بقلم الشاعر … ميشال سعادة
7
ثَلاثَـةُ عَنَاصِرَ
وَتُولَدُ القَصِيدَةُ قُبلـَةً عَلَى ثَغرِ امرَأَةٍ
يَتَجَمَّعُ الزَّمَانُ فِي الحَاضِرِ
لَكِنَّ الحاضِرَ يَكَادُ يَتَنَفَّسُ
يَكَادُ يَمُوتُ الكَلامُ وَلا يَمُوتُ
نَنتَظِرُ غَدًا فِيهِ نَتَكَلَّمُ
فِيهِ نَبُوحُ ما يَعتَمِلُ في الأَحشَاءِ
نُسِرُ أَسرَارَنَا وَإِن عَلَى خَفَرٍ
نَتَعَرَّفُ أَصوَاتَنَا التِي هِيَ النَّفَسُ
الذي لَولَاهُ هَذَا الوُجُودُ عَدَمٌ
أُسَارعُ إِلى القَولِ _
لِي عِندَكِ شَجوٌ
لكِ عِندِي شَجَنٌ سَيَّالٌ
وَحدَهُ –
صوتُكِ وَالمَاءُ
وَأَنَا ..
وَتُرَشِّفُ الشِّفَاهُ لُغَةً مَائِيَّةَ الأَوصَافِ
يَنَامُ قَلبُكِ فِي حُضنِ يَدَيَّ مُطمَئِنًّا
أَنا عَينٌ عَلَيهِ
عَينٌ عَلَيكِ يَا قُرَّةَ العَينِ
وَالإصغَاءُ رَقِيبٌ يُرَاوِحُ ما بَينَنَا
فَلا شِعرٌ دُونَ إِصغَاءٍ
وَلا حُبٌّ دُونَهُ
دُونَ حَاءٍ وَبَاءٍ
حَرفَانِ فِي أَبجَدِيَّتِنَا عِلَّـةُ الوُجُودِ
وَمَدَارُ الإبدَاعِ كَي نَكُونَ …
وَحدَهُ –
حُبُّكِ وَالمَاءُ
وَأَنَا ..
وَنَسمَعُ الأَرضَ تَتَنَفَّسُ هُدُوءَ المَسَاءِ
..نَستَقبِلُ مَعًا _
طَلعَةَ شَمسٍ بَهِيَّهْ
يَا امرَأَة _
عُودِي
إِنَّ لطَرِيقِ العَودَةِ نَكهَةَ الآتِي
تَضِجُّ السَّاقِيَةُ فَرَحًا
يَنسَابُ مَاؤُهَا شَبِيهَنَا
يَخضَرُّ العُشبُ
تَزْهَرُّ حَدَائِقُ حُبِّنَا
يَتَعَانقُ القلبانِ
نَقتُلُ نَرسِيسَ بِأَيدِينَا
وَليَحزَنِ المَاءُ ..
حُزنُ المَاءِ بُكَاءٌ
ثُمَّ بُكَاءٌ مَشفُوعٌ بِهَدِيلِ الحَمَامِ
بُكَاءٌ لَولَاهُ ما حَطَّ عُصفُورٌ
عَلَى بِركَةِ مَاءٍ
وَلا تَهَادَتْ ثَمَرَهْ
عَلَى غُصنِ شَجَرَهْ
وَلا ارتَاحَ فَلَّاحٌ بَعدَ التَّعَبِ
إِلى مِزرَابِ عَينٍ
وَلا تَقَاسَمَ عَاشِقَانِ بالكَفِّ شُربَـةَ مَاءٍ
صَدِّقِينِي _
أَنَا رَأَيتُ إِلى المَاءِ يَبكِي
وَلا يكُفُّ عَنِ البُكَاءِ
وَحدَهُ –
صَوتُكِ وَالمَاءُ
وَأَنَا ..
وَيَدُ المَدَى تُدَاعِبُ رُوحَينَا
أُغَافِلُها مَشغُولًا بِكِ
عَنِ الدُّنيَا
أَجُوبُ مُنحَنَى ذِرَاعَيْكِ
أُلامِسُ مَسَاحَةَ الرِّدفَينِ
أَصعُدُ إلى ضِفَّتَيْ فِيكِ
يَتَلَوَى المِجدَافُ مَلهُوفًا مِهيَافًا
أَدُورُ حَولَهُ عَطشَانَ عَطشَانْ
أَطُوفُ حَولَ العُنُقِ
أَطُوفُ دَوَائِرَ دَوَائِرَ
تَائِهًا كَصُوفِيٍّ يَرجُو المُبتَغَى
يَرتَمِي عَلَى الكَتِفَيْنِ كَخِرقَةٍ
ثُمّ أَجِدُنِي أَهبِطُ مُنحَدَرَ الظَّهرِ
أَغَيِّرُ طَرِيقِي وِجهَـةَ المُرتَجَى
لا أُخفِي أَنِّي أَعُودُ الى نَبعَـةٍ
مِنهَا خَرَجتُ ذَاتَ يَومٍ
مِنهَا أَرتَوَي
إِلَيهَا أَعُودُ مَلهُوفَ القَلبِ
ثُمَّ أَهدَأُ جِوَارَكِ بَعدَ عَنَاءِ المَسَافَـةِ
وَعَلَى الشِّفَاهِ تَرَاتِيلُ وَتَمتَمَاتٌ –
ما أُحَيْلَى العَودَ إِلى البَدْءِ !
ثَمَّـةَ بَدءٌ وَلا نِهَايَـهْ
نَظُنُّ وَصَلنَا وَالوُصُولُ مُرجَأٌ
وَلا تَنتَهِـي الحِكَايَـهْ
حِكَايَـةُ الحُبِّ أَبَدًا _
مُرَاوَحَـةٌ فِي البِدَايَـهْ …
هِيَ لَحَظَاتٌ –
وَأَرَى إلى ضَبَابٍ يَغشَى شَفَتَيكِ الوَردِيَّتَينِ
أُلوِّحُ لِعَصَافِيرَ فَوقَ جَبِينِكِ
تَطُوفُ .. تَطُوفُ
وَإِذَا أَغمَضتِ عَينَيكِ
أُغمِضُ عَينَيَّ كَي أنامَ وَلا أَغفُو
فِي ظِلِّ جَسَدِكِ الطَّاهِرِ
كمَا لَو صَيفٌ يَدُومُ
وَالحُبُّ حُبِّي يَتَأَمَّلُ بِغُمُوضٍ عَالَمًا قَلِقًا
يَنبَسِطُ وَرَاءَ ابتِسَامِكِ البَشِّ ..
صَدِّقِينِي
وَحدَهُ _
صَوتُكِ وَالمَاءُ وَأَنَا
فِي مُوَاجَهَةِ المَوجِ كالمَوجِ
أَبتَكِرُ لَونَ كِتَابَاتِي وَأَصوَاتَهَا
أَبنِي بِالكَلِمَاتِ بُيُوتًا للمَعَانِي
أَصُوغُ حُرُوفًا حِجَارَتُهَا مَرصُوفَةٌ
عَلَى إِيقَاعِ نَجوَايَ
عَلَى إيقَاعِ أَحزَانِي الجَمِيلَهْ
وَأَعرِفٰ أَنَّ بيتَكِ وَلُوعٌ بِكِ
وَالمِفتَاحُ شَغُوفٌ
وَأَسأَلُ –
كَيفَ يَبكِي بَيتُكِ وَالنَّوَافِذُ مُغلَقَةٌ ؟
وَأَنَا فِي صَمتِيَ المُدَوِّي
عَصِيٌّ عَلَيَّ البُكَاءُ
مُغَمَّضُ العَينَينِ
مَسمُوحٌ لِيَ البُكاءُ حِبرًا عَلَى الوَرَقِ
بِيَدٍ تُلامِسُ يَدَيكِ مِرَارًا
وَاليَدُ الأُخرَى تُرَاقِبُ يَدِي
تَرمُقُ عَينَيكِ
تَرَى إِلى بَيتِكِ وَجهَكِ المُنَوَّرَ
وَإلى غُرفَةِ نَومِكِ جَسَدَكِ الطَّاهِرَ المُقَدَّسَ ..
(….)
بقلم الشاعر … ميشال سعادة
Discussion about this post