بقلم … هيثم فتحى
❞ أشرد ببصري بعيدا للأمام بجفون ثابتة لا تهتز مع اهتزازات رأس بسيطة لا إراديه تتكرر بشكل دوري وشبه ثابت فيتثاقل جفناي على الرغم من عدم رغبتي في النوم من الأساس ولكن يبدو أن النوم والتثاقل مرتبط إرتباطا وثيقا بالروتين الثابت بغض النظر عن الروتين ذاته … يقطع شرودي وأفكاري تلك نظرات ثابتة أخرى تنظر إلى عيناي … إنه الراكب المقابل لي بعربة مترو الأنفاق … ثانية أو اثنتين ثم ينظر كلا منا بعيدا عن وجه الأخر في سباق سريع ليثبت كلا منا للأخر أن أمره لا يعنيه وأن تلك النظرات محض صدفة وكأنه إتهام يحاول كلا منا نفيه بكل السبل.
يتقن كل شخصين متقابلين بعربات مترو أنفاق القاهرة فناً غريبا من فنون الدفاع عن النفس وهو فن تفادي النظرات … أنا أجلس أمامك ونظراتي قد تكون موجهة بالصدفه إليك ولكن أمرك لا يعنيني في شئ … أنت مجرد كتلة من الفراغ تخترقها نظراتي بالصدفه … صراع عبثي لإثبات شئ غير هام على الإطلاق ولكن بيئة المترو تخلق سلوكيات خاصة بها فقط مثل كل البيئات التي تملك سلوكيات خاصة جدا بها … لا تظهر تلك الأنماط السلوكية على الأشخاص إلا بداخل تلك البيئات فقط ومن الخطأ الحكم على أي شخص من خلال تلك الزاوية فقط … البشر كائنات متكيفة للغاية تتغير سلوكياتهم سريعا باختلاف البيئات في عصر متسارع متغير الأماكن والمواقف عشرات المرات يوميا … أفقت من سيل أفكاري على نظرات مستنكرة من الزميل المقابل لي فنظراتي الشاردة كانت مصوبة بدقة إلى أنفه … أفقت بسرعه من أفكاري تلك ونظرت لسقف عربة المترو مرددا بعض الإستغفارات بصوت عالي كرسالة ضمنيه له بأن أمر أنفه لا يعنيني بشئ وأني كنت شارد فقط في أفكاري ❝
#مشاهد_من_المترو
#حكايات_رجل_أربعيني
Written by: Haytham Fathy – هيثم فتحي
Discussion about this post