بقلم … عبدالحميد شمالي
إن الولايات المتحدة عرفت على مدى التاريخ بالاتفاق والغدر، وهذا ليس ما يعيبها، فهي دولة عظمى لها مصالحها، ولديها استراتيجيتها لكن المشكلة هي لدى من يقبل بالعمل أداة وبيدقاً بيدها، لقاء بعض الفتات التي تلقي بها، فإن قبلتَ بلعب دور التابع- فإن عليك أن تتحمل النتائج.
دق ناقوس الخطر، ووجب علينا التنبيه لما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية في شمال سورية، بعد أن بدا واضحاً نشاط بعض الأكراد، لاستغلال الأوضاع المأساوية التي تسببت بها الفصائل الإرهابية..
وان الحلم الذي يعيشه بعض الأكراد، في إقامة دولة مستقلة لهم في سورية، ليس جديداً، ولطالما وزعت الخرائط، وانتشرت الشعارات التي تطلقها بعض الجهات الكردية، بمساعدة ودعم وتشجيع من الخارج، وبمساندة بعض الجهات الموتورة في الداخل، وتلك الجهات أصبحت معروفة منذ انطلاقة حركة الاحتجاج التي حاولت تحويلها إلى ثورة، فإذا بها تدفع بسورية وشعبها نحو الدماء والتفكك والتقسيم، وتلتقي- بحماسة- مع المخططات الخارجية (الأميركية تحديداً) الهادفة إلى تمزيق وحدة سوريا شعباً وأرضاً، وللأسف فإن جهات متعددة داخل سوريا، وبضمنها بعض الأكراد، أصابها العمى السياسي، والغباء، فانخرطت في هذه المخططات، وأمعنت في خلق الفوضى التي يريدها الإرهاب التكفيري (عارمة)، وتريدها أميركا (خلاقة)، كمدخل لتنفيذ استراتيجياتها المعادية للشعب السوري.
لقد كانت سورية، منذ الاستقلال، صخرة صلبة في طريق المشروع الأميركي لبناء (الشرق الأوسط) وفقاً لمصالح الغرب، وقد أخذ هذا المشروع أسماء أخرى في الخمسينات (حلف بغداد) و(فراغ ايزنهاور) إلا أن وقوف شعب سورية
، بجميع أطيافه، تلك الوقفة الوطنية الجبارة أجهض هذه المخططات، وكانت الوحدة السورية- المصرية، تمثل الرد العملي والتاريخي في مواجهة المخطط الأميركي- الصهيوني، لكن قوى العدو لم تيأس، واستطاعت، بمعونة الرجعية العربية، القضاء على أول محاولة وحدوية عربية في العصر الحديث، ولم تكتفِ بذلك، إنما استمرت تعمل للقضاء على الجيشين السوري والمصري في العدوان الغادر عام 1967، ولعل أهم نتائج ذلك، الكشف عن تلك العلاقة العضوية بين أميركا والصهيونية، وذلك أن إضعاف أي من الجيوش العربية، إنما يجري لصالح (إسرائيل) ووجودها وضمان استمرارها، ولكن كما استطاعت سوريا إجهاض الأحلاف الاستعمارية في الخمسينيات، فقد استطاعت بعد عدوان 1967، إعادة بناء جيشها الوطني والمحافظة على تماسكه، ومنع انهياره، لكن الصهيونية والولايات المتحدة استمرتا بالعمل للقضاء على الروح الوطنية في سوريا، والعمل على إنهاك جيشها وإضعافه، ومن هنا يمكن أن نفهم سير الأحداث منذ عام 2011، فقد جرى (دفع الجيش) الوطني إلى معركة عبثية مع فصائل مسلحة إرهابية حاملة لمشروع تكفيري هدّام، لا يستهدف سوريا وحدها، إنما يستهدف العودة بالمنطقة العربية إلى عصور من الظلام والأحقاد والفتن التي لا طائل منها، ويجري ذلك كله لصالح إسرائيل وخدمة المشروع الإسرائيلي وتعزيز الهيمنة الأميركية، ومن هنا يبدو واضحاً السعي إلى إدخال عناصر وعوامل مختلفة ومتعددة إلى الأزمة السورية، بسعي حثيث من القوى الإمبريالية وما يناصرها من قوى فاشية أصولية إرهابية عربية ومحلية
ومن هنا، أيضاً، نفهم انزلاق بعض الأكراد في مشروع تدمير سوريا، وإضعاف جيشها والمساس ببنيتها الوطنية، على أمل أن تساعدهم القوى الإمبريالية والفاشية في إقامة دولتهم الموعودة، انطلاقاً مما دعته (المشروع الفدرالي) الذي بظنهم يقود إلى (الدولة الموعودة) وما يحز في النفس أن (بعض الأكراد) قد انطلت عليهم اللعبة، وأغمضوا أعينهم، وأغلقوا عقولهن أمام وقائع التاريخ، فأخذتهم النشوة، وصدّقوا وعود أميركا، كما سبق لبعضهم فيما مضى أن صدقوا وعود فرنسا..!
اليوم.. يواصل جيشنا الباسل تنفيذ مهامه الوطنية في مواجهة الإرهاب وملاحقة المجموعات الإرهابية محققاً إنجازات متتالية في العديد من المناطق على امتداد مساحة الوطن.
وسيبقى الجيش العربي السوري العين الساهرة التي تسور حدود الوطن لينعم أبناؤه بالأمن و الأمان ومقومات الحياة الحرة الكريمة.
من أجل سورية نحيا ومن اجلها نموت
بقلم عبدالحميد شمالي
Discussion about this post