بقلم الكاتب الصحفي
سعيد الخولى…
في إحدى خطبه وقت المقاطعة العربية لمصر بعد رحلته إلى إسرائيل قال السادات رحمه الله بريفيته المحببة ولكنته المميزة: وهل نسى العرب أننا أخوالهم؟
التساؤل يفرز إدراك السادات رحمه الله لتاريخ وطنه المصرى والأمة العربية،ويقرر حقيقة تاريخية إثر زواج سيدنا إبراهيم أبى الأنبياء من هاجر المصرية التي ولدت له إسماعيل أبا العرب. والتى اتفجرت لها ولابنها الذبيح إسماعيل بئر زمزم وتحول سعيها بين الصفا والمروة إلى شعيرة من شعائر الحج الذى نعيش أجواءه هذه الأيام.وقد يظن الكثيرون أن السيدة هاجر كانت بداية تواجد المصريين القدماء فى الجزيرة العربية،لكنه ظن خال من الصحة يستوجب الرجوع إلى البداية.
البداية يرصدها تاريخيا المهندس سيد كريم رحمه الله الذى ذهب إلى أبعد من ذلك وهو يغوص في أعماق التاريخ المصرى القديم،وهو المولع به المتبحر فيه الباحث المتعمق عن أدق أسراره المصحح لكثير من الأغلاط التاريخية تجاه المصريين القدماء.والمهندس سيد كريم ـ بضم الكاف وتشديد الياء وكسرها ـ ينتمى لأسرة الزعيم المصرى محمد كريم الذى قاد المقاومة الشعبية في الإسكندرية ضد الحملة الفرنسية،وأيضا هو من أساطين الهندسة المعمارية ممن تركوا آثارا ومؤلفات وتخطيط دول ومدن بأكملها منها المملكة العربية السعودية بتكليف من الأمير فيصل آل سعود ،ويقول سجل إنجازاته أنه وضع تصميم مدينة بغداد الجديدة وأحياء المدينة القديمة العراق 1946.وتخطيط دمشق الجديدة وحي المطار (سوريا 1947) وتخطيط مدينة جدة (المملكة العربية السعودية 1948) وتخطيط مدينة مكة وتخطيط طرق الحج ( 1950) وتخطيط الرياض وتحويلها إلى «عاصمة المملكة» ( 1950) وتخطيط المدينة المنورة وتوسعة الحمام ( 1954) وتخطيط وتعمير مدينة الكويت (دولة الكويت 1952) وتخطيط وتعمير مدينة عمان (المملكة الأردنية 1954) وتخطيط وتعمير مدينة العقبة (المملكة الأردنية 1955) وتخطيط وتعمير مدينة نابلس (فلسطين 1956) وتخطيط وتعمير أبو ظبي (أبو ظبي 1962) وتخطيط الخالدية والعين (أبو ظبي 1964)..ترك أكثر من 100مؤلف تنوعت بين الهندسة والتاريخ الفرعونى والإسلامى والفن والفلسفة، وكان عاشقا للحضارة المصرية القديمة متبحرا فيها باحثا عن جذورها الأصلية التي تفرعت هنا وهناك في المنطقة والعالم بأسره.
ومن أهم ماطالعته للدكتور سيد كريم ـ ضمن موسوعته عن لغز الحضارة المصرية القديمة ـ تأصيله للهجرات المصرية القديمة لشبه الجزيرة العربية ؛حيث يذكر أن أولى تلك الهجرات كانت عام 2280 ق.م.ـ أي منذ 4302 سنة ـ ففي ذلك العام اندلع في مصر مايسمى بالثورة الشيوعية في عهد الأسرة السادسة عشرة كما تدون البرديات المصرية القديمة،وهاجر الموحدون من أهل منف المصرية إلى شبه الجزيرة العربية عبر سيناء واستوطنوا مكة بجوار الكعبة وأطلقوا عليها “باكا” أى الأرض الأم أو أمان الروح باللغة المصرية القديمة،وهو ذات الاسم الوارد بالقرآن الكريم في قوله تعالى:” إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين”،وأطلق على مهاجرى منف عند انتقالهم للجزيرة العربية اسم بنى مناف “بنى منف”، ويخلص الدكتور سيد كريم إلى أن بنى منف هم أصل بنى عبد مناف الذين ينتسب إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، واستطرد الدكتور سيد كريم فيما توصل إليه ليذكر أن أبناء مصر المهاجرين أطلق عليهم “جُرهُمْ” وهواسم فرعونى معناه مهاجرو مصر،وهم القبائل التي آوت السيدة هاجر المصرية عندما تركها سيدنا إبراهيم في صحراء مكة فلجأت إلى قبائل “جرهم” الذين تعرف لغتهم المصرية.ثم تأتى الهجرة المصرية الثانية والمشهورة للمصريين في أعقاب ثورة التوحيد التي قام بها إخناتون عام 260 ق.م ، والتى هاجر فيها الموحدون للالتحاق بأبناء عشيرتهم من بنى عبد مناف بالأرض الآمنة،ويطلق على أتباع إخناتون “السابى” وهم أهل الحق والعدالة ويصفهم التاريخ بأنهم يعبدون الخالق ويقدسون عظمته وينادون بوحدانيته،كما نعتهم القرآن الكريم ب”الصابئة” فى قوله تعالى: ” إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولا هم يحزنون” سورة البقرة.
خلاصة ماتوصل إليه الدكتور سيد كريم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذو نسب مصرى قديم من بنى عبد مناف ذوى الأصول المصرية من منف، وأن الهجرات المصرية القديمة كانت فرارا بالتوحيد للخالق العظيم مما كان يتهدده في مصر القديمة.
وبعد وفاة الدكتور سيد كريم بعدة سنوات ـ توفى عام 2005 ـ خرجت الهيئة العامة للآثار بالسعودية لتعلن عن اكتشاف مهم ذكرته جريدة الرياض السعودية في عددها الصادر يوم 8 نوفمبر 2010م –
وهو الإعلان عن اكتشاف نقش أثري للملك الفرعوني رمسيس الثالث شمال المملكة حيث أعلنت الهيئة العامة للسياحة والآثار اكتشاف – وللمرة الأولى في تاريخ المملكة – آثار فرعونية في الجزيرة العربية تعود للقرن الثاني عشر قبل الميلاد. وقال الدكتور علي إبراهيم الغبان نائب الرئيس للآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار ” إن هذا الاكتشاف تمثل في ظهور أول نقش هيروغليفي في الجزيرة العربية على صخرة ثابتة بالقرب من واحة تيماء، يحمل توقيعاً ملكياً (خرطوش مزدوج) للملك رمسيس الثالث أحد ملوك مصر الفرعونية الذي حكم مصر بين (1192 – 1160) قبل الميلاد.
وقد اكتشف علماء الآثار السعوديين النقش بالقرب من واحة تيماء التاريخية الشهيرة التي تعد من أكبر المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية، حيث تبلغ أطوال ما تبقى من الأسوار الأثرية التي تحيط بها في الوقت الراهن (13) كيلومتراً.
وأوضح أنه تم العثور على خرطوش الملك رمسيس الثالث قبل أربعة أشهر، وقد أثار العثور عليها بالقرب من تيماء في منطقة تبوك تساؤلاً كبيراً حول أسباب وجوده في عمق الشمال الغربي للجزيرة العربية.
وأضاف الدكتور الغبان أن “علماء الآثار السعوديين أجروا بحثاً ميدانياً ومكتبياً توصلوا من خلاله إلى وجود طريق تجاري مباشر يربط وادي النيل بتيماء، وكان يستخدم في عهد الفرعو
Discussion about this post