بقلم الشاعرة … سعيدة باش طبجي
تونس
تُعَرِّشُ فِي الأضْلَاعِ منّي خَمائلُ
و دَهْري بِوَخْزِ الشّوْكِ للزّهْرِ غائلُ
و تَمْهُرُني الأشواقُ بالحُلْمِ و الرُّؤَى
و لكنَّ حظّي عنْ ذُرَى المَجْدِ غافِلُ
و مازِلْتُ في دَرْبِ الهوَى نَبْضَ طفْلةٍ
يَرِفُّ و يَهْفُو ..في النُّسَيْمَاتِ رَافِلُ
و لكنَّ برْدَ العُمْرِ أثْلَجَ جَذْوتِي
وجُزَّتْ بِسَيْفِ الشَّيْبِ مِنّي الجَدَائِلُ
بِلَادِي سَقَتْها الشَّمْسُ قُبْلةَ فَجْرِها
و لَكنْ جَرَاد اللَّيْلِ بالعَتْمِ حَافِلُ
و أرْضِيَ مِعْطاءٌ و مَرْجِيَ مُزْهِرٌ
و لَكِنْ مِنَ الغِرْبانِ فِيهِ جَحَافِلُ
وحَقْلي خَصِيبٌ و المَدَى فيه شَاسِعٌ
و لكنْ بأفْيائِي تَمُوتُ السَّنابِلُ
و يَنْتَحِرُ القُمْريُّ في أيْكِ قَهْرِهِ
و تَنْفُقُ في قَفْرِ الهَجيرِ الأيائِلُ
و إنّي إذَا ما رُدْتُ يَومًا بَيَادِرِي
عَسانِي لِقَامَاتِ الشّمُوسِ أُطاوِلُ
تُشرِّدُني مِنْها غَرابيبُ غُرْبَتِي
و تَحْصِدُنِي بالقَهْرِ فِيها المَناجِلُ
و إن رُمْتُ أشْدُو الحُبَّ بَوْحَ رَبَابَةٍ
خَرسْتُ ونَامَتْ في الشِّفاهِ البَلابِلُ
و أرْفعُ همِّي نَحْوَ آفاقِ هِمَّتي
فتهْوِي علَى هَامِ الطُّمُوحِ المَقاصِلُ
وإنْ رُمْتُ غَرْسَ الحُبِّ في مُهْجةِ الثَّرَى
لتُولَدَ مِنْ رَحْمِ الغَرامِ الفَسَائلُ
تَشظّتْ أيَادِي العِشقِ مِنْ جَمْرةِ اللَّظَى
وجَزّتْ رُؤوسَ الأُمْنِيَاتِ القَنابِلُ
و خَرَّتْ بِسَيْفِ القَهْرِ هَامَاتُ نَخْوَتي
ولَمْ تَبْقَ للأشْعَارِ حتَّى الأنَامِلُ
أجِدُّ و حُزْنِي نَابِضٌ فِي حُشاشَتي
ويَهْزأُ مِنِّي الأفْقُ و الكَوْنُ هَازِلُ
و تَحْجُرُني الأدْواءُ في قَبْوِ سُهْدِها
و لَسْتُ أطُولُ النّجمَ و اللّيلُ طائلُ
و أقْبَعُ في جُحْري و جُرْحُ جَوارِحي
يَنِزُّ و هَذا السُّقمُ في النّبْضِ صَائلُ
و شَوْقي إلَى ذِكْرى الشَّبابِ يَعُبُّنِي
و تَمْضُغُني بالنَّأْيِ تلْكَ المَنازِلُ
و أنْتَظرُ الأخْبَارَ تَرْحَمُ غُلَّتِي
فَتُغْتَالُ في دَرْبِ البَرِيدِ الرَّسَائِلُ
و أطْمعُ في وَصْلٍ يَرُمُّ مَواجِعي
ومانالَنِي يَومًا من العشْق نَائلُ
فأبْقَى أذُرُّ الجَدبَ مِنْ لهْبِ جَمْرتي
يَحُولُ عَليْها الحَوْلُ والنَّبْضُ حَائلُ
وَ كُنْتُ أظُنُّ الرُّوحَ حُبْلَى بِشَوْقِها
و رَحْمُ حُرُوفي بِالصَّبَاباتِ حَامِلُ
فإذْ بِمِدَادِي جَفّ مِنْ جَمْرِ عُقْمِهِ
و نَبْضِي عَلى رَفِّ المَوَاجِعِ خَامِلُ
تُرَاودُهُ الأحْلامُ تَبْغِي وِصَالَهُ
و تَغمِزُهُ الأشْعارُ وَلْهَى تُغازِلُ
و لَكِنَّ نَبْضِي لا يَرُومُ وِصَالَها
فيَهْرَبُ وَ الأوْصَابُ للقلْبِ شَاغِلُ
وكَيْفَ يُجِيبُ النّبْضُ غَمزَةَ أحْرُفٍ
وقَلبُ المُعنّى للمَواجِعِ مائِلُ؟
و كيْفَ يُطيقُ الحَرْفُ بَوْحَ صَبابَةٍ
و غُولُ المَنايَا للأهَازيجِ غائِلُ؟
فَحتَّامَ هَذا القلْبُ يَرْسُفُ في الجَوَى
و حتَّامَ أذْنابُ الدَّواهِي شَوائِلُ؟
و تنْتَحِرُ الأحْلامُ فِي عَتْم قَبْوِها
وفوْقَ رَصِيفِ الذُّلِّ تُرْمَى الفَضَائلُ
و فِي زمَنِ الغِرْبانِ والجَمْرِ و الرَّدَى
تَموتُ التُّقى فِينا و تَحْيَا الرَّذائلُ
مَتَى تُزْهِرُ الأسْرَارُ فِي ثَغْرِ صَبْوتي
وتَهفُو عَلَى نَحرِ الأمَاني الجَدائلُ ؟
و يَومًا أرانِي في خَرِيفِ مَوَاسِمي
أذُرُّ حُبُوبَ الحُبِّ… تنْمُو السَّنَابِلُ
و أوْطانُنا في موٌسِمِ السّلْمِ تنْتَشي
و تَشْدُو بآلاءِ الرَّبيعِ الجَدَاوِلُ
و أشْدُو بعِشْق اللهِ والشّعْرِ و الهَوَى
و للعِشْقِ في حَرْفي و عَيْنِي دَلائِلُ
بقلم الشاعرة … سعيدة باش طبجي …تونس
Discussion about this post