دكتور … محمد عبد الكريم الدليمي
قال تعالى ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) ٢٩ سورة التكوير . الكثير الكثير منا له ختمة للقرآن الكريم في السنة مرة ؛ والكثير منا وأنا منهم تعودت منذ عقدين من السنين كل شهر ختمة . ونمر على هذه الآية المباركة مرور الكرام لا يهتز لنا جفن ولا يرتعد لنا جسد ولا تزيدنا خشوعا، بل كأنها مسألة اعتيادية ليس فيها أمر جلل!.
واعتقد الإيمان الذي آمنا به ركب بطريقة عشوائية أو ربما بطريقة مغلوطه !؟ وكيف نفهم ذلك ؟ نحسب آيات الإيمان في القرآن الكريم ونقرأهن ونجد ذلك لا يؤثر في مشاعرنا ولا يهتز كياننا لها ولا يرعاها فكرنا !؟ هنا بيت القصيد؛ لنرى ماذا يقول سبحانه عن آيات الإيمان قال تعالى ( تولَّوا وأعيُنُهُم تفيض من الدمع حَزَنًا ألا يجدوا ما يُنفقون ) والاخرى ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) والاخرى ( ويسبحونه بكرة واصيلا ) والتالية ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ) ١٦ السجدة ؛ ( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون )١٥ السجدة؛ …، فمن أي أناس أنت صديقي وأخي الباحث، كي نستطيع معرفة إيمانك وندلك على سعيك فيها ، يظن الكثير من الباحثين إن الإيمان هو واحد في طريقه إلى الله سبحانه ، وأجيبه هنا الإيمان بالله تعددت سبله فهو القائل ( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الأمرون بالمعروف والناهون عن المنكر )، وكل هذه الأصناف يجمعها الفقيه في أمر واحد هو الإيمان بالله، وهذا القول لا يجوز قوله إلا في المحصلة النهائية ؛ ولو نظرنا إلى الآية نظرة لغوية لوجدنا دليل على ما ذهبنا إليه من تقسيمات صحيحة لكل فئة من الناس ؛ في الآية الكريمة ذكرت الواو الثمانية وهي أن تذكر سبعة صفات من غير واو وفي الثامنة تذكر مع اضافة صفة غير تلك التي ذكرت إلا إنها واجبة أن تكون أعلا شأنا ونظرت إلى الإسم ( الواو الثمانية ) وسميتها واو الجائزة وهو كذلك ليصبح موضوعا تابعا لواو العطف باستدراكاته أولا: أن تكون الصفات المذكورة من ذات المعنى الواحد ففي الآية الكريمة أختصت الصفات بالإيمان ، وكذلك في الآية القرآنية قال تعالى ( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب وسيقولون سعبة وثامنهم كلبهم )الكهف؛ وهنا كان العدد وجائزة في العدد سبعة ، ولا يعلم حقيقة عددهم إلا الله ، وكذلك ذكر في آية أخرى صفات لما يريد الله استبدال زوجات النبي والأخير ابكارى وهي التي لم يدخل فيها بعد ، وهي الجائزة التي يحصل عليها . ثانيا: ليس واجبا أن نعدد سبعة صفات ومن بعدها نعطفهن بالثامنة. ثالثا: لا يجوز أن نذكر الصفات قبل العطف أعلا شأنا من بعد العطف. أنتهى موضوع العطف.
ويظن جبلة من الناس إن هذا التقسيم لم يرد من سبحانه والإيمان هو جزاء العمل الصالح ، وأجيب عن قولهم بأن الإيمان هو هبة من الله أما إيمان العمل والتحبب به فهو جزاء العمل ، وشتان ما بين الأثنين؛ الإيمان جزاء العمل ينتهي بأنتهاء العمل ومجرد تغيير الظروف ينتهي ذلك الإيمان ويتلاشى من القلوب أما الإيمان الحقيقي وهو هبة الله للعبد فذلك باقيا راسخا في القلب يورث عبر الجينات إلى الأبناء، وهو أعظم درجة عند الله .
هذه التقسيمات تحافظ على كيان الدولة في المرتبة الأولى قال تعالى ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) ٣٤ السجدة ؛ ومن ثم تحافظ على كيان المجتمع ،ومن ثم تحافظ على الكيانات الفردية للمجتمع فهي حلقة التواصل ما بين الفرد الواحد وكيان الدولة، وهنا إلتفاته عزيزة أقولها لمن لديه قلب سليم كلنا نقول الزمن الجميل الذي عاشه أباءنا أو أجدادنا، ولأجدادنا زمن جميل كما لدينا نحن فإذا وصلنا إلى عصر رسول الله صلى عليه وسلم فهل الذي سبقه أفضل من عصره ؟ الجواب مؤكد هو تبدل القيم لا يجوز التفضيل بها فعصر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عصر بداية الإنسان الجديد وكل ما سبقه هو جاهلي لا قيمة له إلا ما أبقاه الله وزاده رفعة.
وهذه الآية الكريمة، التي لم تخطر على بال بشر إن الله سبحانه يحب كل طيب فما إن فعلنا الشر بأنواعه وأفعاله ؛ وعارضنا بذلك أرادة الخالق لما يحبه لنا سيبقى لله شأنه فينا لمعارضة قدره المحتوم .
هذا ما كنت أريد قوله لمن غفل عنه.
استغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين.
الباحث محمد عبد الكريم الدليمي
Discussion about this post