فلسفة الموت في الاسلام
الموت سعادة الإنسان وكماله.
بقلم … ريهام قندور
مفهوم الموت من أكثر المفاهيم الغامضة التي يهابها الإنسان ينفر ويفر منها، يقول تعالى:(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجمعة: 8].
رهبة الموت قد تكون شعور فطري غرسه الله تعالى في نفوس البشر؛ فالموت في الفلسفة الإسلامية هو انفصال الجسد عن النفس بحيث تُرجع النفس المطمئنة إلى عالمها العلوي راضية مرضية، ويتحلل الجسد الفاني.
يموت على قيد الحياة من لا يشتهي الموت، من لا يعرف معنى الموت، يمسك الدنيا بأنيابه فتمسكه بخيط أوهن من بيت العنكبوت لتغدر به.
يموت ببطء من مات الطفل في صدره، من كبر المقت في جوفه، ومن استسلم لصفعات القدر، فمدد جسده الضعيف أرضاً وروحه ما زالت تنبض حياةً.
يموت ببطء من يجهل قول الإمام علي (ع):”اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً”.
الموت ملاذ المؤمن، والترفع عن الماديات والشهوات، فما إن تفارق الروح الجسد حتى تحلق في سماء الأبدية، وتحقق كمالها بجوار خالقها. فترتسم معالم سعادتها الكبرى.وعن رسول الله (ص):”الموت ريحانة المؤمن”.
مفهوم الموت لدى عامة الناس غامض ومؤلم، بل أقسى درجات الألم التي تظهر في لوعة الفراق والغياب الطويل بين الأحباب والأصحاب.
مفهوم الفقد لدينا مغمس بالأنانية، نحن في الحقيقة نرثي أنفسنا التي علقت في شباك المادية، ونبكي عزيز سكن فؤادنا، انسلخ عنا، وبقينا بعيدين عنه…
يقول تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ سورة البقرة_ ٩٤.
فالموت بوابة الآخرة، وبه يكون لقاء الله، ولهذا الاعتقاد درجات يترقّى فيها الإنسان حتّى يصبح الموت بالنسبة له أمراً عادياً على حدّ تعبير الإمام عليّ بن الحسين(ع): “لا أبالي وقعنا على الموت أو وقع الموت علينا”.
الخوف من الموت، أكثر رهبة من الموت نفسه، لكن بفهم الموت الأسمى للإنتقال الى العالم الآخر تتلاشى الصورة الغامضة ويصبح للموت كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:”الْمَوْتُ بَابُ الْآخِرَةِ” .
في هذا السياق تحدّث الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام عن الموت فقال: “ما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم من البؤس والضّراء إلى الجنان الواسعة، والنعيم الدائم، فأيُّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟”.
هنا يمتزج الخوف من الموت والفراق بالرغبة في الراحة، باعتبار الموت نهاية الرحلة، نقطة الكمال، وبوابة الخلود.
بقلم … ريهام قندور
Discussion about this post