تجربة البانتومايم في العزف على أوتار الجسد…. ميسون خليل
حبات كرستال تتقافز فوق لوح زجاج ملون … ذلك هو البانتومايم
لعب أمام مرايا متعددة يحيطه الجمال لايصال فكرة لم يجرأ أحد على طرحها.
هذا ما خلق عندي حافزا ملحا لخوض تجربتي مع منعم سعيد مؤلف و مخرج مسرحية العزف على اوتار الجسد.
قد كان عزفا مدهشا حيويا بحق .. فمنذ اليوم الاول للتمرينات علق منعم سعيد أفكاره في الفراغ الذي يحيط بنا .. مرددا سوف نخترق الارض من القطب الى القطب. استغرقت التمارين اشهرا عديدة لنعيد اكتشاف تلك الافكار بلغة الجسد .. كنا نتدرب كل يوم حوالي ستة ساعات .. كان ذلك عام ١٩٩٣ تلك السنوات التي كان يصعب فيها قول الحقيقة. غير ان عمل البانتومايم يصعب التحكم به و يتحمل التورية دون النطق بالكلمات… فمهما حاول كتاب التقارير الامنية اصطياد الفكرة و تفكيك رموزها عجزوا عن ذلك …فهي اعمق من مدركاتهم … و قد كانت التدريبات مكثفة للياقة البدنية و التفكير الابداعي … و اذكر هنا بمحبة خالصة محسن الشيخ الذي فارقنا مبكرا … كان طوال فترة التمرينات يحضر حاملا زاده ( بعض تمرات و رغيف خبز ) و قد كانت كافية طعاما لزاهد. كما أن المثابرة لدى الجميع في ساعات التمرين كانت تكفي هي الاخرى لعملية الخلق الابداعي.
قد مثلت لي هذه التجربة تفردا مختلفا عن بقية انشطة المسرح التي عملت بها سواء في مسرح الشارع , مسرح الصورة مع استاذي د. صلاح القصب, تجاربي مع المعلم سامي عبد الحميد و كان من ضمنها ادائي لشخصية الفتى في طائر الشمس و دور سليمة في مسرحية الرهن و غيرها الكثير و قد افادتني تجربتي في مسرحية حب و خبز و بصل
و التمرينات التي تلقيتها مع مدربة الباليه الى اقتحام هذه التجربة الابداعية بكل ما فيها من صعوبات و مسرات …. فواحدة من الاحداث الطريفة خلال فترة التمرينات هي اختفاء مدون العمل علي الطرفي و الذي كان مدونا بارعا ليومياتنا… فقد اختفى فجأة دون مبرر ثم تبين لاحقا أنه كان محكوما بالاعدام لانه فار من الخدمة العسكرية و الطريف أنه كان يعمل معنا في أخطر مؤسسة هي مؤسسة السينما والمسرح … فعلى كل من يخطو انذاك لتقديم عمل ابداعي حقيقي كان عليه ان يفكر اكثر من مرة ليكون في مأمن … و رغم كل الصعوبات و عدم تلقينا دعما ماديا فقد قُدم العمل و شارك في مهرجان بابل الدولي في ساحات معبد ننماخ كتجربة فريدة لفريق عمل ابداعي.
حصل العمل على جائزة يوم المسرح العالمي iti و نال الكثير من الاستحسان حتى ان الفرقة الايطالية طلبوا اعادة العرض.
كان فريق العمل مكونا من الفنانين وحسب التسلسل في الصورة من اليسار الى اليمن منعم سعيد , محسن الشيخ , ميسون خليل , عهود ابراهيم. أما الفريق الفني .. مدير المسرح لؤي احمد , مساعد مخرج سعد هدابي , الديكور سهيل البياتي , المكياج طه الهلالي , الازياء شان محسن , الاضاءة جاسم وحيد الاعلام سؤدد جورج اضافة الى المؤثرات التي كان يشرف عليها جون بشير و نفذ العزف الحي على العود روحي الخماش.
تلك تجربة بقيت عالقة في الذاكرة كحبات كرستال تتقافز فوق لوح زجاج
Discussion about this post