( الموت الأصغر)
تسللت في خفاء إلي حجرة أمي لأبحث عن مفتاح الشقة التي نمتلكها بمدينة الأسكندرية‘ كنت في السابعة عشرة ولم يكن هناك مبرر لأن أحصل علي نسخة من المفتاح‘ أصدقائي ينتظرونني أن أخبرهم بحصولي علي مفتاح الشقة كي يضمنون مكانا للمبيت ‘ هي رحلة مفاجئة لذلك علي الآن أن أحصل علي ذلك المفتاح بأي طريقة…
أمي نائمة وأنا مطمئن لكون نومها ثقيل لما تبتلعه من عقاقير منومة ومهدئة كي تنام ‘ مرضت بالاكتئاب الحاد ووصف لها الطبيب ذلك‘ دخلت الحجرة وقلبت في خزانتها الخاصة وتحت الوسادة وبالكوميدينو وكل مكان خلت أنها وضعت المفتاح به.. حركاتي سريعة كلص محترف‘ إستيقظت أمي فجأة ونظرت إلي نظرة طويلة بينما تيبست قدمي وشعرت بالحرج والخوف ‘ لكنها نامت ثانية ولها شخير ‘ أخذت أبحث عن المفتاح حتي وجدته أخيرا في علبة فارغة علي رف في الدولاب ‘ تحركت مسرعا للخارج وبشرت الأصدقاء في الهاتف أن الأمر تمام ‘ غدا سنسافر للأسكندرية يارفاق…
بعد عدة دقائق عاد والدي من الخارج يحمل بيده دجاجة ودفعها إلي وقال لي :إذهب وتصرف.. أمك نائمة بالطبع كالعادة ‘ بل كالميته‘ منذ شهور وهي لا ميتة ولا حية ‘ نائمة طوال الوقت ‘ هيا اذبحها …انزعجت مذعورا ‘ ظننته يقول اذبح أمك .. صاح بوجهي وقال خذ الدجاجة اذبحها ونظفها واطبخها بسرعة حتي نأكل ‘ سأدخل لأمك وأغير ملابسي.. دخل والدي الحجرة وأيقظ أمي التي صرخت وقالت بصوت عال: كابوووووس …كابوووس
صاح والدي بوجهها وشتمها حتي سكتت وسألته هل جئت من الخارج ؟
أخبرها أنه لم يأت… راحت أمي مستلقية علي ظهرها ولها شخير.. دخلت المطبخ وذبحت الدجاجة فأنا معتاد علي ذلك ‘ وضعتها في إناء بلاستيكي عميق‘ هدأت من الحركة المتشنجة وتناثر الدماء ‘ كان الماء يغلي ويفور علي البوتوجاز فوضعتها لنصف دقيقة وأخرجتها لأنظفها من الريش ومابداخلها ‘ أمي استيقظت أخيرا.. سمعت صوتها تتكلم.. دخلت أمي المطبخ تتحرك ببطء نحوي‘ كأنها بلا وعي ‘ ظننت أمي ماتت منذ زمن ولكننا نسينا أن ندفنها..
غير والدي ملابسه وقال لي : أيقظني فورما تنتهي من الطعام ،وابتلع شيئا في فمه مع الماء وذهب للسرير فسمعت له شخيرا…
قررت أن أبتلع شيئا مثلهم وهنا تكتمل الدائرة ربما نلتقي في ظروف أفضل من هذه!
#محمدإسماعيل
Discussion about this post