دكتور … محمد الدليمي
قال تعالى ( ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فأمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ) آل عمران ١٩٣ ؛ الذنب هو معصية دون ارتكابها ، النظر إلى ما حرم الله ومنها إلى جسم المرأة أو العكس بقصد الشهوة ، أو تسمع الحديث بين اثنين في شأن خاص ، أو تعترض الطريق دون المساس بأحد ، … قال تعالى ( قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين ) الأعراف ١٥١ وهذا دليل بأنهما شاهدا ما حرم الله دون العمل بها .
أما السيئة هي اقتراف الذنب والعمل به حتى يسجل عليه في صحيفته وينقش في جينات الإنسان فيورثه لأبنائه دون دراية قال تعالى ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ) الانعام ١٦٠ ؛ يجد الأبناء قد فتحت لهم ابواب السيئة أو السيئات دون حرج من فعلها .
النفس تكسب وتكتسب كل ما حولها خير أو شر ، حسن أو قبيح ، حلال أو حرام ، عمل صالح أو عمل طالح .
خلق الله سبحانه إرادة الكبد التي تتفاعل مع العقل بشكل مباشر ، فما أن علمت بهذا العمل الحرام فينصحك العقل بأن لا تقترف ذلك فتكون لك المذلة والندم . ومن جهة أخرى تأمرك النفس بشهوتها افعلها وافتح لنفسك ابواب السعادة والطموح ، كن جسورا ولا تكن جبانا !! .
الفرق بين الذنب والسيئة إن الذنب تقترفه النفس فيكون مع نفسك وتلوذ به كل حين فتمرض بذلك الذنب كحالة نفسية تعيشها فتحتاج منك الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير كي يغفر لك الله ما صدر عن نفسك فيمحها فتنساها أو يغفر لك فتكبتها بإرادتك حتى إذا استرجعتها ذاكرتك لا تؤثر على نفسك مرة أخرى قال تعالى ( إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ) المؤمنون ١٠٩ ؛ ولو تمعنا النظر يستخدم مع الصالحين المؤمنين المغفرة قبل الرحمة أو العفو أما في الدعاء لمن نريد له الخير فنقول ربنا اغفر له ليرى الحق حقا وذلك لكثرة الذنوب تعمي البصيرة .
وإذا تعلم الإنسان الذنب بحجة الوقاية من السيئة أو معرفة الحياة أو ليكون على نفسه اشد حرصا وهذا كلها ما نراه من خلال المسلسلات او الروايات او الأشعار الماجنة وغيرها من اساليب المعوجة في التوعية العرجاء ، فتصبح النفس غارقة بالذنوب ومستفحلة على ارتكابها فيأتي الشيطان ليوقد فتنته فما نرى إلا واشتعلت النيران في الهشيم فلا تبق لك اخضر لتحيا عليه ولا يابس لتذره مع الريح العقيم فكن واعيا قال تعالى ( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ) الممتحنة ٥ .
أما السيئة فهي ارتكاب الذنب الذي اكتسبته النفس أول مرة فيكتب في صحيفتك سيئة صغيرة أو كبيرة حتى تصل للفاحشة ، قال تعالى ( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار ) الرعد ٢٢ ؛ فتنقش تلك السيئة على جيناتك كأنها أحد سبل حياتك فتعاودك على فعلها فالسارق لا يستطيع التوبة والزاني ايضا ، وصاحب شهادة الزور سيبقى على حاله يزور في الحقيقة مادام فيها ، والساحر يخدع الناس فيموت على خدعته ، والقاتل يصبح قاتل مأجورا او سفاحا ماهرا ، والكذاب سيبقى يكذب حتى يصدق نفسه بما يقول فيصبح اكثر الناس عزلة ، وهكذا دورة الحياة تسير على الإنسان حتى يصحى من غفلته قال تعالى ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ) المؤمنون ٩٦ .
الجينات البشرية هي العوامل الوراثية التي تنقل كل صفات الأبوين إلى الأبناء دون عناء في التعليم فيجدها الأبن مفتحة الأبواب بالأعمال الحسنة التي فعلها الأبوين قال تعالى ( جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ) ص ٥٠ ؛ فيعمل الأبن بها دون معوق أو حرج في فعله لها ، أما الأبوين اصحاب الأعمال القبيحة فيجد الأبناء قد فتحت لهم أبواب السيئات كلها وغلقت عليهم أبواب الحسنات جميعها حتى إذا فعل الفاحشة نجده دون حرج أو يمكر بفعله حتى يقوم به غلسة ، أما العمل الصالح فهو لا يستطيع فعله إلا رياء أو يجر منه مأربه الأخرى ؛ وهذا كلها مما ورثه من الأبوين وكل على شاكلته .
Discussion about this post