بقعــــــــــــة ضــــــــوء …
ثمّ لتُســـأَلُنَّ يومئــذٍ عن النعيــــــم
بقلــــــــــــم :
لميـــــــاء العامريــــــة
قضــية مقت/ــل الشــاب الجزائري الاصل والفرنسي الجنسية بــدم بـارد على يـد احد افراد الشرطة المرورية الفرنسية تصدّرت الواجهة الاعلامية العربية والعالمية وما نتج عنها من اعمال شغب واضطرابات هزّت شوارع فرنسا وفي قلب مدينة باريس ورأس الهرم في الشانزلزيه ..
ولست هنا بمعرض الحديث كمراسل صحفي ينقل احداث الخبر مرئيا او مسموعا كما لا اخفي تأثير الخبر بدافع الحس الوطني والشعور الانساني فالجميع يتابع مجريات الاحداث والنتائج التي افرزتها هذه الجريمة البشعة في قلب دولة ( الحرية ) كما يطلق عليها ..
وما اعاد الى ذهني ما كنت قد اسهبت في الكتابة عنه حول زوارق الموت والهجرة غير الشرعية عبر البحر للوصول الى شوارع دول اوربا الحرة ..
قضية مقت/ل الشاب الجزائري نائل مرزوقي اثارت الجدل حول قضية الهوية والاندماج والاعتراف بالآخر والتمايز العنصري في بلد الحرية ..
كما اثارت جملة من الامور الاستراتيجية التي يجب طرحها على الطاولة وتسليط الضوء عليها بشكل اساس ، وتخص استراتيجية البلاد العربية كلها وليس حصرا على الجزائر منها :
ان دول اوربا تمر بمرحلة الشيخوخة بمعنى ان الاغلب الاعم من سكانها يتجاوز سن الشيخوخة والذي اصبح خارج انظمة الانتاج والتطوير ، ونسبة النساء تشكل النسبة الاكبر من حيث الاحصاء السكاني ، تليها نسبة الشباب من الذكور والاطفال وهي النسبة الاقل بين السكان ، في حين ان الدول العربية تضم نسبة كبيرة من اعداد الشباب الذكور والاناث معا اي بمعنى ان الدول العربية تشكل منظومة من الدول الشابة ،
غير ان الانظمة العربية بعيدة كل البعد عن التخطيط السليم لاستثمار هذه الطاقات في عملية البناء والانتاج والتطوير ، ناهيك عن السياسات الاقتصادية والتنموية التي غالبا ما تكون دون مستوى الطموح الشعبي والجماهيري مع ملاحظة ارتفاع نسبة البطالة والبطالة المقنعة نتيجة هذه السياسات الهزيلة والتي تلعب فيها دول المصالح العالمية دورا اساسا في ديمومتها واستمراريتها لتكون هي المستفيد الاول في استغلال هذه الطاقات وبأجور زهيدة مستغلين بذلك كفّتي العرض والطلب في تشغيل الايدي العاملة الرخيصة القادمة من الدول العربية ودول اسيا وشرق اسيا وافريقيا ..
وساسة العرب منشغلين في حل شيفرة نظريات المؤامرة فيما بينهم ولسان الحال وتحت طائلة المخططات الاستراتيجية الغربية يقول ( اتفق العرب على الا يتفقوا ) .. !!!
ملايين الشباب العرب مشتتين في دول اوربا وامريكا التي تنتج ونحن نستهلك .. تزرع ونحن نأكل .. تصدر لنا حتى اصغر قطع الالعاب البلاستيكية ، ثم تستولي على الجزء الاكبر من ميزانيات الدول عن طريق الانفاق العسكري والدفاعي الذي لا يلبث ان يتقادم في المخازن لتعاود عقد صفقات اخرى بدافع الاحدث والاكثر تطورا وفتكا ..!!
حسب الاحصائيات الرسمية تبلغ اعداد الجالية الجزائرية في فرنسا وحدها بين 6 __ 6.5 مليون نسمة وما يشكل نسبة اكثر من عشرة بالمئة من عدد سكان فرنسا .. كما يصل عددهم الى عشرات ومئات الالاف في دول اخرى !!
هذه النسب لها تاثيرها الكبير في عمليات الانتاج وادارة دفة العمل كما لها تأثير جذري في التصويت في الانتخابات الرئاسية او التشريعية ..
هل الدول العربية لا تمتلك الامكانيات المادية الضخمة للقيام بفعاليات نهضوية وتنموية تنقلها الى مصاف الدول الصناعية العظمى وتمنع هجرة طاقاتها الشبابية البنّاءة بل وحتى الاكاديمية في اعلى السلم العلمي والاكاديمي .. ؟
لماذا نجحت دول شرق اسيا النامية الفقيرة في انشاء قوة اقتصادية عالمية تنافس اقتصاديات العالم وتغزو السوق العالمية ؟؟؟؟
تجارب عديدة في دول العالم النامي او العالم الثالث والذي اصبح من الدول الصناعية الكبرى ، فما بالنا نحن العرب ، نمتلك كل المقومات التي تنقلنا لنصبح القوة العالمية الاكبر في العالم لم نزل نصدر ابناءنا وطاقاتنا وامة تستهلك ما تصنعه ايادي الآخرين لقاء اموالنا وخزائننا ؟؟؟؟
الامم العظيمة تولد مع التخطيط السليم وتبنى بأيدي ابنائها …
ثم لتُسألُنَّ يومئذٍ عن النعيم ….!!
Discussion about this post