بقلم الأديبة … شروق لطيف
رواية برج الأحلام الجزء الحادى عشر ( الحقيقة )
فى صبيحة اليوم التالي هرعت أورورا لكوخ العم جاك
لتروي له كالعادة عما مر بها من عصيب أحداث
فى الليلة البارحة …..
ليستشيط غضبا بدوره
والذي كان يزداد حنقا من ذياك الوغد فى كل كلمة تنبس بها شفتاها
وكان يدرك تماما دناءة طبعه وانحدار خلقه وتكالبه على الشهوات الوضيعة والنزوات الدنيئة ما إن وجد إليها سبيلا وكان يعرف تردده على أماكن اللهو فى باريس للانغماس فى شتى الملذات ولعب القمار وخسارة الأموال وكذلك مصاحبة بنات الهوى وربات الغنج الساقطات والهبوط لأدنى الدرك السفلي ……
وفجأة هب من على كرسيه قائلا
إذن لقد جاء الوقت……
لم تفهم أورورا ما يعني من وراء كلمته إلا لما رأته يفتح خزانته بمفتاح يطوق رقبته وأحضر منها صندوقا عاجيا رائع الشكل وقال لها :
حان الآن الوقت لفتح هذا الصندوق والذي أنا متأكد أنه يحوى سرا هاما يخص البرنس ألفونس ….
إذ قد أعهدتنى الكونتيسة برناديت على هذا الصندوق وقالت لى لن أجد أفضل منك يا جاك كي أئتمنه عليه
فاحتفظ به وتحين الوقت المناسب لفتحه والعمل بما في مصلحة ألفونس
وتنهد قائلا
وكأنها كانت تشعر بقرب نهايتها…….
وبالفعل فتحاه سويا ليجدا ورقتين مطويتن تقبعان فى أرجائه المخملية
فأمسكت أورورا بالأولى لتجدها صك ملكية القصر والمصنع
أما الأخرى فكانت تحتوي على رسالة بخط الكونتيسة برناديت موجهة للبرنس ألفونس فبدأت تقرؤها بصوت عالي ليتفاجأ العم جاك بما تلقي على مسامعه من غريب أخبار إذ قالت :
ولدي وفلذة كبدى وابن عمري ألفونس…
أكتب لك هذه الرسالة ولا أدري متى ستقرأها لكني متأكدة أنها ستكشف لك سرا لم تكن يوما تتوقعه فاسمع يابنى لأن فى مواجهته ربما تتعرض للعديد من المتاعب لكن تجلد ودافع عن حقك حتى الرمق الأخير
فى الواقع يا ألفونس هذا القصر الذي نقطنه والذي يعلوه اسم أبيك إنما كان ملكا لوالدي اللورد دى لا فونتان والذي كان قائدا عظيما فى الجيش الفرنسي وكان يعمل فى كتيبته ضابط صغير وكان من عامة الشعب وما أن رأيته إلا وقد نصب لى شراك الحب وأمعن فى تلاوة الكلام المعسول الذي ينزل على مسامع الفتاة فى ذلك السن الغر وقع السحر …
فصممت عل الزواج به بالرغم من معارضة أبي لعدم تناسب الحالة الاجتماعية بين الأسرتين لكنه نزل علي رغبتي لحبه الشديد لي ويا ليتني كنت أنا التي رضخت لأوامره وامتثلت لرأيه الذي اكتشفت صوابه فيما بعد فى وقت لا ينفع فيه الندم
وتزوجته ألا وهو أبيك طبعا ….
والذي اكتشفت غلاظة طبعه ومطامعه المادية فيما بعد وأنه تزوجني ليعتلي اجتماعيا طامعا في ثروتي إذ كان يعرف إني الابنة الوحيدة لأبي …
وعاش معنا في القصر حتى وفاة أبي كمدا عندما تبدى أمامه سوء نيته وافتضاح أطماعه واعوجاج خلقه
مما زاد في غمي وندمي وتأكدي بأنني كان لا يزال في انتظاري المزيد من الأهوال
ثم عوضني الله قليلا بمولدك فكنت جل ّ اهتمامي وسر فرحتي وأملي لكي تكون سندي وعوضي عما أرى من مبتئس المصير
وبعد ذلك بأربع سنوات وكانت تعمل لدينا خادمة تكشفت سوء خلقها وأطماعها المادية وكذلك صدمت بأنها ما كانت إلا عشيقة لأبيك من وراء ظهري فصدمت وأى صدمة !!!!
وزاد من لوعتي وهمي أننى علمت بحملها سفاحا منه وإذ كانت تنتمي لأصول ايطالية هرعت للقنصلية الخاصة بها للتشهير به والاحتماء بها ليعترف بالمولود عند الوضع ….
مما أثار رعب والدك في أحداث بلبلة على سمعته حتى لا تصل للقصر الملكي ويتم فصله من الجيش لسوء سلوكه فساومته بضرورة الاعتراف بثمرة هذه الخطيئة وكانت قد وضعت غلاما وكتبته بإسمه فاضطر أن يرضخ لمطلبها
فجاءني ذات يوم كي يجبرني بأنه سيقيده بإسمه واسمي وكأننى أمه
وللأسف تم مراده ووافقت قسرا وكمدا بأن أكون أما لطفل لا يمت لي بصلة ولا أحمل له أى مشاعر من حنان الأمومة إلا ينتابني السخط منه والنفور من أمه ومن أبيك كذلك
وكان هذا الطفل هو آلان…..
نعم هو كذلك آلان ليس بإبني ولا ولد لي إلا انت يا ولدي وثمرة أحشائى الوحيدة …..
والوارث الشرعي لكل أملاكي الموروثة عن جدك المالك الأصلي لكل شي……..
ها قد أفصحت لك عن السر حتى إذا ما أصابني سوء يوما ما أكون قد عهدت اليك بأن تعي لمصلحتك وتأخذ حذرك خشية أن يظلمك أو يجور على حقك
وها أرفق مع خطابي هذا صك الملكية للقصر والمصنع والمزارع والتي تكون أنت الوحيد المالك الفعلي والوارث الشرعي لهم …..
أتعهدك في رعاية الله يا حبيبي ستظل كنزي الوحيد والنور الذي أشرق في عمري بعدما خضت في دجنة ظلمة الأيام وما رأيته من نوائب الدهر غير المتوقعة …
إمضاء / الكونتيسة برناديت دى لافونتان
وما أن أتمت اورورا قراءة الرسالة حتى ساد الصمت بينهما فجلسا ذاهلين بما سمعا وتعجبا من كم الشر الذي يكمن في نفس آلان واقصاء أخيه واذلاله وهو المالك الحقيقي للقصر ولكن ها الحقيقة تجلت بنور الحق ليأخذ نصابه وترجع الحقوق لذويها….
فهرعا سويا لإخبار البرنس ألفونس بجلية الأمر
وأخذا في البحث عنه ولما فشلا في العثور عليه بدأ القلق يساورهما حتى تأكد لديهما عند سماع الخدم يصرخون وينادون إياهم لنجدتهم في هذا المصاب الأليم بأن خطرا جسيما ألمّ به
إذ قد وجدا …………
بقلم الأديبة … شروق لطيف
Discussion about this post