انطلاقا من قاعدة اللاثابت في الملموس والمحسوس في جميع مفاصل الحياة منذ نشأتها وحجم التغيرات التي ترافقها عبر العصور نجد ذلك المنطلق وانعكاساته واشكاله على الادب العربي وعلى وجه الخصوص ما نلمسه في راهن الرواية العربية المعاصرة ومتغيراتها منذ النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين ، اذ تعدد اشكال الرواية العربية بدءاً من العناوين التي تتصدرها الى طبيعة المحتوى والتنوع السردي في طيات صفحاتها ..
ورغم ان الاركان والعناصر المؤسسة للقصة والرواية ظلت حالة ملازمة للانتاج الادبي والروائي غير ان انعكاسات المتغيرات المعاصرة تجلت بشكل واضح وغير مسبوق على متغيرات الرواية المعاصرة التي اتسمت بالعمق الترميزي فيما يخص المكونات اللغوية واللفظية للركن الاساس الا وهو الفن السردي والذي يعتبراهم الادوات الفنية والادبية التي يوظفها القاص او الروائي في انسيابية الاحداث وتطورها وما يتخللها من صراعات خرجت عن المألوف في واقع الرواية قبل عقود من الزمن اذا لم تعد اركان العقدة والحبكة قائمة على صراع بين قوى الخير والشر المتمثلة في بطلين متضادين او قوتين متضاربتين وخاصة في الاعمال الوثائقية ، بل تعدت كل هذا من خلال ابراز صور الواقع بشكل اكثر عمقا وجرأة في الطرح مع توظيف الرمزية في غالب الاحيان لدرجة الرمزية العميقة والغامضة في كثير من الاحيان ..
ومنها ما تتطور لقصة ( الفكرة )العميقة والتي اخذت بالانتشار في الآونة الاخيرة انتاجا مرئيا او طرحا مسرحيا ..
ولا شك ابدا ان الرواية المعاصرة لم تخرج عن المألوف في الاركان الاساسية ومرتكزاتها البنيوية والجمالية والفصاحة السردية ، بل نجدها ولادة جيل من الكتّاب التي خبرت ركامات الرواية العربية وتطورها وتنوع اشكالها وتجاربها ، لاسيّما ان عصر الرواية التي سبقت هذا العصر انبثقت في اغلبها من الواقع المجتمعي آنذاك وهي في هذا الوصف تعتبر عمقا زمنيا وسوسيولوجيا للرواية المعاصرة ولا ريب حين نلمس الاواصر المشتركة بين العصرين من حيث ثبات الثبات البنيوي والجمالي السردي غير ان الفن السردي في الرواية المعاصرة وظف نوعين اساسيين في الفن السردي الا وهو السرد التسلسلي والسرد المتقطع على الاغلب مع تغليب طابع الرمزية العميقة سردا ومضمونا ، وكأنه يثير المدارك والحواس ويوجهها نحو اللامرئي والمجهول من المستقبل .. تلك الانعكاسات تجلت وتأثرت بما يدور من احداث راهنة تحاكي مستقبل مجهول ، كما انها تستفز الملكات الادراكية التأملية والتخييلية للقارئ والتي هي نتيجة القدرات والامكانيات التخييلية والفنية والسردية التي يمتلكها الكاتب والتي يوظف فيها شخصياته وتسلسل الاحداث وتطويع العنصر الزمكاني بشكل احترافي وخيال خصب .
Discussion about this post