هبة الخالق
إن الإنسان مجبول بالتأثر والتأثير لكونه كائن اجتماعي بالفطرة، دائما تجده يندسّ بين أسراب توافقه في المشاغل والاهتمامات ليستورد منها ألف فكرة وفكرة من أجل طحنها في طاحون قناعاته الشخصية كلما نأى بنفسه سويعات مستفيدا بعد تلك العملية من كل فيتامينات و معادن الأفكار المختلفة ، موفرا لذاته بيئة غنية كي ينمو فيها فكره بأحسن حال موازنا بشكل ناجح جدا بين المحافظة على السمات الجوهرية لذاته و بين تعايشه مع عديد الأفكار الغريبة عن طينته مطورا من مناعته الفكرية حتى لا تصيبه حساسية بعض المواقف .
أما في حال إنكبّ الفرد على تلك العزلة المقفرة غرورا أو كبرا أو لأي سبب كان من الأسباب ، رافضا كل طبوع الفكر الرنّانة والمتزنة متوجسا من أن يمسخ فكره بلعنة التأثر والتأثير فإن اللعنة ستحل لا محالة عليه وعلى فكره الذي يعتمد على مورد واحد و وحيد للتغذية دافعا إياه لإصابته بسوء التغذية و فقر الدم الفكري منعكسا طردا على ملامحه فيتجلى في فكر شاحب و ضامر لا يحمل أي مؤشرات للشفاء و التعافي ، فيتقزم و يتقهقر و يتقوقع نحو الأحادية العقيمة سالكا بخطواته المرتبكة و المشوّهة درب الزوال والاندثار لأن الفكر الذي يفتقد للأرضية الثابتة و الفضاء الفضفاض لن يقف يوما بثبات و لن يحلق بثقة ولو بلغت طول أجنحته أميالا.
هبة الخالق
Discussion about this post