الأديبة والكاتبة المسرحية والناقدة والشاعرة فوزية بن حورية
ان الجيل الجديد امره يدعو الى العجب… والاندهاش… والذهول… وذلك في المصطلحات الغريبة التي يستعملها وفي تبادل التعابير الغير مألوفة… على سبيل المثال لا الحصر عبارتي “مايضويش” يعني لا يضوّي بما معناه بالعربية الفصحى لا يعطيك صرفا من عدل… وعبارة “إعَفِّطْ” بما معناه بالعربية الفصحى يكذب… وخاصة في عبارات التعبير عن الحب… ودلع الحبيبة… او العشيقة… او الصديقة المقربة جدا… الخليلة…. فمن طرائف الدلع كلمة “قطوستي” باللهجة التونسية او “أُطتي” باللهجة المصرية… ومما يدعو للبهت والذهول فرح الشابة وانبهارها بهذا اللقب او الاسم او الكنية… وهنا نتساءل كيف ترضى شابة عاقلة على درجة من الثقافة والوعي ان يطلق عليها حبيبها او صديقها او عشيقها “قطوستي”!… كيف تبتسم مبتهجة لمّا يناديها مدلعا امام الناس بهذا الاسم المذل والمهين جدا!… ويدلعها في المطعم او في المقهى؟!… فيسالها امام النادل ماذا تشربين قطوستي؟!… وهو يرمقها ضاحكا!… فترى الشابة ترنو اليه في عشق وتتيم وصبابة… وتمسك بيده وضحكات الغرام تزغرد في رعشة شفتيها… وعيونها في عينيه وطرب الحب يتراقص في نظراتها من شدة العشق… ربما ظنا منها انه يدلعها من شدة الحب والافتتان والهيام!… تميل راسها في غنج ثم ترد عليه وهي جذلانة… حبيبي قهوة!… وابتسامة عريضة على شفتيها!… دلع ما ينم إلا عن النظرة الدونية التي يكنها الرجل للمراة!… واحتقاره لها… اهانة متخفية ومبطنة ببطانة الممازحة المرحة… والمداعبة المقرة للمراة تحت عبارة الدلع!… لقد ظهرت عبارة الدلع المهينة هذه… وانتشرت في الاوساط الشبابية على اختلافها كانتشار النار في الهشيم… خاصة بعد انتشار زواج المساكنة… زواج الاخلاء… متخذات أخدان وهي ذات الخليل الواحد… أما كان الاجدر به ان يقول لها وردتي… زهرتي… قرنفلتي… عصفورتي… ياسمينتي، فلتي… الورد والياسمين، والفل،… والقرنفل يضوع منها عطر ينعش النفس ويبهجها… ويشرح الصدر… ويذكي الفكر… والعصفورة طائر نظيف… رقيق… خفيف… رشيق انيق غير متواكل… كثير النشاط والحيوية… والزقزقة… شدوه يبعث في النفس الارتياح والانشراح وبهجة الحياة… بينما القطة همها الوحيد بطنها… مالك الرغيف صاحبها حتى وان قُتِل مربيها امامها… انانية… متواكلة قلما تجتهد وان اجتهدت تبحث بين القمامة… وتاكل الحشرات… والصراصير حتى صراصير قنوات التطهير… والوزغ… والفئران… والطيور النافقة… والاسماك العافنة… طمّاعة… لا تحوم حولك إلا من اجل الاكل… غير وفية… اذا مات مربيها وحيدا فريدا في بيته تاكله… وليس هذا وحسب بل وتاكل ابنائها… رايت قطة اكلت هررها… ورايت قطا شيرازيا في حديقة المنزل قابعا حذو خلية النحل… تحت شجرة الغار والمطر غزير… تارة يغمض عينيه وتار يفتحهما… والقطة القزمة التايلندية المقنعة البيضاء نائمة تحت الخلية… وهررها حولها… فذهب ظني ان القط الشيرازي مغرم بها… وعاشق ولهان… بل ومتيم صب بالقطة لا يطيق بعادها… إلا انه غدر بها واكل الهريرة الجميلة… القطط بشتى انواعها تمتلك طبع القطط الكبيرة… سريعة الغدر بصديقها او مربيها… في الواقع القطط سواء كانت اناثا او ذكورا لا تلجأ إلا للذي يطعمها،… حتى ان رؤية القطط في المنام غير محمودة فهي تدل على الغدر والخيانة… اي دلع هذا الذي يقرنها بالقطة في وحشيتها وشراستها!… وجشاعتها!… وانانيتها المفرطة!… وعدم وفائه!… خصالها القبيحة المتخفية خلف مظهر اللطف والوداعة!… حتى انها تضرب هررها ابناء الشهر الواحد حين يحاولون مقاسمتها اكلها!… وفي طبعها التنكر لابنائها!… وفي خوفها الشديد من الماء… تقول الاسطورة ان القطط خرجت من عطسة الاسد والنمر… ربما قيل هذا لامتلاكها نفس طباع القطط الكبيرة رغم انها من الحيوانات الاليفة… حقا للناس فيما يعشقون مذاهب!…وفي ميولاتهم عجائب!…
الأديبة والكاتبة المسرحية والناقدة والشاعرة فوزية بن حورية.. تونس
Discussion about this post