ورقة تنويرية في حق
كتابة الشاعرة نعيمة حسكة :
يقولون : الشعر كفيل أن يرتق ثقوب الروح ويلم شتات عثراتها … كل كتابة شعرية تعتبر منتوج فني تحدد مدى تحليقة الشاعر أو الشاعرة في مديات الخيال … والشاعرة نعيمة حسكة في نصها النثري (سفر ليس كالسفر ) حاولت ان تعزف بنا على أهداب الشجن والأسى لتبلغ ذروة الإمتاع في سفرية غير عادية تتنهد بآهات تصعد من الأعماق يلفها إحساس الضجر ، نعم إنها صرخات تراقص مكنون الأغوار بصور شعرية استنطقت بتوهج عاكس لخبايا الذات ،فبرغم أنها اماكن الترميز في أسمى تجلياته إلا أن كلماتها تتقاطر رقة وعذوبة تغري المتلقي الإنخراط للإرتشاف من حوض هذا الإبداع العميق والمتميز … طبعاً للسفر عدة تأويلات وغالبا ما يرتبط بالحزن الشديد والعميق ويظل ملتسقا بالعمق مولدا إحساسا بالمعاناة والقلق والهموم الثقال والمشاحنات الإنفعالية ،فمهما حاول الإنسان تخطي كل الأوجاع لا تستقر النفس ولا تهدأ ، هناك علاقة وطيدة بين السفر والأحزان …
بكل موضوعية فالشاعرة نعيمة حسكة اغترفت حد الثمالة من فيض إبداعها الأنيق موظفة أ سلوبا ساحر المعنى والدلالة بقوة التجربة التي اكتسبتها في الحقل الثقافي الشعري البهي والوارف وهذا ما نقرأه على امتداد مساحة كتاباتها النظيفة ،كما يمكن القول على أن إبداعها ينبع من عاطفة جد صادقة ومشاعر حساسة ودقيقة المعنى والمبنى . كما أنها تأخذ المتلقي في سفر ماتع يحلق به في خلجان حروف شاعرية وحالمة ببراعة الوصف لكون الشاعرة تملك ناصية اللغة التي عبدت لها الطريق لتكتب بحروف لافتة تتناغم مع المضمون …لقد سقت طريق الإبداع بمنهجية فريدة ،وبصمت بصمتها الفنية باحترافية النسق الشعري بلون يغترف البهاء …فتحية لها على هذا النص الجميل ونتمنى لها مزيدا من التألق والاستمرار في الكتابة الهادفة كما عودتنا …
✓ بقلم الشاعر علال أب أشرف الجعدوني المغرب .
سفـرٌ ليسَ كالسفـرْ
تلك المرأة التى كنتُها جافتني
منذُ زمنٍ ، و أنا أعانقُ ما تبقى مني … من صمتي
أجهل خطوي نحوي
أغرق فيَّ …بشهادةِ جُرحي
ركبَ الجسدُ قِبلةً للسفرْ
بين تربةِ الوطنِ ودمعِ الحجرْ
وسكرةُ موتٍ مؤجلٍ وروحٍ عاهدتِ الهجْر
سفرٌ ليسَ كالسفرْ
الموجُ ينتحبُ بين أدغالِ الشجرْ
منذُ زمنٍ وأنا أعانقُ ظلي
وجهان ِلا يبغيانْ
ووجهُ المدينةِ تحملهُ الخرافات بأمانْ
على أكتافِ النارِ
يحزمون الوجعَ كرزم من فواكهِ الجِنانْ
إنهمْ يعشقونَ الوطنْ
يحملونَ الأرضَ ويدورونَ
ويطلقونَ لطقوسهم العنانْ
تصرخُ المدينةُ…إنه المخاضُ
تنجبُ وردةً وحمامةً
الزمنٌ وبعضُ تباشيرِ قيامةْ
وأنا أضم سري الحزينَ وأنامْ
في حضنِ امرأةٍ تعشقُ المنامْ
حين عشقتُ عُري المدينةِ وقفتُ على رماحِ أفنانْ
والتاريخُ يوضبُ حقيبةَ السفرْ
وعلى أكتافهِ نياشينُ بطعمِ المحنْ
عُريٌ مغتربٌ ومتاهاتُ مدنْ
تحمل ألفَ حقيقةٍ وحقيقةٍ لوجهِ الوطنْ
يحملُ ريحاً سابحا في بحر لجي فسيحْ
يتعثرُ الحلمُ في سهولِ الرعبِ
يزيحُ عقولاً حجريةً
ينتحب الحزن بعيون الشمس
يتوهجُ العري بشواطئِ الأكابرِ
العيونُ امتلأتْ بشهوةِ الشفاهِ
تراقصُ المرافيء في متاهْ
وقد يئست المدينة من حمل دمها
الأسعار توهجتْ
وعيونُ المقابرِ مراكب بلا أشرعة
تراوغُ البحرَ باحترافْ
ستمرُّ على الصدرِِ سنواتٌ عجافْ
مازالتِ المرأةُ التى جافتني
تحفرُ باكيةً في ذاكرةِ التاريخِ لغةَ الجفافْ
تُمرن حنجرةَ البحرعلى الغناء بكل احترافْ
سئم الغدُ من غدهُ
وهكذا تسقط الأشياءُ كأوراقِ الشجرْ
تدمنُ سفراً ليسَ كالسفرْ.
نعيمة حسكة
طنجة المغرب
تحياتي الخالصة الف شكر وتقدير لك أستاذي الفاضل الناقد والشاعر علال أب أشرف الجعدوني لقراءتك الماتعة التي تنبض بكلمات شفافة متناسقة تنم عن الغوص في معاني نص “سفر ليس كالسفر”
وهذا يوضح مدى تمكنك من المادة بوركت استاذي الكريم تحياتي الخالصة شكري وامتنان لحضرتكم.
Discussion about this post