زهرة تشرين
بقلم الأديبة .. شروق لطيف
في يوم بديع من أيام تشرين
أريج الزهور يهمى والياسمين
زهرة مخملية بين البساتين
تغري بعطرها نظر الملايين
يهفو عليها النسيم ُ برفيفه
يتمايل قدها في خفة ولين
رمقها بستاني ذات مرة
فصار لروائها من الطامعين
فاجتثها من عمق جذورها
بقسوة يندى لها الجبين
قال أزرعها جوار منزلي
فأنقلها في أصص ٍ متين
أتفرد وحدي أنا بأريجها
تؤنسني في ليلي الحزين
حزن عليها كل أقرانها
وناح البهار مع الرياحين
قالوا في انتظارك يا غالية
لن ننساك مهما مر من سنين
تذرعي بالسلوان فربما جمع
الله يوما بين المحبين
فالصبر وان بدا مرا إلا
أن الله يحب الصابرين
فذبلت وزال منها رواؤها
ترثي الحظ بدمع ٍ سخين
تحملت من الآلام وتجرعت
كأس مر ٍ آسن لعين
التي كان الفرات شرابها
ولقطر الندى من الراشفين
فأخذتها الحسرة على نفسها
من بين صفوف اليائسين
لم يعد لديها سوى حزنها
فاحتبس داخلها العطر الثمين
فزاد البستاني من إيلامها
حين قرعها بجهله المشين
أين ضوعك أين عطرك
لم أصبحت من الذابلين؟!!
لا فائدة منك ِ ترتجى
بحيازتك صرت من الخاسرين
وكيف يعود العطر ُ بعدما
أمضها فاحتبس مثل السجين ؟!!
فناجت ربها تشكو بتضرع ٍ
لم أعد احتمل ذا الظلم المبين
اطلق روحي في سماء علها
على كوثر ٍ تصير من الناهلين
تجد سلاما تضوي بهاء
هربا من بطش البني آدمين
فنظر اليها الإله متحننا
كيفك لا وهو أرحم الراحمين ؟!!
شد عودها قوى عزمها
حتى لا تكون من الهالكين
الشمس بضيائها تقوتها
والمطر يهمى عليها كل حين
فعاد إليها جمالها ورواؤها
والعطر عاد لضوعه ِ بالحنين
فجاءها البستاني ذات مرة
ليكون كعادته ِ من الساخطين
تعجب حينها لما اشتم
عطرها ينفذ من عمق دفين
فاقترب منها أكثر عل ّ
عطرها النفاذ له يزين
لكنها أدمت اصبعه بشوكة ٍ
فصرخ من عمق جرحه الثخين
فالقوة تأتي بعد ضعف
فتفوق شدة ظلم الظالمين
فاحذر يا بني آدم حتى لا
بعد ظلمك تصير من النادمين
فما يزرعه الإنسان ُ يوما إنما
يكون له من أول الحاصدين ……..
Discussion about this post