بقعـــــــة ضــــوء ….
بقلم لمياء العامريه …
الفصـــام الفكــري والاخلاقــي
واثــره في انهيار البنــى الثقافيــة للمجتمع …
لم تعـــد الحياة كما كانت على سابق عهدها ، كما لم يعــد ما كنا نقرأه في كتب الادباء والمثقفين والمفكرين وعباقرة الفلسفة ومنظّري الاخلاقيات والسلوكيات في علم الاجتماع فقد تغيرت المعايير والاسس والضوابط في كل مفاصل ومناحي الحياة بشكل ينبئ بالخطر الكارثي في البناء المجتمعي ..
الاخلاق والقيم والمثل العليا والمبادئ اركان رئيسة وحيوية لتكوين ( القــــدوة ) في المجتمع .. تلك الواجهة الاجتماعية والفكرية التي تمثل اداة التسيير والتوجيه المثلى للمجتمع سواء في داخل الاسرة او المنظومة التربوية او المنظومة المؤسساتية في الدولة ..
افراد ومجتمعات تسيطر عليهم براغماتية اشبه بالبدائية واللاعقلانية ، حين اصبحت المنظومة الاخلاقية في الترتيب الاخير ضمن اولويات الانسان واصبحت المجتمعات قاب قوسين او ادنى من التفكك والانحلال الفكري والمجتمعي ضمن اطارها العام والرئيسي الا وهو الاطار الاخلاقي الآيل للسقوط حين تبنّت نشر بذوره بعض الفئات المحسوبة على الطبقة النخبوية في المجتمع ..
وما بين بهرجة الخطاب الذي يسحر الالباب وبين اخلاقيات المخاطِب بونٌ شاسع ، وقد قيل ( ليس كلّ ما يلمع ذهبا ) ولعمري قالوا وصدقوا ، فكم من متشدق بلسانه الفصيح وخطابه المليح وصوته الصداح بأسمى الشعارات البراقة يتكشّف حين تلاشي اقنعته الواحد تلو الاخر عن وجه شاحب وقلب مريض وطبائع اقرب الى الحيوانية منها الى ادنى مستويات الانسانية …
ادعياء الفكر والثقافة من الطارئين عليها دونما جذور اصيلة وعميقة يتكاثرون وفق التطور الطفيلي في المجتمعات وفي مفاصل الحياة وهناك من يقف وراء هذا التردّي الخطير .. هي احدى مرتكزات واساسيات قوى الشر العالمية ( القضاء على القدوة ) في زمن يتسيّد فيه لكّع القوم وسفهائهم تسلم زمام الحركة الفكرية والثقافية ( الّا من رحم ربي )
في مختلف المجتمعات … ولعلّ من يسأل ما سبب ما آلت اليه الحال في المجتمعات العربية والاسلامية من هذا التردّي الكارثي ؟
وللاجابة ، فالخطوط متباينة بين مجتمع وآخر ، غير ان العامل الرئيس هو المتغيرات الكارثية التي طرأت على المنظومة التربوية والاخلاقية وضعف الوازع الديني والعقدي ، والدخيل من ثقافات خارجية التي اسهمت في تغير الاعراف والتقاليد المجتمعية ..
اي علم واي فكر واي حرفة ومهنة ما لم تحكمه الاخلاق فهو محض عامل هدم ونخر في بناء المجتمعات والاوطان .. وقد يقول قائل ، فما بال المجتمعات الغربية وهي الاكثر تطورا من حيث العلوم والتكنولوجيا رغم الانحلال الاخلاقي والاباحية المقيتة ورغم انعدام العلاقات الاجتماعية بين افراد المجتمع المادي جملة وتفصيلا ..
نقول ، ومن صلب ما يفرضه الواقع بصورة لا تقبل الشك ، ان كل ما وصل اليه العالم الغربي لم يكن ليكون لولا التخلي عن المنظومة الاخلاقية برمتها حتى اصبح الانسان فيها اداة للعمل والاستهلاك فكريا وجسديا مقابل اجور مادية على اساس الشيء مقابل الشيء ….
ما يهمنا الان في مضمون هذا المقال والاشارة اليه بالخطوط العريضة والذي يجب ان يطرح وبقوة هو لابد من التخلص من حالة الفصام التي يعيشها ما نطلق عليه ( القدوة ) في المجتمعات العربية ، فما يقوله ويتصرف ويظهر به امام الملأ شيء ، وما يعكس حقيقته شيء اخر ..
ولماذا يتنكر وينسى الانسان اصوله وجذوره ؟ ولماذا ينجرف نحو حيوانيته وينسلخ عن آدميته ؟ ومن يقف وراء بذر هذه الطفيليات داخل المجتمعات العربية ؟
اســــــئلة لابد من تناولها على طاولة النقاش وتسليط الاضواء عليها ….
Discussion about this post