الأديب علاء المرقب
يكتب …..نكاية بكذبة نيسان
سأكون صادقاً جداً في هذا اليوم على عكس المتعارف عليه، لأن الكذبة سوداء في أبيض حالاتها، ولايمكن ان يتم تزيينها لكي تكون مقبولة، فكم سببت تلك العادة في تشويه حقائق وكم أساءت لأناس وكم سببت حرجاً. لذا فكرت ان انشر في هذا اليوم شيئا صادقا لم اتحدث عنه قبلاً وتكون تلك سنتي السنوية – ان منحني الله عمرا وقدرة – في مثل هذا اليوم نكاية بكذبة نيسان.
حينما بدأت الكتابة في أواسط الثمانينيات، كان جمهوري هم الاصدقاء المراهقين في مثل عمري، وكانوا يستأنسون بدفاتري التي أوثق فيها خواطر ونصوصاً بسيطة، لكنها كانت جميلة ومحل اهتمام لمن هم في أعمارنا. وبعدها تطورت قابليتي حينما تجاوزت العشرين من عمري، وبدأت أوثق ما أكتبه بدفاتر حسب تصنيف النص، ولكني بقيت أعيش كاتباً محلياً جداً، فمتابعيني أقل من عدد أصابع اليد الواحدة او بقدرها في أفضل الاحتمالات. ورغم كل هذا التطور لم يدر في تفكيري ولو باحتمال بسيط أن ينشر لي يوما ما أي شيء مما أكتب ولو في صحيفة محدودة الانتشار، بل لم أفكر مطلقا أن بالإمكان أن أكون مؤلفاً، فكل ما أكتبه على سبيل الهواية التي تنقصني ثقة الاعتراف بها.
في عام ١٩٩٥ جمعت بعض النصوص في محاولة لطباعة كتاب بطريقة الاستنساخ البدائية. وكان بصحبته كتاب اخر عن الصلاة، لكني لم أكن مقتنعاً حينها، فالكتاب من وجهة نظري عمل متكامل تأليفاً وطباعة وهي وجهة نظر خاطئة طبعاً، فالطباعة ليست المقياس حتماً. فيما بعد تقاعست عن تواصل الطباعة أو دخول المعترك الأدبي لقناعة أخرى بأني كويتب لايرقى لمستوى المؤلفين حتى خضت مضمار الأدب بشكل فعلي على مواقع التواصل الاجتماعي في بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة. ثم عاودت الطباعة في ٢٠١٥ وبدأت حضور جلسات أدبية فقدمت وقُدمت ونشرت على الصحف والمجلات بأنواعها داخل وخارج القطر وبدأت تنهال علي الدعوات من داخل وخارج القطر، فيتم تقديمي ك أديب شمولي بعد ان طُبعت لي عشرات الكتب في مختلف أجناس الأدب، وحزت على جائزة الفوز بمسابقة للكتاب في مصر وكذلك اطلاق العديد من الألقاب علي، لذا عشت في جو باهر من الأضواء، إلا أن الحقيقة التي بقيت في داخلي، إني لم أقدم ما أستحق عليه كل ذلك التبجيل والاحتفاءات، بل إنني مازلت في خطواتي الأولى، وما كتبي إلا لبنات أساس لم يرتفع عماده، وأخجل أن أقارن بالأدباء الذين قدموا الكثير، بل مازلت أجهل هويتي الأدبية. ومما لابد قوله، إني لم أحلم ولو مجرد لحظات، بأن من الممكن ان ينشر عني أو لي شيئا في أي مجال اعلاني، أو صحيفة، ولو مقالة أو نصاً بسيطاً، اما مسألة طباعتي كتاب فذلك مالم يرد في مخيلتي بل سأضحك استغراباً لو قالها لي أحدهم وأنا في عقدي الرابع، بينما الكثير من الأدباء نالوا اضعاف شهرتي وهم في العشرينيات من عمرهم. ولهذا فإني أعد نفسي حققت اضعاف طموحاتي، بل الذي لم يكن يوماً ضمن تفكيري، فأنا شخص نلت من الحظ الكثير وانعم الله علي بما أنا فيه من توفيق، ولكن السر الأغرب اني رغم كل ماوصلت اليه، مازلت اقول أنني ضيعت الكثير من وقتي وكان من الممكن أن أكون في حال أفضل، بل ومازال في جعبتي الكثير لأقدمه. فماذا أريد أكثر من ذلك؟، ولتكن تلك أحجية الأول من نيسان بكل صراحة.
Discussion about this post