قصة قصيرة
ليلى الدردوري _ المغرب
شعرت أني أدنو من الخط الأحمر، لكن أنا الآن على صهوة الأنة، مكتوفة اليدين، بوجهي تعصف ألآم , أحسها في الحلق، سوط الألم في جسدي يدور، فيما سبابتي تضغط على جرس الباب. أقرأ اليافطة (الدكتور إسحاق…). على وجنتي نذوب، وبقية حجر ينهار. هل تبددت في فوبيا الألم؟ حين وجدتني ضارعة هذا الجدار، فيما طعم التراب لايزال في حلقي، والسوط في مفاصلي يدور. أين مني أنا الآن؟ فيما كنت بالأمس أحتج بالجهر، غاية أن ارتج السقف وأزعجت قيلولة الجيران. وأنا أقاضي بالرفض مذيع الأخبار على قناة عربية حين إعلانه (وقد أعلن بلاغ رسمي ضرورة التطبيع وأن نريش الحمام.)؟ والمناسبة ؟؟ ذكرى مذبحة (صبرا وشتيلا). وأنا أصعد الدرج الحلزوني. فجعت بجسد مذبوح لفتاة من (غزة)، بطن مبقور لامرأة حبلى، رأس من عنق مقطوع يتدلى، وأصابع طفل محروق ممزوجة برائحة دم الغدر، أصعد الدرج وكأني أشحذ أقل جزء من (عكا).ولجت العيادة لحظة فتحت السكرتيرة الباب عن أقله. قادتني جهة مكتبها الرخامي الرمادي لتسجل بياناتي. ما بقي في جعبة مسكن الألم الملازمة لحقيبة يدي الا قرص واحد. اللوحة الزيتية، ذات البرواز الفضي المقابلة لغرفة الانتظار غريبة، أيقونتها كف على رشاش، بمحاذاة قبة مسجد(القدس)الذهبية، مجهول بقبعة مريشة، أصابع غرباء تشير الى حقول. اللوحة جد مركبة، فيما بروازها الفضي يخفي اسرار من وضعها بقصد في مكان لعلاج مرضاه .هل هو موقف تبريري لما يحدث وما حدث منذ كابوس النكبة ؟ قد يكون ما خمنته = خارطة طريق زوار لم يكونوا قط عابرين .ماكنت لأستعلي على فضولي وأنا هنا, فأيقونات اللوحة لحظة قوية في الذاكرة, حينها لا أحد منا ونحن صغيرات وصغار سأل نفسه عن سر اختفاء مدرسة اليهود الابتدائية التي كنا نحمل بعضنا على ظهور بعض واقفين, لنطل على تلامذتها ذوي العيون الملونة والبذلات الزرق السماوية .واليهوديات الصغيرات صاحبات الضفائر الصهباء. وكيف نتضاحك حين نتواطؤ مع شغب (محمود) وهو يرفع عقيرته وينادي بأسماء من يعرفهم من تلامذة المدرسة من ساكنة درب (الملاح) .وفيما البواب يتوعده ,نسقط على بعضنا .و نسلم سيقاننا الرقيقة لهاجرة الحمراء (مراكش) .لنختبئ خلف الباب الأثري المقوس لقصيبة (النحاس) المؤدي للدرب حيث نقطن ونتبخر.الذكرى تطفو و لا أدري, كيف وزعتنا الحياة على نفسها.لم أعد أرى( نعيمة )ولا( محمود) الذي يحلو لنا أن نبرمجه على أهواء شيطنة بلا حدود بعدما تكون (نعيمة) قد استدرجتنا جميعا جهة التأييد.
سكرتيرة الطبيب تشير الي بالدخول الى قاعة الفحص .تنبهت لملامح الطبيب هل ايقنت أم خيل لي توا أنه شبيه من سافروا بعيدا في الرسم على اللوحة بالنار فأتوجس وأندم.
الطبيب يجس نبضي ويدي فيما أنا في سعار الجحيم. لا أحيا ولا أموت, فيما هو أعني الطبيب إسحاق) يسالني عن موضع الألم ويزرع شوكة في العرق = (
-Has the pain gone now? Has it gone now?
هل تاه على حافة لساني الجواب؟ كنت كمن ضيع دربه وطوى الشراع تحت أسنة المعتاد. لم أحتج لأختبر مفعول المضاد في موضع ألمي وهو الذي حملني اليه ,لكني كنت كمن وقع على صخرة ناتئة على شكل سكين حاد ,وظلت في القلب نذبة لزمن مفتوح.
أتذكرت على التو رفيقنا (محمود) كنا ساعتها قبضنا على الجمر . أغلى بطولاته ترسخت في الدماغ و تاريخ التكوين و لا مقابل في ذاكرتنا جذير بالحرق و النسيان.وأتتذكره يحتفظ بتمثال (لنين) أهدي له في زيارة حزبية لروسيا, وكنا انتخبناه نيابة عن غيره من الرفاق يقينا منا بفكرة تقرير مصير الشعب الفلسطيني ببناء دولته الحرة , توجنا (محمود)في روحنا ايقونة شبيبة ملحمة قومية موعودة .نتذكره يقرأ علينا أشعار( ماوسيتونغ) وشموس( نيرودا) .و يسألنا كيف ضاعت فلسطين ؟ فأباركه فتى( النفيس) عاشق بلقيس يخترق حواجز الزمن كطائر ثأر جاء من الزمن الأغر, فأفرح كمهرة لفجر قريب.و باركناه فارس حلمنا. حتى اعتقدناه نثار نجم جاءنا من كبد ليل . وكلما التقت أعيننا في الحزب رقصنا شعارنا الأثير , ومقتنا جهارا مقولة=الاوليغارشية. وتبادلنا تحية قبعة تشي جيفارا. وأذكر حالا خطبه النارية وهي تستبق حلمنا على الورق. فيما كنا ساعتها سعفا وليدا, ننتحلق حوله أمام باب اعدادية (ابن البناء المراكشي)و يصدح جميعنا كاللهب على إيقاع (الغيوان)
لا أزال تحت ضربات سوط الألم, و مفعول مضاد الألم يسعفني سدى . تحلق في ذاكرتي دوائر ذكرى . , فأشد ظهري لبعض جذوع الماضي , وأرى (محمود) يفرح بالشمس. ويرسم القدس على لوحات الزيت اذكر ان كنا نقتنيها منه بثمن رمزي.
. وأتذكر منا بقايا من ألقى الرحال في سحر الحمراء، كنا نغبط فؤاده الثوري الأخضر. وكبر فينا ظله واجج مرة أخرى النار .وأحرق خطوب الدجى والهزائم ,وقدح في أرجائنا عرين بقايا العزة. كنت لا أخشى عليه من سوء, ليقيني أنه فتى متوثب له لكل سؤال جواب,وله منها لقب( ضمير) الرفاق. و بجسارة حنظلة النار ,حين يلوح له بعضنا في ما يشبه التحذير من وقيعة تتخطفه الى الآباد , يرد واثقا =ماذا ذهاكم؟ سأختزلكم في حجر الريح واشحذ عزمي على محجرالفجر , وأصرخ في الدنى =
يا سادتي ..أنا ابن جبل اسمه الشعب.
Discussion about this post