوال فصل الصيف لأنه يحتاج ميزانية خاصة لا يملكونها.
كل أسبوعين.. ساعة
إلى ريف المحافظة، تتفاقم حدة المعاناة كما بيّن عدد من أهالي ناحية بيت ياشوط لـ”تشرين”، حيث تتم تغذية القرى التابعة لها بالمياه مرة (ساعة وفي أحسن الأحوال ساعتين) كل أسبوعين، ما يجعل الأهالي أمام خيارين أحلاهما مرّ على الجيب، الأول شراء المياه بالساعة من بعض الأهالي الذين يملكون آباراً ارتوازية في أراضيهم، حيث يتم دفع 2000 ليرة مقابل كل ساعة، فيما الخيار الثاني هو شراء صهريج مياه لتعبئة الخزان بسعر يتراوح بين 40-50 ألف ليرة.وقال أهالي في قرى حلبكو والروسية وديروتان: لا نستطيع تأمين مياه الشرب، التي تغيب عنا لمدة أسبوعين، إلّا عن طريق الصهاريج، والسعي وراء من يرضى إيصال المياه لقرانا الجبلية، بحجة أن الطريق وعرة، وسعر لتر البنزين 10000 ليرة، مشيرين إلى أن المياه التي يشترونها من الصهاريج مجهولة المصدر.
شكاوى من دون حل
وأوضح الأهالي أن العجز المائي معاناة قديمة جديدة، ورغم كثرة الشكاوى في كل صيف، إلّا أن واقع الحال باقٍ على ما هو عليه من دون إيجاد حلول جذرية للمشكلة، التي تعانيها المحافظة برمتها، مطالبين مؤسسة مياه الشرب بتقوية الضخ حتى تصل إلى الطوابق العليا، وضرورة تزامن تغذية المياه مع التغذية الكهربائية، وتخفيف التقنين الكهربائي الطويل الذي يذهب الكهرباء خمس ساعات ونصف الساعة مقابل نصف ساعة فقط تتخللها انقطاعات متكررة.
خطط إسعافيةبدوره، بيّن معاون مدير عام المؤسسة العامة لمياه الشرب في اللاذقية المهندس ممدوح رجب لـ”تشرين” أنه ستتم معالجة قلة الوارد المائي، من خلال تزويد محطات الضخ بالكهرباء، وذلك بموجب محضر اتفاق بيننا وبين الشركة العامة للكهرباء لبعض الخطوط الريفية، حيث تتم تغذية المحاور الأساسية بالكهرباء ليلاً، بالإضافة لتزويد مؤسسة المياه بكميات كافية من مادة المازوت لتشغيل محطات الضخ، ابتداء من تموز الجاري ولمدة ثلاثة أشهر.
وأشار رجب إلى أن تركيب الطاقة الشمسية عند بعض الآبار ومحطات الضخ، أدى إلى حل مشكلة المياه بشكل جزئي وليس كلي، عازياً السبب وراء ذلك إلى أن الطقس غائم معظم الأوقات في جبال المحافظة.
وأكد رجب معاناة أهالي محور بيت ياشوط من وضع شح الوارد المائي، مبيناً أن محطات الضخ المسؤولة عن تغذيته بالمياه خاضعة للتقنين من بُعد قرية حرف متور، مشيراً إلى معاناة قرى عدة تابعة للمحور كبيت ياشوط، حلبكو، بترياس، المنيزلة، حلة عارا، وأضاف: رغم دعم شركة الكهرباء للمحور بالكهرباء، لكن لا توجد إمكانية لتحسين الوضع أكثر، مشيراً إلى أن هناك وعوداً بإعفاء محطة معمل السجاد من التقنين الكهربائي الذي سينعكس إيجاباً على واقع المياه في محور بيت ياشوط.وعن معاناة سكان المدن من عدم وصول المياه إلى الطوابق العليا، أكد رجب أن هذا الأمر خارج طاقة المؤسسة، مدللاً بأنه يتم تزويد مدينة اللاذقية بالمياه حوالي ست ساعات، في الوقت الذي تتغذى فيه أحياء المدينة بالكهرباء نصف ساعة فقط، في الفترة المحددة، وعليه فمن الطبيعي ألا يستطيع جميع الأهالي الحصول على مياه الشربوكشف رجب أنهم في مؤسسة المياه يشترطون على الأبنية قيد الإنشاء، وضع خزان أرضي تصل إليه مياه الشرب من الشبكة الرئيسة، ثم يقوم المشتركون بعد ذلك برفعها إلى منازلهم، عندما تأتي الكهرباء، أو بوساطة مضخات كهربائية، لافتاً إلى أنه لا يحصل المتعهد على الرخصة من مؤسسة المياه، ولا يتم تزويد البناء بالمياه من دون إنشاء خزان أرضي.
وأوضح رجب أن منسوب مياه نبع السن مقبول، والأولوية لمياه الشرب، وأنه في حالات الشح يتم تزويد مؤسسة المياه بين 4-5 م٣ في الثانية بالحد الأدنى، مستدركاً: لكن الوضع حالياً مقبول، ولو كنا سنعاني من الشح فإنّ ذلك سيظهر بين شهري تشرين الأول والثاني، مشيراً إلى أن المعاناة لن تطول مياه الشرب، وإنما الري بسبب انخفاض منسوب تخزين السدود.وعن احتمال تعدّي المزارعين على شبكة مياه الشرب لري المزروعات، بيّن رجب أن هناك مناطق جبلية لا توجد فيها شبكات ري، ولذلك فإن المزارعين يقومون بسقاية المزروعات الموجودة أمام منازلهم من شبكة مياه الشرب، وعن طريق العدادات، لعدم وجود خيار آخر، مضيفاً: حتى سكان المدينة ممن يزرعون خضراوات في حديقة منازلهم يسقونها من شبكة المياه.
ولفت رجب إلى وجود مناطق عدة يتم تغذيتها بالكهرباء ليلاً بين 4-5 ساعات متواصلة لوجود محطات ضخ فيها، وأضاف: نسعى لأن يحصل الريف على المياه مرة كل أسبوع، وهناك أماكن نجحنا فيها، وأماكن لم ننجح، عازياً السبب إلى الحمولات، فعندما يتم إعفاء خط ليلاً لوجود محطة ضخ موجودة ضمن تجمع سكني كبير، فإن الحمولة كبيرة ما يجعل الشركة غير قادرة على تغذيته بالكهرباء لفترة طويلة، فيما لو كانت الحمولة ضعيفة فإنها تزوده بالكهرباء لساعات طويلة تصل إلى عشر ساعات متواصلة.
Discussion about this post