نــورا عــواجــه
الــرواد نــيــوز
يُنظر إليه باعتباره واحدًا من أهم الأطباء المؤثرين في المجال الطبي العالمي، عشق مصر وظل بها حتى وفاته، واكتشف مرض سُمى على اسمه .. إنه “تيودور ماكسميليان بلهارس” الطبيب الألماني الذي وُلد في 23 مارس 1825م، ودرس الطب في جامعة توبنجن في الفترة من 1845حتى 1849م.
وفى عام 1850 تقابل في برلين مع الطبيب الألماني فيلهلم جريزنجر، عميد مدرسة الطب بمصر، الذي أقنعه بالسفر معه إلى مصر ليعمل مساعدًا له.
بالفعل توجه بلهارس معه إلى مصر، وتدرج بالعمل في المجال الطبي المصري حتى أصبح كبير الأطباء بالعديد من مستشفيات القاهرة، فضلا عن قيامه بإلقاء المحاضرات في مدرسة الطب بمصر حتى أصبح أستاذًا للتشريح، وأحب كل ما هو مصري، حيث أقام في مصر إقامة كاملة، وأتقن اللغة العربية وتعلم اللغة الهيروغليفية نظرا لحبه الآثار المصرية القديمة.
وخلال عمله بالمستشفيات لاحظ أصابه العديد من المصريين بأعراض مرضيه تؤدى إلى الوفاة، وعليه قام بالبحث وبإجراء عمليات التشريح على المتوفين حتى اكتشف عام ١٨٥١م دودة من النوع الماص عثر عليها في الدم والكبد، ويبلغ طولها سنتيمتر واحد، وأطلق الأطباء والباحثين على هذه الديدان اسم “البلهارسيا” نسبه إلى مكتشفها تيودور بلهارس، الذي كان له الفضل في اكتشافها، وفتح طريق البحث العلمي للقضاء على هذا المرض الخطير .
لم يقتصر دوره في علاج المرضى المصريين فقط، حيث توجه في جولة علاجية إلى الحبشة، إلا انه انتقل إليه مرض التيفوس بالعدوى من إحدى المريضات الذي كان يعالجها، وتوفي في القاهرة بعد عودته من الحبشة بأسبوع، وذلك يوم ٩ مايو عام 1862م عن عمر ناهز٣٧ عاماً، وتم دفنه في المقابر الألمانية بحي مصر القديمة.
وتخليدا لذكراه، قامت هيئة البريد المصرية بوضع صورة تيودور بلهارس على طابع بريدي عام ١٩٦٢
ونظرا لمجهودات بلهارس واكتشافاته الهامة الذي ساهمت في علاج وإنقاذ المرضى من الطفيل القاتل، قامت كلا من الحكومة المصرية والحكومة الألمانية بتوقيع اتفاقية لإنشاء معهد بحثي يحمل اسمه تخليدا لذكراه تحت اسم “معهد تيودور بلهارس للأبحاث”.
قامت مصر ببناء المعهد بالتعاون مع ألمانيا التي قامت بتوفير التجهيزات والمعامل ، وصدر القرار الجمهوري رقم 58 لسنة 1983م بإنشاء المعهد وضمه لأكاديمية البحث العلمي، ومقره في حي الوراق بمحافظة الجيزة.
وتخصص المعهد في مجال مكافحة الأمراض المتوطنة والمزمنة التي تصيب الجهاز الهضمي والكبد والكلى والجهاز البولي، والتي تمثل مشكلة صحية في مصر هائلة بسبب مرض البلهارسيا المتوطن وبسبب تفشي الالتهاب الكبدي الوبائي سي.
ويعد المعهد من أكبر المراكز المتخصصة في مجال مكافحة البلهارسيا على مستوى الشرق الأوسط، حيث شارك المعهد في تصميم وتنفيذ المشروع القومي للقضاء علي مشكلة البلهارسيا في مصر، كما وقع الاختيار علي المعهد من قبل منظمة الصحة العالمية على مستوى شمال إفريقيا ليشارك في مبادرة إنشاء شبكة من المراكز البحثية لتحديد الأمراض المتوطنة في أفريقيا واكتشاف أدوية ومواد تشخيصية لها.ومازال معهد تيودور بلهارس يقوم بدوره الهام والمحوري في نطاق الصحة والبحث العلمي، بوصفه قلعة من قلاع المنظومة الصحية في مصر.
Discussion about this post