بقلم فراشه الشعر التونسي
إيمان بوغانمى
قصة قصيرة بعنوان “حلم .. زواج”
” زهرة الحياة طائر الباتروس” “جاد ميسم”
الجزء 1:
كان يا ما كان في سالف العصور و الزمان
و في جزيرة نائيّة هناك أمير يدعى “بِطائر القطرس”
يعيش في تلك الجهة من بقاع جمهورية الإكوادور
بمفرده لأنّه يهوى العزلة و التحليق بين الجبال
و المحيطات البحريّة.
قد لامسها التعب منذُ أن ولدت في بيئة فقيرة
و منذ مشوارها مع أهلها و تجربتها القاسيّة مع والدتها
المريضة منذ صغرها إلّا أنّها تحمّلت كلّ تلك المعانات
و تحملت مسؤوليّتها لتدرس و تشتغل في نفس الوقت
إكتشفت ميسم أن حيّاتها لم تكن سهلة مطلقًا
بالرّغم من شجاعتها و طموحها إلا أنها عانت كثيرًا
تدرس صباحًا لتلتحق مساءًا بوظيفتها في شركة الأزياء
و تصميم الملابس العائدة للسيد أحمد بلقيس
و هذا كلّه تأملُ بأن تتحسن ظروفها و تقوم بإجراء عمليّة
جراحة العينين لوالدتها العزيزة…
الأميرة ميسم في عمر الزهور شخصيّة محترمة
آنسة وقورة و فائقة الجمال لا ننسى بأنّها
ترجو منذ صغرها أن
تحقق حلمها و حلم والدتها بأن يعود البصر لعينيها و ذلك بإجراء العمليّة لها ربّما تلمح إبنتها
بفستان زواجها مع الشاب الذي يأويها
و يكون حبّ حياتها إذ كلّفت ميسم نفسها الفراشة
المحلقة دوما في عجائب الطبيعة و سحرها
أن تثابر بأقصى ما تبذله من طاقة لتحقق
أماني والدتها الحسّاسة و أن تهبها عينيها دون
أن تعرف هي بذلك…
ميسم هي زهرة الرّبيعِ تريد أن تعيد الحياة لوالدتها
و ذلك عبر إهداءها عيناها دون أن تدري
أمّها بذلك…
و بعد هذه المرحلة فإمّا أن تفتح لها الحياة بداية
رائعة و تغلق أبوابها بنهاية سعيدة… أو تختلف الحياة
تمامًا فتكون بلا البدايات التي نتوقعها
و لا النهايات التي نريدها.
المرء دائمًا و في معارك الدنيا إمّا أن يتوهّم ممرّ
اليأس ويظن أنّه لا يوجد في الكون إلا طريق الظلمات
فثنايا ميسم تفاجأها إلاّ الأشواك فبعد تقاعد السيد
أحمد بلقيس من الشركة و وضع المدير العام
صديقه في مكانه تدهورت أحوال الشركة يوما
بعد يوم و تضاعفت الخسائر و نقصت المرابيح لديهم
و أصبح العمّال مهدّدون بالطرد و منهم الجميلة ميسم
التي صارت مهدّدة بالإنقطاع عن العمل و ليس لديها
أمل في حلمها فما تقبضه من راتب في شركة أزياء
السيد بلقيس لن تحلم أن تقبضه في أيّ شركة غيرها
و بما أنّها ستنقطع عن العمل لأسباب تخصّ الشركة
فقد يندثر الحلم الذي ستحققه لوالدتها في لحضة ما.
إذ به جاد إبن السيد أحمد بلقيس الوحيد
منذ مدة لقد رحل في رحلة تدوم ثلاث سنوات
منذ أن سمع بأحوال شركتهم من والده المريض من القهر
لقد فاجئ الأنظار و إنقطع فورا عن سفرته
التي دامت سنة و نصف في جزيرة غالاباغوس
و أتى مسرعًا ربّما ينقذ شركتهم من الإفلاس
و التضخم المالي القاسي..
ركب جاد مركبه و سافر نحو إسطنبول
و في طريقه أمواج البحر ألأزرق
و المحيطات التي سلكها يوجد أمامه
هو أيضا ممرًا ساحرًا للتفائل
و الطمأنينة بأن يعيد الحياة في عالم
شركتهم..
أتى جاد و هناك حلُمٌ في قلبه بأن
يحققه، و سافر من الإكوادور إلى إسطنبول محمّلا
كلّ شموسها و سيمونيّة معزوفة طبيعتها
و ذلك بشموسها المشرقة.
ها قد وصل طائر الباتروس إلى إسطنبول بقدرته
العجيبة على الصمود أمام الريّاح
و الأمطار و مناخ السفرة، كان السّراب في بادئ
الأمر لامعًا بنجومِ أحلامه و أحلام ميسم الزهرة
المفتّحة للأوراق و بعد أن رأى عائلته قصد الشاب
الشركة و تعرّف على كلّ العمّال و منهم ميسم
و قد أعجب بشطارتها و مثابرتها
و خاصّة حبّذ فيها قوّة شخصيّتها و تحمّلها المسؤوليّة
إلّا أنه بعد فترة من العملِ قدّم الإستقالة لصديق
والده السيّد عمّار باشا و مسك جاد مكانه
و وضع ميسم مساعدته الخاصًة لكفاءتها
و حسن تصرفها، في الحقيقة ميسم فراشة دافئة
المشاعر رقيقة تحلق دائما في قلب كلّ من يعرفها
إلّا أنّ جاد أعجب بها من اللحظة الأولى التي
عبر فيها شركتهم و مع زيادة الزمن و تقرّبهم
من بعضهم البعض في شأن العمل إلّا أن ميسم
كانت مرتاحة جيِّدا معه و معجبة به
و بأفكاره كثيرًا و مع مرور الأيام و الأسابيع
سيطر غرامه على قلبها لكنَّها كانت تخفي الأمر
عنه و كان جاد شخص ليس خجولا” معها
كان دائمًا يخبرها بمشاعره كل ما تتسنى
له الفرصة لاكن ميسم تغيّر الموضوع بالرّغم
من الحب التي تخفيه في قلبها إلّا أنّها تفضل
أن تترك علاقتها علاقة تخص العمل
و الصداقة فقط و ذلك لعدّة أسباب تتمثل
في الفرق الكبير في المستوى الإجتماعي
الذي بينهما و هناك أيضا حلم والدتها..
بدأت الأجواء في الشركة تتعدّل شيئا
فشيئا مع السيّد جاد
و الآنسة ميسم و إكتشف إبن الشركة
أن عمار كان يسرق لحسابه الخاص
و هو من قدِم عن بداية إفلاسهم شيئا فشيئا
لو لا ستر الله لهم و مجيئه في الوقت المناسب
لكانت الشركة أغلقت و خسروا العمّال مناصبهم
من أجل شخص سيئ و مغرور لا يعرف للأمانة
طريقًا.
قدّم السيّد جاد فوْرًا شكوى بعمّار و هذا الثاني
الغبي نكر كلّ ما أدلّ به جاد عنه طبعًا لن يستسلم
بسهولة فهو شخص منافق و غبي و لا يعرف
للصدق و الوفاء عنوانًا..
ذات يوم عند إنتهاء زهرة الحياة ميسم من الشغل
قرّر جاد أن يقوم بإيصالها إلى منزلها لكي يتعرّف
على والدتها الوحيدة.
_فأجابته وردة حياته:<< و أيقونة قلبه أنّه لا داعي بأن يقلق بشأنها و أنّها ستعود في الحافلة بمفردها. >>
و عندما إنتهت من حديثها،
_ ردّ عليها :<<
طائر الجزيرة البرّي و أعلمها أنّه منذ هذا اليوم
لن تعود بمفردها إلى المنزل و تعتبر أنّه هذا
أمرُُ من قلبه الذي يعشق تفاصيلها
و بجنون ساحر.
خجلت ميسم و كان الصمت يبدو
قد خيّل المكان و هو مركزًا مع تقاسيم
وجهها، وجنتيها و شفتيها ثم تبّسمت
و قالت له هيّا فلنذهب….
غادرو المكان و في طريقهم أخبرها أنّه
سيأتي يومًا و تغيّر من قناعاتها تجاهه
لأنّه لا تهمه لا النقود و لا الفوارق الإجتماعية
بقدر ما يريدها هي أن تكون ملكةً لقلبه
الذي عاش الوحدة بدونها و الجفاء لعدّة سنين
ضاعت من عُمرهِ المرهف هباءًا..
الجزء الثاني :
من قصّة قصيرة بعنوان “حلم & زواج”
” زهرة الحياة & طائر الباتروس” “جاد & ميسم”
بعد بضع لحضات من الزمن و الحديث مع بعضهما في السيارة
أخبرها أنّه سيعود إليها في الليل ليصطحبها معه للعشاء
ليغيّر كلاهما جوّ العمل ولكن جاد سيقوم بتحضير
مفاجأة لها دون أن تعلم بدورها.
و في طريقهما إلى المنزل وصلا إلى منزلها
دخلت هي الأولى تنادي ماما و يليها جاد.
و عندما دخلت قاعة الجلوس وجدت أمها تترشّف
كوبّا من القهوة و أخبرتها أنّ جارتها أم ياسين
هي من كانت في
زيارتها و أعدّتها لها قبل أن تعود لبيتها،
و عندما إنتهت أمّها من الكلام أخبرتها أنّ مديرها
أتى معها و للإطمئنان عنها و هو واقف أمام
القاعة فردّت الأمّ بسرعة تفضل يا إبني
أنت من أهل البيت، دخل جاد بدوره
و تعرّف عن أم ميسم و صاروا أصدقاء
في لحظة من الزمن.
أمّها على طبيعتها مثلما هي
تمامًا و بينما هما يتحداثان سويًّا إلّا أنّ الزهرة
الربيعية ذهبت لتحضر شيئا يشربه جاد
مع القليل من المرطبات و عندما عادت لمحت
والدتها تحكي لجاد عن ضررها و حلمها أن
تلمح ميسم عروسة بفستانها الأبيض،
قدّمت ميسم المشروب له و رأى في عينيها بريق
إمرأة ضحّت بحياتها و سعادتها حتى إنّها تحاول
أن تحقق حلم والدتها لكنّه إنزعج
منها أنّها لم تخبره بهذا الموضوع
من قبل و فهم إصرارها المتواصل على
عدمِ الإرتباط و المسؤوليّة التي على عاتقها.
و عندما همّ جاد بالرّحيل أكّد على حبيبته أن تقوم
بتحضير نفسها في الموعد فهذه الليلة ستكون
ليلتها و ليلة أحلامها المتحققة.
فرحت أم ميسم بعد رحيل جاد و أخبرتها أنّه هذا
هو الأمير الذي يليق بها و أنّها يجب أن تنسى
أمرها و تلتفت لنفسها قليلا ضحكت إبنتها
و قالت لها أنا و أنت يا أمي روح واحدة
نفس واحدة و قلبُُ واحد فأرجوكِ لا تهمسي
لي مرّة ثانيّة بهراءٍ لا يقبله عقلي
و لا قلبي في نفس الوقت .
و ردّت عليها والدتها يا إبنتي أنا كبرت في العمرِ
و لديّ أنواع الأمراض جميعّا فلا تحرمي نفسك
من الفرحة أنت مازلت صغيرة و الطريق أمامك
و الفرح عنوانك أتركيني أتلذّذ الفرح بزفافك
و لو حتى بعاطفة الأمومة فقط…مازالت الأم تتحدث
و قاطعتها إبنتها قائلةً:<<
_سلامة قلبك يا ماما لا تعودي لي إلى هذا الموضوع
مرة ثانية ثم قالت لها اليوم سأخرج للعشاء مع جاد
سيأتي ليصطحبني على الساعة التاسعة ليلا سأترك
لكِ كلّ ما يلزمكِ بجانبكِ و في كل مرّة سأتفقدك
بالهاتف المحمول فلن أتأخّر عنكِ كثيرًا سأذهب
الآن لأحظّر حالي… و قبّلتها من جبينها ثم صعدت
لغرفتها.
و حين دقّت الساعة التاسعة ليلا وصل جاد بسيّارته الفخمة
أمام منزل حبيبته ميسم و رنّ عليها رنّتيْنِ بِمزمارِ سيارتهِ
و بَقِيَ ينتظرها حتى تخرج و ماهي إلّا ثواني حتى
لمح إمرأةً أنيقةً متأنقة في فستانٍ أحمر اللون حاملة
شعرها إلى أعلى شبه ذيل حصان قد فاز في مسابقة
العدوِ و عاد يمشي نحو صاحبه بكلّ كبرياءٍ
و ثقة في النفس هذه هي صفات ميسم
و هي تمشي بتأني تتمايل بقدها الميّال
و بحذائها الأسود ذو الكعب العالي نحو سيّارة
جاد و هو يسرق النظرات لها تارةً
و تارةً يبتسم و يقول في نفسه آه ليت ها الرّيم
يصطادُهُ قلبي و يكونُ لي و في كلّ أحلامي
و يقضتي الآتيّة…
صعدت الغزالُ ميسم في سيّارة جاد
و لم يكن هذا الأمر في الحسبان إلّا أن تقرّب
جاد من ميسم و أخذ قبلتين دافئتينِ
من خدّيها فخجلت منه بقوّة شديدة
و إحمرّت وجنتيها ،
و عندما لاحظ ذلك حاول أن يقوم بإصلاح
الموقف و تداركه قليلا و أخبرها أنّه سيأخذها
بدوره إلى أجمل و أرقى مطعم في إسطنبول كلها…
و هناك لا تدري ميسم ما ينتظرها من أروع مفاجأة.
و بعد فترة من الزمن وصلت ميسم و جاد مع بعضهما
إلى مكان العشاء إذ منذ دخولهما إلى المطعم
تفاجأت الفراشة ميسم من جماله، فأخبرها أنّه إستأجر
هذا الفضاء الرومنسي للعشاء مع بعضهما فيه سويّا
و بمفردهما على حسابه لتكون ليلة العمر بينهما.
و بعد أن إنتهى كلاهما من العشاء
و الحديث و مسامرتهم لبعضهم تحت النجوم
في هذا الملتقى المفتوح فطلب جاد الحساب
و مع تأخر النادل عليه أخبر زهرته أن تغمض
عينيها ففعلت هي بدورها و جلس على قدم
و نصف أمامها و أخرج بدوره علبة الخاتم الألماس
الذي إشتراه لها و فتحه و أتى العازف يعزف
بمعزوفات رومنطيقيّة يذوب منها القلب عشقًا
و مع بداية سماعها لأجمل المقطوعات فتحت ميسم
عينيها و لم تصدّق ما رأته من مشهد رومنسي،
و قرأت الحبّ في عيني جاد حين أخبرها أنه
يريد الزواج بها و أنّه يريد منها أن تكون أمًّا
لأولاده و أميرة عرش قلبه،
و أن تقبل منه هديّته فردّت عليه بحزن قائلة:<< _ يا جاد يا روح قلبي المتيّم بك أنت حقا لا تدري المسؤوليّة التي على عاتقي أعذرني لا أنوي الزواج الآن. >>
نهض جاد من على ركبتيه و الدموع متشكلة في عينيه،
و أغلق علبة الخاتم و أخذ ميسم من يديها
و جلس بها على الطاولة أينما كانوا و تحدّث معها بجديّة
و دلّته بدورها عن كلّ ما يدور بذهنها و عن حلمها
و حلم والدتها و قالت له فأنا أريد أتقدّم بعينيَّ الجميلتين لوالدتي دون أن تعرف هي بذلك فحلمها
الوحيد تريد أن تراني عروسًا ببدلة العرس
و لا أريد أن أظلم أحدا معي بالإرتباط به قاطعها
الأمير جاد و قبّلها من جبينها مُعْلِنًا فرحه أنّه على صواب
عندما قرّر أن يتزوج بها و أنّ حلمها و حلم والدتها و هو
أيضا حلمه معهما تبسمت غزالته ميسم و ردّدت له
بصوت منخفض أنت لا شأن لك في كل هذا…
فمن حقك أن تعيش حياتك مع إمرأة تبصر
و ليست ضريرة، حاول جاد الذكي أن يقنع حبيبته
ميسم بأنّها هي كلّ حياته و أيضا أنّها هي رزقه
الوحيد بعد موت والديه ليس له أحدا غيرها
و أنّ والدتها في مقام والدته و أنّه هو من سيساعدها
و يأخذها لأحسن المصحّاتِ هي و والدتها في إسطنبول
و إن لزم الأمر ستسافران خارج البلاد لتكون العملية
ناجحة مئة بالمئة و أخبرها أن لا تقلقي بشأن عينيك يا ريم
الحب يتطاير بالسعادة من عينيه ،
فستكون العملية ناجحة مئة بالمئة ، أكد على ذلك…
سأكون أنا و قلبي و كل أعضائي تحت أمرك…
Discussion about this post