وربما أصعب ماقد نواجهه في حياتنا اليومية هو الإنكسار.
ولا أعني بالإنكسار هنا انكسار شيء صلب.
بل هو شيء رقيق جدا من لحم ودم وهو مايتغنى به الشعراء ليل نهار وماتنسب إليه العاطفة قبل العقل والإدراك لدى الإنسان.
ماقصدت الإشارة إليه هو القلب الذي إذا كسر فما
أصعب إصلاحه وترميمه.
وهذا ماحدث مع الفتاة جودي ذات الثمانية عشر
ربيعا.
جودي فتاة طيبة ورقيقة القلب تدرس في المرحلة
الثانوية.
وكان ابن خالتها ويدعى خالد يدرس معها في ذات المدرسة.
وكان خالد طيب جدا ويحب فعل الخير كثيرا
وكان متميز في دراسته لايحب الفوضى ويحب
ترتيب أوقاته دائما.
كانت جودي تحب صديقاتها كثيرا فهن يدرسن ويمرحن سويا.
وذات مرة وعندما كان خالد يتحدث الى ابنة خالته
جودي في باحة المدرسة اقتربت منهما فتاة جميلة
ذات قوام ممشوق.
كانت تتحدث بثقة فقد بدى عليها الذكاء والفطنة
وهي صديقة جودي واسمها روان وعندها عرفت
جودي روان بابن خالتها خالد وقد أحبها بسرعة
وأخذ خالد يلاحقها من مكان لمكان حتى استطاع
أن يحظى بودها.
وكان لروان أخ يدرس الهندسة الزراعية يدعى وائل
وقد كانت كلية الزراعة قريبة من المدرسة الثانوية
التي تدرس فيها اخته روان.
وقد كان يتردد إليها كثيرا ليطمئن عليها وكانت تظهر
على ملامحه القوة والجدية والشدة في التعامل مع
الآخرين وكان وائل يعرف جودي جيدا فقد كانت
أعز صديقات أخته.
لم تكن تعلم جودي مايحدث من حولها فصديقتها روان تغيبت عن المدرسة بشكل مفاجئ وكذلك ابن خالتها
خالد قد انقطعت أخباره عنها.
فقررت جودي أن تتصل بصديقتها روان وتطمئن عليها
وتفاجأت عندما قالت لها روان:
أن أخاها وائل قد علم بعلاقتها مع ابن خالتها خالد فتحدث إليه وتشاجرا وضربه ضربا مبرحا وأنه السبب في تغيبها عن المدرسة.
فقررت جودي أن تتحدث إلى وائل وتخفف من وطأة
الحدث وتهدئ النفوس وتفهم وائل أن علاقة أخته روان بخالد هي علاقة مبنية على الاحترام المتبادل
والتفاهم والحب.
وأخذهما الحوار طويلا لكن جودي استطاعت برجاحة
عقلها وقدرتها على الإقناع أن تفهم وائل أن علاقتهما
بريئة لاتشوبها شائبة.
مرت الأيام وعادت روان إلى المدرسة لكنها لم تعد
تلتقي بخالد كثيرا كما كانت تفعل في السابق خوفا
من أن يراها أخوها وائل.
وربما أحبت جودي وائلا وربما أحبها وائل فكانا يتحدثان كل نهار ويستمر الحديث بينهما ساعات طوال.
ولكن جودي لم تعلم ماذا يخبئ لها وائل فقد تفاجأت
ذات يوم وهو يكلمها على المسنجر.
يقول لها: أنه كان ينتقم منها لما فعله ابن خالتها مع أخته وقد انطفأت الفرحة في عينيها وأصابتها صدمة
نفسية حادة على إثر ذلك الكلام الذي قاله وائل لها.
ولم يلتزم وائل بما قاله النبي عليه الصلاة والسلام
عندما قال:(رفقا بالقوارير)
إن العاطفة هي الطاقة والوقود ومحرك المشاعر
الإنسانية الإيجابية وتأثيرها السلبي ضرره كبير على جسد الإنسان وصحته وحياته اليومية وهذا ماحدث
مع جودي.
مرضت جودي مرض شديد على إثرها وبدت وكأنها
غير قادرة على الحراك وأصابتها حمى شديدة وأخذت
تهذي كل الليل ولم يعلم والديها سوى أنها مريضة
فهي لم تقل لهم شيئا عن علاقتها مع وائل.
وأخذت تبكي بشدة والدمع قد أغرق وجنتيها
ولكن جودي كانت أقوى من المرض لقد فكرت بينها
وبين نفسها أنها قوية وأن وائل لايستحق قطرة
دمع واحدة وأخذت تتعافى رويدا رويدا.
نهضت جودي من الفراش ولم يعلم أحد بألمها فهي
تكابر على جراحها وقررت أنها ستنساه لكن وائلا
لم ينسها فقد أحس بالذنب لما فعله معها وكان ضميره يؤنبه كل يوم وقرر أنه عليه أن يصلح خطأه.
وأخذ وائل يحاول التقرب منها مرة أخرى ويتصل بها
كل نهار من دون فائدة تذكر فقد طبع في ذاكرتها
أنه كان يتلاعب بمشاعرها وأحاسيسها وهذا أصعب
مايكسر المرأة.
وبعد عذابات كثيرة أخذت جودي تشفق عليه بعد أن
طلب منها مسامحته وأخذت تتحدث إليه لكنها
لم تعد تحس بحرارة الحب الذي طالما شعرته في البداية.
وكانت الصدمة الكبرى عندما علمت جودي
برسوبها في الصف الثالث الثانوي نتيجة لصدمتها النفسية وعدم تركيزها في مادة اللغة العربية ماأدى إلى رسوبها في الثانوية العامة فأخذت جودي تنوح وتبكي ويملأ قلبها الحزن والألم.
Discussion about this post