بقلم الدكتور … محمد الدليمي
الصاحب والصديق ليس مرادفان لمعنى واحد؛ وإنما لكل منهما معنى مختص به. جاء في القرآن الكريم اللفظان ولكل واحد منهما معنى، قال تعالى ( ألا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني أثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم )التوبة 40؛ روى أصبع وأبو زيد عن أبي القاسم عن مالك ( ثاني أثنين إذهما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) هو أبو بكر الصديق .
قال :فرأيت مالكا يرفع بابي بكر جدا لهذه الآية . قال : وكانوا في الهجرة أربعة منهم عامر بن مهرة وأريقط الدليل.
وفي الحديث الصحيح إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر في الغار : ( يا أبا بكر ما ظنك بأثنين الله ثالثهما وهذه مرتبه عظمى وفضيلة سماء لم يكن لبشر أن يخير عن الله سبحانه إنه ثالث اثنين أحدهما أبو بكر كما أنه قال مخيرا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثاني اثنين .
الصاحب هو من أشترك مع صاحبه بمنهج الشريعة
فيكون صاحبا له، وقد يكون منهجا صالحا كشريعة الإسلام أو منهجا فاسدا كسبل الشيطان، قال تعالى: ( بوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه ) عبس 34.37. فهذا المعنى الثاني للفظة صاحب جاء مغاير للأول لكنه يعني منهجا فاسدا .
قد يوهم البعض إن الإيمان بالله هو نفسه الإيمان بمنهج الشريعة وهذا مغاير لمعايير القرآن الكريم؛ فلفظة صاحب تكشف هذا المعيار كأخواتها من الألفاظ؛ قال تعالى ( وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت الى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ) الكهف 34- 38. ذكر جل علا في هذه الاية الكريمة عن هذا الرجل الكافر الظالم لنفسه، الذي ضربه مثلاً مع الرجل المؤمن في هذه الآيات لرؤساء الكفار، الذين افتخروا بالمال والجاه على ضعفاء المسلمين الفقراء
كما تقدم – أنه دخل جنته في حال كونه ظالماً لنفسه
وقال: إنه ما يظن أن تهلك جنته ولا تفنى: لما رأى من حسنها ونضارتها؟ وقال: إنه لا يظن الساعة قائمة، و إنه إن قدر أنه يبعث ويرد إلى ربه ليجدن عنده خيراً من
الجنة التي أعطاه في الدنيا. وما تضمنته الآية الكريمة: من جهل الكفار واغترارهم بمتاع الحياة الدنيا، وظنهم أن الآخرة كالدنيا يغدق عليهم بالمال والولد،
كما أنعم عليهم في الدنيا – جاء مبيناً في آيات أخر.
كقوله تعالى ( ولئن اذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت الى ربي أن لي عنده للحسنى ) فصلت 50 . وقوله تعالى ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأتين مالا وولدا ) مريم 77 . قال تعالى ( فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ) الكهف 34. وبين جل وعلا كذبهم وأغترارهم فيما أدعوه: من أنهم يجدون نعمه الله في الآخرة كما أنعم عليهم بها في الدنيا. هذه الآية الكريمة كشفت المستور لكل معنى يختص بالصاحب؛ فلآية الكريمة تحدثت عن الذي يؤمن بالشريعة كمنهج حي للحياة ولكنه لا يؤمن بالله هو الواحد القهار فعال ما يريد، فنجد ذلك بين الناس من عبادات مختلفة لله الواحد الأحد إلا أنها تقتصر على التعامل فتظنه مسلما عاقلا يعرف قدر ربه إلا إنه يؤمن بالمنهج ولا يؤمن بالله والعياذ بالله.
من كتابي المفردة والتأويل .
Discussion about this post