قِصَّةً قَصِيرَةً حَزِينَةٌ
بقلم … الكاتبه والأديبه
شيماء يوسف …
فِي يَوْمِ حَارٍّ مِنْ أَيَّامِ الصَّيْفِ الحارِقَة
و مَع سُطُوع أَشِعَّةِ الشَّمْسِ الْبَارِقَة
كَانَت أَلْيَن تتسكع فِي شَوَارِعِ قَصَر النِّيل ترتدي فُسْتَانَهَا الْأَسْوَد
تُشَاهَد الْمَحَلَّات وَوُجُوه النَّاس العابسة تُتَخَيَّل مَا يُرْوَ فِي خَلَاءٍ عَقْلِهِم الْبَاطِنِ مِنْ أَحَادِيثِ مِنْهَا المفرحة وَمِنْهَا المكئب
أُسْنِدَت ظَهْرِهَا إلَيّ مَبْنِيٌّ قَدِيمٌ شَاهِق لِتَسْتَرِيح و تَكْمُل مُشَاهَدَة للعابرين وَكَأَنَّهَا تَحْضُر فَلَمَّا قَدِيمًا بِالْأَبْيَض وَالْأَسْوَد اعْتَادَت عَلِيّ مُشَاهَدَتِه
ثُمَّ أَحَسَّتْ بِالتَّعَب والانهاك و قَرَّرْت الرُّجُوع إلَيّ الْمَنْزِل مُجْبَرَة و مُضْطَرَّةٌ فسيقانها أَصْبَحْت مِنْ فِعْلِ الْمَشْيَ تَأَلُّمِهَا ومتيبسه
لَوَّحَت لِأَوَّل تاكْسِي : الدقي لَو سَمَحَت . . . .
اتفضلي
جَلَسَتْ فِي الْكُرْسِيّ الخلفي تُسْتَمَع إلَيّ الرَّادْيُو وَبَعْض ثَرْثَرَةٌ السَّائِق الْمَعْهُودَة مِنْ قَصَصِ وَحِكَايَات عَن الرِّكَاب وَعَن عائِلَتِه . . . . . . . . . . . . . . إلَخ إلَخ إلَخ
لَمْ يَكُنْ حِكَايَاتٌ السَّائِق هِيَ مَوْضِعُ تركيزها هُو شى وَاحِد يَشْغَل بالها
جُمْلَةً وَاحِدَةً تَتَرَدَّد دَاخِلِهَا
سَوْف أَعُود لِلْمُنْزَل أَعُود لِلسُّكُوت وَالْوَحْدَة وَالصَّمْت .
وَصَلَت إلَيّ مَنْزِلِهَا فُتِحَت الْبَاب السُّكُون يخيم عَلِيّ الْمَكَان أَلْقَت التَّحِيَّة عَلِيّ عِصَام قَائِلُه كَيْفَ حَالُك يَا كُلّ حَالِي . . حَبِيبِي لَقَد اشْتَقْت إلَيْك كَثِير واحتضنت صُورَتُه .
أَشْعَلْت الْمُكَيَّف و التليفاز وَرَفَعَت صَوْتَه حَتَّي تُشْعِر بالؤنس
اخدت دَش بَارِد وَارْتَدَّت مُلَابِسٌ فَضْفَاضَةٌ و أَحْضَرَت كُوب مِنْ عَصِيرِ اللَّيْمُون الْبَارِد لَعَلّ بُرُودَتِه تَصِلْ إلَيَّ دَاخِلِهَا تَسْكُن جوارحها وشعورها بِالْفَقْد و الْوَحْدَة
اِرْتَمَت عَلِيٌّ تِلْكَ الْأَرِيكَة إمَام التليفاز و بَعْدَ التَّقْلِيبِ فِي بَرَامِجه الْمُمِلَّة اسْتَسْلَمَت لِلأمْرِ الوَاقِعِ واسترخت . . . . . . . . سَرَحَت إلَيّ دَاخِلٌ أَعْمَاقِهَا تَقَلُّبٌ فِي ذكرياتها الْخَاصَّة الْكَامِنَةِ فِي وِجْدَانِهَا
وكالعادة أَوَّلُ مَنْ قَابَلَت بِالدَّاخِل هُو عِصَام حَبيبُ العُمْرِ الّذِي مَاتَ الْعَامِ الْمَاضِي
تَذَكَّرْت كَيْفَ كَانَتْ سَعِيدَة كَيْفَ كَانَتْ تَمْلِك الْكَوْن كُلُّهُ قَبْلَ هَذَا الْحَادِث
تَذَكَّرْت قِصَّة حُبُّهُم الَّتِي دَامَت لِسِتَّة أَعْوَام مِن الْعِشْق وتوجوها بِعَامَيْن مِنْ الزَّوَاجِ حَتَّي جَاءَ هَذَا الْيَوْمِ المشؤم وَحَدَّث مَا حَدَثَ
وَمَن لحظتها وَهِي تَنَام كُلَّ يَوْمٍ وتدعوا اللَّهُ أَنْ تُقَابَلَ عِصَام حبيبها وونيسها حَتَّي بَعْدَ مَوْتِهِ فِي احلامها
أَفَاقَت فَجَاءَه أَلْيَنَ مِنْ تِلْكَ الْغَفْلَة وَالرِّحْلَة السَّرِيعَة فِي ذكرياتها والدموع تنسال عَلِيّ وجنتيها
اطفاءت التليفاز وتوضاءت تُصَلِّي إِلَيَّ اللَّهُ وَتَدْعُوه أَنْ تُرِي حَبِيب عُمْرِهَا فِي احلامها
سَجَدَت إِلَيَّ اللَّهُ ودموعها تنسال وَتَرَدَّد رَبِّي أَنْتَ تَعْلَمُ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ اللَّهُمَّ لَا تَحْمِلْنِي مَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ . . . . . .
فَإِنَّا لَا أَقْدِرُ عَلِيّ الْعَيْش مِنْ دُونِهِ فجمعني بِهِ يَا اللَّهُ وبللت سجادتها مَنْ فَرَّطَ دُمُوعُهَا وَنَامَت عَلِيّ سَجَّادَة صَلَاتِهَا كَعَادَتِهَا كُلَّ يَوْمٍ حَتَّي تَحَلَّم بَلْقَاء عِصَام وتصحوا ليوما آخَرُ تَكَرَّرَ نَفْس أَحْدَاثِه تتسكع . . . . . تَتَابُع العابرين . . . . . تَضِيع الْوَقْت . . . . تُحَاوِل أَن تَشَتَّت أَفْكَارِها . . . . . . حَتَّي يَأْتِيَ اللّيْلُ لتنام وَهِيَ تُصَلِّي تَدْعُوا اللَّهَ تُرِي عِصَام وَأَنْ يَجْمَعَهَا بِهِ عَنْ قَرِيبٍ
فَلَكَ اللَّهُ يَا أَلْيَن هُوَ وَحْدَهُ مِنْ يَقْدِرُ عَلَيَّ اعانتك عَلَيَّ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَعَلِيٌّ إِسْعَاد قَلْبِك الْحَزِين
Discussion about this post