– (عتبة الكينغ الوافيّة، لبَابِ المُسَكّراتِ الشّافيّة):
بقلم … كمال العيادي الكينغ …
: …واعلم أعزّك الله، ولا حرمكَ ممّا وعد بهِ المنذورين و الصّالحين، من أنهار الخمر المُعتّق وقصور النّور، على ضفافها، أنّ أغلب أنواع الكحول القويّة, مثل الويسكي والكونياك والشّنابس والجين والمُقطّرات الدّامعة والدّامغة والجامعة والمفصولة والمخلوطة والمنقّاة ومشتقاتها, كان ابتكارها أساسا للأسياد والنّبلاء ليرتاحوا من تأنيب الضّمير, فيُصاحب شربها عادة حالة من الصّمت والعزلة والتّجهّم…
أما الفودكا الشّعبيّة فهي من ابتكار الفلاّحين الرّوس والأقنان ليتذاكروا مناقب الأسياد مع الكؤوس الأولى ثمّ ليسخروا منهم في منتصف المُنادمة وليثخنوا أمّهم بالشّتائم مع آخر كأس, وهذا التّصعيد والتّنفيس يحتاج مُنادمة وصخب متصاعد الوتيرة، ومثلها العرق الينسونيّ واللاقمي الخام والبوضة الحامضة ومستقطرات النخل الوحشيّ ومُستقطرات البُقول والفواكه المُدجّنة مثل الفواكة الرّخوة كالتّين، الذي يُستقطر منه شراب (البوخا) التّونسيّة، على سبيل المثال… وغيرها…
أما النّبيذ (الأبيض والأحمر) فهوّ المشروب الوحيد الذي هبط مع الرّسل والملائكة والكتب السّماويّة بلون واحد في البداية وكثيرون يخلطون للأسف بين النّبيذ والخمر، وبينهما برزخ، وقد يلتقيان. فالنبيذ في اللغة العربية مشتقٌ من الفعل (نَبَذَ) ويعني المرمي أو المُهمل أو المُلقى لغير الحاجة إليه وقتيّا، أما من الناحية العملية؛ فالنبيذ هو منقوع الفواكه المُجفّفة، مثل (نبيذ التمر أو الزبيب) أو غيرهما وما يُنقع منها في الماء بهدف إكسابه الطعم الحلو المذاق، على ألّا تُترك هذه الفواكه المجففة في الماء لمدةٍ طويلة، حتّى لا يبدأ التخمّر، فبمجرّد بدء التخمر وبدء تكوين نواتج الحموضة وغازات التخمّر الكيميائي ورواسبه، التي هي الكحول وثاني أوكسيد الكربون، لا تبقى المادة (نبيذًا)، إنما تبدأ بالتحول إلى (الخمر) الحامض، مع طعم مرارته المميّز حسب نوعيّة المنقوع وتركيبته الكيماوية وطبيعة نسبة و تفاوت درجات السّكّر والأملاح فيه. فالفرق الأساسي والجوهري بين النّبيذ والخمر اذن هو المحتوى الكُحُوليّ، فالنّبيذ، لا يحوي على نسبة الكحول والحوامض والمرارة الموجود في الخمر.
وبناءً عليه فإن كلّ خمرٍ هو نبيذٌ ولكن ليس كل نبيذٍ خمرًا…
أما البيرة فهي مجرّد غذاء شعبيّ ومنحة للعمّال لكي يتحمّلوا مشقّة الغد وهُموم اليوميّ وبالمرّة لتنقيّة الكِلى وهي حصانة ضدّ الكثير من الأمراض العرضيّة وخاصّة إحتباس البول والدّموع والأحاسيس البدائيّة الغامضة, الطيّبة والعدوانيّة منها (وهي في ذلك مثل تخميره عرق البلح الحامض واللاقمي الخفيف والبُوضة وغيرها من المِنح الطبيعيّة الشّعبيّة البدائيّة), ومنذ ابتكرها الفراعنة وحتّى اليوم وهي تؤدّي هذه المهمّة ولم تتطوّر كثيرا بصراحة….
**(كمال العيادي الكينغ)**
Discussion about this post