بقلم دكتور … محمد الدليمي
السياق العربي هو الذي يتحكم بألفاظ المعاني وهي التي تحمل بداخلها معنيين أو أكثر فنرى الباحث إذ لم يكن له خبرة في قراءة الجمل العربية ستفوته معاني ألفاظ المعاني فهي القادرة على توضيح وترسيخ معاني الجمل بعد تسليط ضوء السياق على ألفاظ المعاني ومن خلال ذلك التسليط سنفهم معنى الجملة العربية في ذلك السياق البليغ .
البلاغة العربية ليس العلوم الثلاثة ( البيان والبديع والمعاني ) البلاغة هي القراءة اللغوية التي يبحث عنها الباحث من خلال الألفاظ المتمثلة بقوة السبك فكلما ازداد نسيج السياق قوة ازداد ترابط الجمل فيما بينها وهنا ستظهر قوة الباحثين في فك شفرات الجمل من خلال ألفاظ المعاني .
هذى نماذج لقراءة ألفاظ المعاني في سياقات اللغة البليغة .
قال تعالى ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) البقرة ٧٨- ٧٩ ؛ لفظة الأميون جاءت بمعنى الجهل وليس عدم القراءة والكتابة انظر إلى سياق الآية المباركة وقل الحمدلله رب العالمين لم يجعلك منهم ؛ ( لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) أي إنهم قرأو الكتاب ولم يدروا منه إلا أماني ضالة ويعلمنا سبحانه معنى الأماني ( وإن هم إلا يظنون ) بمعنى تلك الأماني الضالة هي نجاتهم في الضلالة ومعنى يظنون تكشف المعنى وهنا يأتي معنى الضلالة التي ارادوها من ظنهم الذي خيل لهم قال تعالى ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) لفظة الأميون خرجت بالجهل من معناها الذي يطلبه السياق وهذا لفظ معنى لا يمكن أن نسقط عليه فكرنا أو نأتي بالمعنى المعجم حتى نقول عنه إنه يريد هذا المعنى بل السياق الذي يطلبه ، ومن الجدير بالذكر يذكر اصحاب المعاجم ألفاظ المعاني حتى عصرهم فما كان بعد عصرهم من تطور لفظي يبقى اضافته من علماء اللغة اللاحقين .
قال تعالى ( فإن حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأمين ءاسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ) آل عمران ٢٠ ؛ الأميون هنا هم الجهلة المنافقون وليس العرب لأنك عندك من الحضارات ودواوين الشعراء المتناقلة بالالسن والرقع ما يكفينا أن نقول عنهم حضارة متعلمة لأنك أخي القارئ لو رجعت للتاريخ ستجد من قبل الإسلام ٤٠٠ سنة سقطت حضارة العراق ومن ٦٠٠ سنة سقطت حضارة مصر وسوريا واليمن فهل انتهى العلم في السقوط كلا بل سقطت المباني وحكامها ومازالت العلوم تتناقل بينهم . لفظة الأميون هنا هم الأعراب المنافقون جمعهم سبحانه مع أهل الكتاب لسببين الأعراب الذين يحق لهم دخول دين أهل الكتاب هم انفسهم يحق لهم الدخول في الدين الإسلامي وللعلم الديانات السماوية أقوام ؛ لم ترسل اعتباطا لأهل الأرض كافة ودليلنا من كتاب الله سبحانه قال تعالى ( فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل ) الشعراء ١٦ – ١٧ ؛ ولو كان دين موسى لجميع البشر أو للعرب لقال موسى عليه السلام أنا رسول الله إليكم ولكنه أراد بني اسرائيل النسب الأفريقي من دون العرب والأعراب .
قال تعالى ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأمين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) آل عمران ٧٥ ؛ ( الأمين ) الأميون هم الأعراب الجهلة حتما لأن ذكر أهل الكتاب بمعنى التابعين للكتاب الذي أنزل من السماء الأمين هم الأعراب المناسب لأهل الكتاب لأن العرب الخلص لا تدين إلا بدين الحنيف وبعده الإسلامي دين محمد صلى الله عليه وسلم واله وصحبه اجمعين ؛ أما معنى الآية فهي لا تقيم وزن للأعراب فهم تابعين أما العرب فكانت ومازالت محل حضور وعزة أمام باقي الأمم لربما وقتنا الحاضر الذي يمثل الضعف الكامل للعرب بينما لها دور في حياة الأمم واتخاذ القرار .
قال تعالى ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والأنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) الأعراف ١٥٧ ؛ هنا معنى الأمي هو الأممي لأنه باعتباره هيمن على كل أمة من السابقين اصحاب الكتب السماوية .
قال تعالى ( قل ياايها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فأمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) الأعراف ١٥٨ ؛ هنا النبي الأمي بمعنى الأممي والمعنى واضح لا يشوبه خلاف أو اختلاف فهو المبعوث للناس كافة لجميع الأمم فمن كان من الأمم لديها كتاب سماوي فهو المصحح ما اجترأت ايديهم عليه ويوضح لهم سنن انبيائهم ويضع عنهم اصرهم والاغلال أي ما كانت من عادات وتقاليد شيطانية يتبعونها وجعلوها من الدين . أما اصحاب الديانات الوضعية فهو لهم النجاة بدينه القويم على عدد مللهم واقوامهم .
الدين الإسلامي اوسع من دين أهل الكتاب فهو يجمع جميع الملل والأقوام .
قال تعالى ( هو الذي بعث في الأمين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) الجمعة ٢ ؛ الأميون هم العرب والعرب أمة أممية خرجت منها جميع ديانات السماء .
الباحث محمد عبد الكريم الدليمي
Discussion about this post