بقلم دكتورة … شمس راغب
تتداخل العلاقات الاجتماعية بين الناس بشكل كبير ، من تعاملات وصداقات وأعمال وقرابة ، ولا يمكن أن تخلو تلك العلاقات من شحناء تعصف بها ، أو مشاكل تمر فيها ، أو نزاعات
تؤثر عليها ، وهذا الأمر ليس بالغريب ؛ لأنه طبيعة حياة تقتضي
ذلك بشكل بديهي ؛ لكن الفارق في ذلك كله هي طريقة التعامل
مع تلك الحالات وهنا يكون الحلم دافعا للتسامح .
•فالمؤمن الحقيقي يسامح ، والإنسان العاقل يسامح ، وصاحب القلب المشبع بالطيبة يسامح أيضا ، وقد شاع التسامح بشكل كبير في العصر الإسلامي خاصة حينما دعا الله سبحانه وتعالى إليه
وشجع الرسول – صلى الله عليه وسلم – عليه .
• فإذا كنا مؤمنين حق الإيمان وجب علينا أن نتمثل القرآن الكريم ونعمل بما جاء به ، وأن نتبع هدي النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم –
• والعاقل من أدرك نفسه ، وقيد ذنبه ، وفاز بتقواه وجعل التسامح بابا من أبواب التقوى يلجه للسعي لمرضاة الله ،
وكيف لنا ألا نقبل على التسامح بقلوب مطمئنة وراضية والله
سبحانه وتعالى يقول : “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ”
آل عمران : ١٣٣ .
• عندما تقرأ هذه الآية وتتمعن في معانيها تستبشر خيرا ، لأن مغفرة الله ليست بالأمر الصعب ، ونيل رضاه ليس معسرا عليك
بل هو معادلة تقتضيها مع نفسك لتجد ذاتك من الرابحين ، فالله
سبحانه وتعالى يدعونا للمسارعة إلى طلب المغفرة ، ثم أوجد لنا
بعض طرق نيل المغفرة حين قال سبحانه: ” الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ”
• الإنفاق في سبيل الله وكظم الغيظ والعفو عن ، الإنفاق في سبيل الله يكون للقادر على ذلك ، أي أنه يخص به من يستطيع ،
أما كظم الغيظ والعفو عن الناس فيشمل الغني والفقير والقوي والضعيف والبعيد والقريب ، أي أنه يشمل كافة أطياف المجتمع ، ولذلك
غايتان :
• أولا : طاعة الله والفوز بمغفرته وهو أمر عظيم حين نسعى إليه .
• ثانيا : شيوع المحبة بين الناس فأنت عندما تعفو وتسامح فإنك
تنال محبة خصمك ، وعندما تسامح تألفك القلوب ، ويعتاد قلبك التسامح والمحبة ، فتكون سببا في ترابط العلاقات الإنسانية بين الناس . وهذه هي الغاية والمقصد والفوز العظيم .
• وبما أن التسامح غاية مثلى سنقف عند أطهر خلق الله وأقربهم
للتسامح قولا وفعلا وهو الرسول – صلى الله عليه وسلم –
• لقد كان في غمرة الهم والحزن والرجاء والدعاء ؛ إذ رد أهل الطائف دعوته وبينما هو كذلك بعث الله تعالى إليه ملك الجبال
ليأمره بما شاء ، فقال له : ” إن شئت يامحمد أن أطبق عليهم
الأخشبين ” . هما : ” جبلان في مكة ، جبل أبي قبيس وجبل
قعيقعان ، وهما مطلان على الحرم .
فكان جواب نبي الرحمة والتسامح بالعفو : ” أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله تعالى وحده لايشرك به شيئا ” ..
• هذا مثال من تسامح الرسول لكن له صلى الله عليه مواقف عديدة
عن التسامح والعفو لا يتسع المجال هنا لذكرها .
• فتأملوا هذه الحكمة في شخص نبينا الكريم – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – وانظروا لهذا العفو والعطف والرحمة في روحه الطاهرة قال تعالى : ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ” الأنبياء : ١٠٧ . هذا ما يجب أن يكون عليه المسلم الحق بقلبه المسامح
وحياته الهانئة المطمئنة ؛ وكيف لا يكون كذلك وهو يقول :
” إن ربي الله ” .
• ” سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ” .
Discussion about this post