الـــــرواد نـــيــــوز
“تم البدر بدري، والأيام بتجري.. والله لسه بدري والله يا شهر الصيام”.. حالة من الحزن والتأثر بوداع شهر رمضان الكريم تُصيب جموع الشعوب العربية عند الاستماع إلى نغمات هذه الكلمات تنبعث من محطات الراديو أو التليفزيون، إذ يأتي صوت الفنانة شريفة فاضل ليُعلن معه اعلان ختام الشهر، ومرور أيامه بسرعة البرق، وهو ما تجلى بقوة في الكلمات التي كتبها الشاعر عبد الفتاح مصطفى تحديداً في مقطع “أيامك قليلة.. والشوق مش قليل .. والغيبة طويلة.. ع الصبر الجميل.. لسه بدري حبة يتملا الأحبة”
قصة الأغنية بدأت من جانب الشاعر عبد الفتاح مصطفى الذي راودته فكرة تقديم أغنية تُعبر كلماتها عن مدى تأثر وحزن الناس بوداع شهر رمضان الكريم، فأخذ بقلمه يُسطر أبيات شعرية نابعة من إحساسه الصادق، وتقدم بها للإعلامي وجدي الحكيم الذي كان يشغل منصب مراقباً للموسيقى والغناء في الإذاعة المصرية آنذاك، وبدوره عرضها على لجنة النصوص للحصول على إجازة بتقديمها، وبعد الموافقة اقترح الحكيم على الفنانة شريفة فاضل غنائها، والتي تحمست كثيراً لوضع صوتها على الأغنية، وأًسند مهمة تلحينها إلى الموسيقار عبد العظيم محمد الذي لحنها في يومين فقط
تحمل الأغنية في كواليسها العديد من التفاصيل؛ فبعد أن أصبحت الأغنية جاهزة للتسجيل، فتح وجدي الحكيم أستوديو 46 بالإذاعة المصرية، ودعا إليه الفنانة شريفة فاضل حتى تتولى حفظ كلمات الأغنية، والتدريب على لحنها من خلال عدد من البروفات التي أجرتها قبل التسجيل، وبعد 3 أيام من حفظ الأغنية والتدريب على لحنها سجلتها شريفة بحضور الشاعر عبد الفتاح مصطفى الذي أبدى إعجابه بلحن العمل وصوت شريفة فاضل حيث ظل جالساً بجانب كلاً من وجدي الحكيم ومهندس الصوت يستمع إلى صوتها وأدائها إلى أن إنتهت من تسجيلها، لتبدأ الإذاعة من بعدها في إذاعتها في الثلث الأخير من شهر رمضان، لتُحقق حينها نجاحاً مدوياً مستمر منذ منتصف الستينات، وحتى الآن
تحمس شريفة فاضل للأغنية وفرحتها بغنائها كان واضحاً لدرجة أنها قالت: “يكفيني أن تكون لي أغنية دينية شهيرة يُرددها الناس في هذا الشهر الكريم”.. تلك الكلمات التي قالتها للإعلامي وجدي الحكيم بعد تسجيلها للإغنية، حيث رفضت تقاضي أجر مادي مقابل غنائها مُعتبرة أن وجود أغنية دينية تُذاع لها عبر الإذاعة المصرية في شهر رمضان الكريم هو مكسب وأمر يُسعدها وتفخر به، لذلك لم تتجاوز تكلفة إنتاج الأغنية 50 جنيهاً آنذاك، إذ تقاضى الشاعر عبد الفتاح مصطفى مبلغ 15 جنيهاً فقط، فيما تقاضى الملحن عبد العظيم محمد مبلغ 35 جنيهاً مقابل لحن الأغنية.
الصدفة هي التي لعبت دوراً أساسياً في غناء شريفة للأغنية الأشهر في وداع شهر رمضان، حيث لم يكن مخططاً لها أن تُغنيها، ولم تسعى هي إلى خطفها من باقي مطربي الإذاعة، إنما وقعت الأغنية أمامها بالصدفة، فقد كانت الإذاعة هي التي تتولى عملية توزيع الأغنيات على المطربين، وكانت شريفة آنذاك تُصنف كمطربة جديدة في بداية مشوارها الفني إلى أن رشحها الإعلامي وجدي الحكيم لغنائها.
ورغم إنتاج عدد لا بأس به من الأغنيات المتعلقة بوداع شهر رمضان مثل “في الليالي الحلوة” للمطربة وردة، “لا أوحش الله منك يا شهر الصيام” للفنان كارم محمود، و”عدت الأيام” للفنان إيهاب توفيق، إلا إنهما لم يحظيا بقدر الشهرة التي نالتها أغنية “لسه بدري يا شهر الصيام” لتصبح هي الأغنية المتربعة على عرش أشهر الأغنيات التي نُعلن معها إنتهاء الشهر الفضيل.
Discussion about this post