نافِذَةٌ ولا نَفَاذٌ
بقلم … ميشال سعادة
1
أَرَانِي فِي الحَجْرِ آوِي إلى جُحْرٍ
أَجلِسُ عَلَى حَجَرٍ
أنا والكِتَابَةُ صُنوَانُ
أجمَعُ حَصَادَ ما قَرَأتُ
أكتُبُ مُنطَوِيًا على كينُونَتِي
تَخَلَّيتُ عَنِ المِرآةِ
أُحَاوِلُ كَعَادَتِي
أَضُمُّ ما حَولِيَ فِي ذَاتِي
لِي مِن وَقتٍ لآخَرَ نَافِذَةٌ
أُطِلُّ مِنهَا على بَيدَرٍ
أَدرُسُ الحَصَادَ
لي زَادُ شَمسٍ
ونَورَجٌ يَدُورُ .. يَدُورُ
أحَارُ أينَ البِدَايَهْ ؟
أينَ النِّهايَهْ ؟
لكِنِّي لا زِلتُ أمتَهِنُ الإصغَاءَ الى القَشِّ
عَينٌ عَلَى القَمحِ
عَينٌ على عَجِينِ أُمِّي
على النَّارِ
على رَغيفٍ يَندَاحُ
يَأخُذُ شَكلَ الأرضِ
قُلتُ في سِرِّي _
إنْ كانَ لي نَافِذَةٌ
فَللنَّارِ بَابٌ يَطلَعُ منهُ الخُبزُ
يَسُدُّ بَعضًا من جُوعِيَ للكَلِمَاتِ ..
2
هَا أنا _
لا زِلتُ بينَ رَاءٍ وَمَرئِيٍّ
أَطحَنُ على بَيدَرِي ما قَرَأتُ
ما جَمَّعتُ لأحفَادٍ يَجِيئُونَ الأَرضَ بَعدِي
أمتَهِنُ الإمتِلاءَ عَلَى مَرِّ عُمرِي
أسُدُّ فَغرَ الفَرَاغِ
أَغرِفُ حَصَادًا مُثقَلًا بالمَعَانِي
ما رَأَيتُنِي إلَّا عِندَ بَابٍ جَائِعًا للحَرفِ
نَافِذَتِي على امرَأَةٍ أحملُ لها سَلَّةً
مَلأتُهَا في تَطوَافِي
جَمَّعتُ ما تَوَفَّرَ من مُطِلٍّ عَلَى العَالَمِ
إِلى مَهرَبٍ للوُجُودِ
3
وَاقِفًا كالعَادَةِ الى نَافِذَتِي
لا أنا فِي الدَّاخِلِ
لا أنا فِي الخَارِجِ
أرَى إلى هذِهِ المَرأَةِ تَنحَنِي
الى نَافِذَةٍ قُبَالَتِي
عَينُها على لَيلٍ يَنجَلِي
على نَهَارٍ يَنفَتِحُ عَن نَفَقٍ
نُحَاوِلُ مَعًا أَن نَرتَوِيَ من حَوَاضِرِ العَدَمِ
4
في بَالِنَا لُغَاتُ غُرفَةٍ
ما جَفَّ حِبرُهَا
تَقرَأُ عَلَينَا مَزَامِيرَ أنشَدنَاهَا
على سَرِيرٍ يَتَكَلَّمُ بكَثِيرِ اللُّغَاتِ
قالَت جُدرَانُها _
حُبُّكُمَا ما بَينَ حَيَاةٍ وَمَوتٍ
تأكُلانِ من طَبَقٍ واحِدٍ
يَعتَرِيكُمَا فَرَحٌ وخَوفٌ
كأنَّكُمَا طِفلانِ لا تَزَالانِ فِي جَنَّةٍ
تَتَلَهَّفَانِ الى وَليمَةٍ مِنَ التَّنَاقُضَاتِ
فَلا جَنَّةٌ دُونَ جَهَنَّمٍ
وَلا وُجُودٌ دُونَ عَدَمٍ
نَرَانَا نَتَقَارَبُ نَتَاعَدُ كالبَحرِ
بينَ مَدٍّ وَجَزرٍ
جُوعٌ ولا شَبَعٌ
مُجَرَّدُ انعِطافٍ في حَرَاكٍ دَائِرِيٍّ فَوضَوِيٍّ
بينَ اتِّصَالٍ وَانفِصَالٍ
عَينَانَا على نافِذةٍ ولا نَفَاذٌ
على جَنَّةِ حُبٍّ عَدمَاءْ
لَنَا فِيهَـا بَعضُ قُوتٍ
وَلا ارتِوَاءْ
5
يا امرَأَة _
كالنَّهرِ هُوَ الحُبُّ
كالأرضِ كُلَّمَا حَرَثنَاهَا
قَالَتْ _
بَعدُ …
6
أَيٍّهَا العَاشِقَانِ _
لَكُمَا في الحُبِّ بَابٌ وَنَافِذَةٌ
لا وُصُولَ يَنفَعُ أو يُجدِي
ولا في الوَجدِ
طَيِّبُ الوَعدِ ..
بقلم …..ميشال سعادة
ليل الجمعـة 3/4/2020
Discussion about this post