قصيدة “ترجمان النور”
بقلم الشاعرة الجزائرية فاتحة معمري
يَتِيْمًا فآواهُ ولَمَّ اغْتِرَابَهُ
بلى والضحى إذْ يَفتَحُ الله بَابَهُ
**
فَكَانَ اكْتِمَالُ الأمْرِ لحْظَةَ مَسَّهُ
مْنَ الوَحْيِّ قُرْآنٌ يُتِمُّ نِصَابَهُ
**
فَزَمَّلَ نَوْمَ الكَوْنِ ضَوْءُ ارْتِعَاشِهِ
و دَثَّرَ تَصْدِيْقُ اليَقِيْنِ ارْتِيَابَهُ
**
وأَثَّثَ قَحْطَ الوقْتِ مِنْ نَخْلِ عَدْلِهِ
وصَبَّ على شُحِّ المَكَانِ قِرَابَهُ
**
كأنَّ سُكُونَ الغَارِ ألْقَى سُؤَالَهُ
عَلَيْهِ فَرَدَّ اللهُ عَنْهُ جَوَابَهٌ
**
دَعَاهُ فَقَالَ اقرأ وما هو قَارئٌ
يُعِيْدُ لَهُ اقرأ يا نَبِيُّ كِتَابَهُ
**
أتَاهُ حُضُورًا كَيْ يَغِيْبَ عَنِ السِّوَى
ويَشْرَحَ إدْرَاكُ الحُضُورِ غِيَابَهُ
**
تَعَرَّقَ فِيْهِ الغَيْبُ حُمَّى لِعَاَشِقٍ
يُرَتِبُ مِنْ طَقْسِ العِنَاقِ اضْطِرَابَهُ
**
لَهُ السِّرُّ سِرُّ البَاءِ في بَسْمَلاتِه
تَذَوّقَهُ في السِّرِّ حتَّى أذَابَهُ
**
يٌلَقِنُهُ جِبْريْلُ زَيْتَ سِرَاجِهِ
لِيُوقِدَ حُبًّا عن سُؤُالٍ أَجَابَهُ
**
تَصَالحَ فِيْهِ المَاءُ والنَّارُ وانْتَمى
إلى ضِفَّةِ المِشْكَاةِ يُهْدِي رُضَابَهُ
**
شَفِيْفٌ كَأنَّ المَاءَ كَوَّنَ جِسْمَهُ
يُبَدِدُ مِنْ عَيْنِ الصًّفَاءِ سَرَابَهُ
**
قَرِيْبٌ مِنَ اللهِ القَرِيْبِ لِقَلْبِهِ
يٌفَسِّرُهُ التَّقْريْبُ قَوْسًا وقَابَهُ
**
يُطَمْئِنُ فيْ خَوْفِ الأَمَان حَمَامَةً
يُنَبِهُهَا المَعْنى فَتَقْصِدُ بَابَهُ
**
وتُودِعُ فيْ اللا شَّكَ أَسْرَارَ بَيْضِهَا
تُؤَثِثُ مِنْ عُشْبِ اليَقِنِ رِحَابَهُ
**
لَطَائِفُ سِرٍّ تُرْجٌمانُ لِشَوْقِهِ
إذَا نَطَقَ الإصْغَاءُ ألْقى خِطَابَهُ
**
تَلَعْثَمَ ثَغْرُ الغَيْمِ لَحْظَةَ قَصْدِهِ
وأَعْشبَ قَلْبُ الرَّمْلِ حِيْنَ أصَابَهُ
**
تُرَدِدُهُ الصَّحْراءُ نَهْرًا مُسَالِمَا
يُعَبِّدُ مِنْ نَبْضِ الحَيَاةِ شِعَابَهُ
**
ليَرْسٌمَ فِيْ الدُّنْيَا تَفَاصِيْلَ ضَوئه
نُجُومًا تُرَبِي الأَرْضَ أَعْنِيْ صِحَابَهُ
**
و ما كانَ فَضَّ القَلْبِ بَلْ لَيِّنًا إذَا
تَغَلَّظَ قَلْبٌ الطِيْنِ أرْخَى حِسَابَهُ
**
لَهُ شُرْفَةُ فيْ الشَّمْسِ تَمْنَحُ لَيْلَهُمْ
عُيُونًا تَرَى خَلْفَ الجِبَالِ قِبَابَهُ
**
تُحَاصِرُ أدْغَالَ النُّفُوسِ بِضَوْئها
وتَكْشِفُ عَنْ زَيْفِ الظَّلامِ حِجَابَهُ
**
وتَلْبَسُ أزْهَارُ الهُدَى مِنْ مُحَمَّدٍ
ثِيَابًا و سِرْبُ النَّحْلِ أهْدى ثِيَابَهُ
**
وكَانَ لنَحْلِ الذّكّرِ رِيْقُ مُحَمَّدٍ
و كَانَتْ تَقَاسِيْمُ المُرُوجِ خِضَابَهُ
**
فَكُلُّ جَمَالِ الكَونِ بَعْضُ جَمَالِهِ
وأطْيَبُ عِطْرِ الوَرْدِ يَعْنِي انْسِكَابَهُ
**
يَقُولُ لَنَا التَّارِيْخُ مَرَّ بِخَاطِري
فَعَتَقْتُ مِنْ تَمْرِ الذَّهَابِ ايابَهُ
**
لِيَشْرَبَ مَنْ ضَاعُوا بِغَيْرِ حَقِيْقَةٍ
و يَسْكَرَ صَحْوًا مَنْ يَذُوقُ شَرَابَهُ
**
فَمَنْ ذَاقً يَدْرِيْ كَيْفَ يَسْلُكُ طَعْمَهُ
ويَسْرِقُ مِنْ حَالِ السَّحَابِ سَحَابَهُ
**
هو الحُبُّ فيْ فِقْهِ السُّلُوكِ يُجِيْزُنِيْ
لأرويَ مِنْ عَينِ اليَقِينِ صَوابَهُ
**
تَواصَوا بِهِ حُبًّا و صَلُّوا وسلِّمُوا
على خيْرِ مَنْ مَسَّ التُرابُ جَنَابَهُ
Discussion about this post