بقلم … ميشال سعادة
1/7
يا امرأة !
يَأخُذُنِي الفَجرُ
الى حيثُ أنتِ والمساءُ
لا حواجزَ تَعتَرِضُنِي
طريقٌ مُقفِرَةٌ تُوصِلُنِي
حَافِيَ القَدَمَيْنِ أَصِلُ
تارةً على العشبِ
طورًا على الحَصَى
أحمِلُ كتاباتِي وخربشاتِي
على ظهرٍ مِحدَودَبٍ وأمشِي
لا غَيرَكِ جديرًا بالقراءةِ
وحَصَادِ المَعاني
أحمِلُ الحُرُوفَ
أصُوغُ الكلماتِ
يُغذّي بعضُها بعضًا في شَبَهٍ عائليٍّ
كثِيرًا ما كنتُ أتيهُ
في مَسالِكَ مِيتَّافِيزيقيَّةٍ
وفي أغوارٍ نفسيَّةٍ – باطنيَّةٍ
أقُولُ وأُخفي
أكثَرَ ممّا أقولُ وأعني
أبحثُ عن مفرداتٍ كنَّا هجرناها
أوْ نَسَيناها عِنْدَ تُخُومِ غابةٍ
غَيَّبها النِّسيانُ
لا زِلتُ أصطَادُ المَعانِي
كما لو كنتُ أصطادُنا
أركِّزُ على قوى ذاتي
علّني أجدُ طعمَ الثقافةِ
أو أسعى الى عالَمٍ أُغيِّرُهُ
ربّما أجلسُ يومًا
الى مائِدةِ الحضارة ..
صَدِّقِينِي –
ما كنتُ أكرهُ أرضي
إِنْ لم تُنبتْ ما أخرجتْهُ أرضُ سِوَايَ
ولا كنتُ أغضِبُ على شجرةِ جاري
إِنْ تكلّلَتْ بثمارٍ لَمْ تحملْها أشجاري
لا أُخفِي –
سَعَيتُ الى مُشاهَدةِ نَفسِي
كما الإنسانُ حينَ برتْهُ الطّبيعةُ ..
ما زِلتُ أفلحُ حُقولَ الورقِ
عيني على البراعمِ
مُعجمُ ألفاظي
على نوافذِ غرفتِكِ
ألتقِطُ صُوَرًا وأشكالًا لتنهُّداتِكِ
أَنسِجُ ثِيَابًا للمَعَانِي
ولِأغصَانِكِ العارية ..
لا غيرَكِ يفهمُ مصطلحاتي
ويُترجمُ هذي التّأوُّهاتِ
حتَّى الشَّمسُ وقفتْ أمامَ بابِكِ
حينَ لامستْ أشِعَّتُهَا منكِ التّلالَ
والمُنحَدَرَاتِ
والقمرُ ينتظرُ صوتًا يجيءُ
من كتابٍ قديمٍ
من ذاكرةٍ تَسهرُ
على الأسماءِ والمسمّياتِ
وانا لا زلتُ أسألُ –
كيف تُولدُ الأسماءُ ؟
وهلِ المسمّياتُ بناتٌ فَقَدنَ عُذريّةً
حين لهونا بإيقاعِ الأجسادِ ؟
هل أمشِي أنا في صَحراءِ الكتابةِ
أَمْ طريقي يتقدَّمُ خَطَواتي ؟
كيف لي أطلُبُ حرّيةً
أنا الذي يَفرِضُ عبوديَّةً على اللُّغَةِ؟
غريبٌ أمرُنا –
نعيشُ كيفَ نشاءُ
ونحبُّ كيفَ نشاءُ
في الدَّاخلِ وَثَنِيَّةٌ تَتَقَدَّمُ الأُمنِيَاتِ
ما أجمَلَ الوَثَنِيَّةَ دِينًا
شرَّعَ
الوفاءَ
للأشياءِ !
فِي الحُبِّ –
مَنْ نُحبُّهُ شَجَرٌ ليِّنُ الأغصَانِ
طيِّعٌ يرغبُ في ملامسِنا
مَنْ
نُحِبُّهُ
أغصانٌ
تَهْوَى أيادينا !
كيف لَهُ يَستَحِيلُ حَجرًا صَلبًا
في
حالة
الهجرانِ ؟
كيفَ للصَّمْتِ
يَكُونُ أكثَرَ من كلامٍ ؟
الكلامُ
جراحٌ
في
غالبِ الأَحيَانِ
يا امرأة !
ها أنا هيَّأتُ نفسي للقاءٍ
يبقى جامعَنا
لكِنِّي وجدتُ بَينَ حاضرٍ ومستقبلٍ
قَيدَ فاصلةٍ
وبَيْنَ ماضٍ ومستقبلٍ
فواصِلُ ..
أيٌُها النَّاسُ !
تَمَرَّدْتُ عليكم عليَّ
وضعتُ في أيديكم سَلاسِلَ
في يديَّ أحكمتُها
رسمتُ على مسامعِكم نارًا
كي أتدفَّأَ وصقيعًا
على أجفَانِكم
كي أُشعِلَ النّارَ في مُقلتيَّ
إتُّهمتُ بشيطانٍ يُحرّكني
ها انا مَلاكٌ
يعشَقُ الشِّعرَ والشّيطانَ
وليس غيرُ حنينٍ يتملّكُني
حنينٌ
يظَلُّ
حَنينًا
في الشَّهيقِ في الزَّفيرِ
وفي أنفاسِ الأبجديّة ..
ما هذي الحَيَاةُ ؟
نعيشُ نَعشقُ ثُمَّ نُحتضَرُ
نتقدّمُ في العُمْرِ نبتكِرُ
أعمارًا لأعمارِنا
ما بالُ كونٍ شِعارُهُ
احتِضارٌ
على احتِضارٍ ؟
مَوتٌ يَسطو على الولادةِ
ليس غَيْرَ انْكفاءِ العافية ..
موتٌ يترصَّدُ الكائناتِ جميعِها
لا حياةَ لأشعَّةِ الشَّمسِ بعدَ الأصيلِ
لكنَّ للكواكبِ وظلئفَها
تَتَحَكَّمُ بالعبادِ
لا ربيعَ بعدَ فواتِ العُمْرِ
فضاءٌ يفرشُ الكونَ بأوراقٍ صُفْرٍ
أوراقٌ تُغطّي عيوبَ الأَرْضِ
تُسدِلُ السِّتارَ على هذي الكلماتِ ..
أَرضٌ والحياةُ خَفَرٌ
إقدامٌ وحياءٌ
أحلامٌ تأخذُ شكلَ الأساطيرِ
حُبٌّ يبحثُ في الجسدِ
عَن جَوهَرِ الجَسَدِ
عَن وجَعِ الأَرْض ِ
عَن خلاصٍ يمحو مآسيَ الحَربِ
وَرَتَابَةَ زَمَنٍ رَدِيءٍ
لكنّ الحبَّ بالمِرصادِ حقيقةٌ ثابتةٌ
يبعثُها الشِّعرُ بكلامٍ معسول ٍ
بإشاراتٍ واضحةٍ غامضةٍ
تُضَوِّىءُ الفَوضَى في عالَمٍ مُعَقَّدٍ
وَحَيَاةٍ مُعطَّلَةٍ ..
صدّقيني –
ليسَ غيرُ الشِّـعرِ والغابِ
وإشاراتٍ تَختَبِىءُ وَرَاءَ الأشيَاءِ
ما يَبعَثُ السِّحْرَ
في جَسَدِ الأَرْضِ
في الغَاباتِ
في الصَّخرِ
في النَّباتِ
في جَسَدِ الإنسانِ
بالدّمِ
بالصوتِ
يَتَحَقَّقُ الوَعدُ باللُّغةِ
بالحُبِّ
نعبُرُ مأساويَّةَ الحياةِ
السّائرةِ
صوبَ
الدَّمارِ
لكنّ مُستحيلًا يجابهُ مستحيلًا
كي تتجدَّدَ دماءُ الحياةِ
( يتبع )
بقلم …. ميشال سعادة
Discussion about this post