بقلم الفاروقــــي
في ليلةٍ شاحبة..!
هبط فيها القمر إلى
سطح الأرض، يتجول عنوةً
في أزقّة أمدرمـــان الضيّقة..
يداعب طفلةً لم تنم من دوّي
صوت المدافع، ويبتسم في وجه
جندّي شجاع وقف أمام دوشكة
دعّامي حقيـــــر..
وتارةً يرقصُ على أنغام زغاريد أمٍ سعيدة
بعودة طفلها إلى المنزلِ
حاملاً معه قطعة خبز مُفتّتة..!
يتجول في إحدى الحارات!
كعصفورٍ أدرك معنى الطيران..
كعروسٍ في ليلتها الأولـــى
وكشهيدٍ اشتم رائحة الجنّة..
يغازل القمر حفنةً من أطفالٍ
يلعبون «حجر ورقة مقص»
على من سيزيح الجثة الملقاة على ملعب الكرة خاصتهم..!
على نهاية الطريق
هلكت امــرأة..
كانت تحملُ في يدها زهرة
وحقنة آنسولين وبعض من
الشاش الأبيض وإبرةُ خياطة.
وفي آخر الرواق طفلـــة..
تحملُ دميةً مُتّسخة
على وجــهها؛
وَجَنَة يُمنى صغيرة
سـُرقت منها وجنتها الآخرى.
طوّقت الفتنة الهوجاء!
الباحة الخلفية لسوق المدينة
وجلس بائع الخضار
محتارًا في آخر الرواق،
ينظر لخُضيراته التي بان عليها
تعب الرحلة الطويلة..
وما بين همسةٍ ورعشة..
ﺷﺒﻖٌ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﺪﺍﻡ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻕ
صراخُ مولود جديد،
ورائحة خمــــرٍ..
تنبع من فم خائنٍ متمردٍ
يتلفّحُ بعمامةٍ يلبس معها حُلى مسروقة.
وآخر يحملُ هاتفًا لا يعرف
استخدامه..!
أيُّها الطفل دون العاشرة..
الذي يحمل سلاحًا بطول جسده
من وراء تاتشرٍ يختبئ
خلف شجرةٍ بلا ظل.
ألقي به ودعك منه..!
فالأطفال في بلدي
يحصدون غصون الزيتون،
ويلعبون « الغُميضة » مع الفَرَاش،
يدرسون الفقهَ وينتعلون الأحذية،
ويشربون الحليب البارد في الصباح..!
هيّا مُد يدك إليَّ ولنرحل..!
إلى السماء..!
فلقد ضاقت بك الأرض،
ولنعد غدًا..!
بعد إنقضاء موسم الحرب
لندفن ما تبقي من ألم
ونحصد ما تبقى ما أمل
بقلم الفاروقــــي
14/ آيار / 2023
Discussion about this post