مخلب القط
يقال خلَب الجِلْدَ أي خَدَشَه وَتَرَك آثَارَ الجُرْحِ فيهِ.ويقال أيضا .خَلَبَتْهُ الحَيَّةُ أي لَدَغَتْهُ…. والمخالب سواء كانت مخالب أسد .أو نمر أو صقر ليست مجرّد أظافر عادية كأظافر الإنسان بل هي أظافر شديدة الحدّة يمكن التّحكّم فيها… اخفاؤها تحت الجلد وإخراجها وقت الحاجة إليها لاستخدامها كأداة للقبض على الفرائس وتمزيق اللحم من العظام أو الدّفاع عن نفسها أو للتّسلّق ثم سحبها عند الانتهاء من استعمالها …نفس الشّيء ينطبق على مخالب القطط ..تلك الكائنات اللطيفة الودودة ..مخالبها قد نستهين بها لصغر حجمها لكنها في الحقيقة مؤذية فهي سلاح مؤلم ومربك ويمكن ان تلحق بنا الكثير من الضّرر لشدّة حدّتها وما يمكن أن تتسبّب فيه من مضار الباكتيريا . .كذلك من معاني خلب الحيلة والخداع ولذلك يقول المثل إذا لم تغلب فاخلب ومعناها إذا لم تبلغ الغلبة في صراع ما عبر الاستعلاء والقوّة فالجأ الى المكر والخداع ويقال إذا ومضت ولم تمطر برق خلّب أي برق مخادع…وكتعبير عن المناورة والمداراة والخداع اختير لإحدى استراتيجيات الصّراع مصطلح مخلب القط فمخالب القط لا تبدو للعيان ولا تظهر حدّتها وقدرتها على الإيلام إلا لحظة الاعتداء كما أنه من خاصيتها القدرة على التّسلّق…..حاولت أن أفهم وجه الشّبه بين تلك الإستراتيجية التي يلجأ لها البعض في صراعاتهم أو في حروبهم ويعبّر عنها بمصطلح مخلب القط وتساءلت ..لماذا لم يطلق عليها مخلب الأسد أو النّمر أو السّبع أو الصّقر وغيرها من الضّواري ثم انتهيت إلى الإجابة المتمثلة في كون الحيوانات الضّارية لا يمكن السّيطرة عليها بل لا يمكن المجازفة والاقتراب منها أصلا بينما القطط كائنات ضعيفة ..ذليلة متمسّحة ويمكن السيطرة عليها و التّحكم فيها بسهولة واستعمالها.. أذكر أني شاهدت في فترة الطّفولة فيلما جزائريّا كان البطل فيه لصّا يتفنّن في سرقاته ومن بين آليّاته وفنونه استخدام القطط ..كان يجوب الأحياء وهو يحمل كيسا يضع فيه مجموعة من القطط ..يتنقل بين الحيّ والآخر مترصّدا شرفات المنازل التي نشر فيها أصحابها غسيلا يغري بالسّرقة كقطع الملابس الفاخرة أو الزّرابي وغيرها وكلّما لمح اللّص ضالته يخرج إحدى قططه من الكيس ويرفعها عاليا ملقيا به على القطعة الّتي يرغب في سرقتها وطبعا يضطر القطّ حينها إلى إخراج مخالبه ليتشبّث بالمطلوب إلى أن يسقطه أرضا وهكذا تتكرّر العمليّة إلى أن يجمع السّارق ما يكفي ليتوجّه به إلى السّوق يبيع مسروقاته ويقبض ثمنها لشراء خمرة يومه أو قطعة من الحشيش
أذكر أيضا أني قرأت منذ سنوات إحدى روايات أدب السّجون ..ربّما هي رواية شرق المتوسّط لعبد الرّحمان منيف…لست متأكّدة حقيقة ..تلك الرّواية تحدّث فيها البطل عن أساليب التّعذيب في السّجون وذكر أنّ مخالب القطط كانت من الوسائل المستعملة في تعذيب السّجناء حيث كان يوضع القطّ في كيس ثم يتم بعدها إدخال رأس السّجين إلى ذلك الكيس ثم ضرب ذلك القط حتى يرد الفعل للدّفاع عن نفسه فيخرج مخالبه ويغرسها في وجه السّجين الّذي ليس هناك غيره داخل الكيس فينهشه دفاعا عن نفسها ..
نفهم من كلّ هذا أن المخالب يمكن لأي شخص استخدامها في ممارسات متدنّية أو إيذاء الآخرين دون أن يلمس الفاعل الحقيقي ضحيته بشكل مباشر .. لا اقصد كلّ المخالب بل مخالب القطط تحديدا لأنّها كائنات ضعيفة وجبانة…يقال كان فلان مجرّد مخلب قط ّ وقع استعماله ..في الحقيقة هي إستراتيجيّة خطيرة ومربكة ففي حالة العدوان المباشر الواضح صاحبه يمكن التصدّي واتّخاذ ما يلزم من الاحتياط لحماية النّفس والدّفاع عنها لأنّ القائم به مكشوف وجهه لكن ماذا إن وجدت نفسك نهشا لإيذاء جسدي أو معنوي لا تفهم دوافعه وأسبابه ومن يقف وراءه
1-يحدث أن يفاجئك شخص ما بعداء غير مفهومة أسبابه ..يتهجّم عليك بشراسة وأنت محتار في أمرك لأن ذلك المعتدي ليس هناك ما يدعوه لذلك وليس بينك وبينه لا مشاكل تضارب مصالح ولا ثأر ولا أي من الدّوافع العادية التي تبرّر عدوانه وحين تبحث وتتقصّى تكتشف أنّ ذلك المعتدي لم يكن سوى مخلب قطّ استعمله شخص آخر ضدّك للنّيل منك في الوقت الّذي يعمد فيه صاحب العدوان الأصلي إلى الاستخفاء ربّما في ثوب الصّداقة أو الحياد …شخص لا يظهر هو في الصّورة و يكون بمنأى عن توجيه أصابع الاتّهام له أو حتى الشّك فيه لكنه يعوّل على ذلك المخلب يستعمله هو وأمثاله في تصفية حساباته مع من لا يرغب في التّصادم معهم بشكل مباشر ..
2-يحدث أن تصاب بالإحباط وأنت تواجه العديد من العثرات في حياتك العمليّة ..تجهض مشاريعك وما تخطط له فتلعن الحظ إلى أن تكتشف بالصّدفة ان هناك من يهندس تلك العثرات ودون أن يظهر في الصّورة يعمل على غلق الأبواب في وجهك باستغلاله لنفوذه وعلاقاته مستعملا بعض الأشخاص كمخالب قطط لتعطيل سيرك وقد تكتشف أيضا أنّ هناك من ينقل أخبارك ويكشف أسرارك التي يقع استغلالها لتشويهك وإيذائك فإذا بمصدر أذيّتك أحد أصدقائك أو المقرّبين منك وقع استعماله كمخلب قط بعلمه لأنه في حقيقته شخص وغد ومخادع أو دون علمه لأنه تلقائي يحسن الظّن بالجميع أو أحمق من السّهل استدراجه …
1-يحدث أن يفاجئك شخص ما بعداء غير مفهومة أسبابه ..يتهجّم عليك بشراسة وأنت محتار في أمرك لأن ذلك المعتدي ليس هناك ما يدعوه لذلك وليس بينك وبينه لا مشاكل تضارب مصالح ولا ثأر ولا أي من الدّوافع العادية التي تبرّر عدوانه وحين تبحث وتتقصّى تكتشف أنّ ذلك المعتدي لم يكن سوى مخلب قطّ استعمله شخص آخر ضدّك للنّيل منك في الوقت الّذي يعمد فيه صاحب العدوان الأصلي إلى الاستخفاء ربّما في ثوب الصّداقة أو الحياد …شخص لا يظهر هو في الصّورة و يكون بمنأى عن توجيه أصابع الاتّهام له أو حتى الشّك فيه لكنه يعوّل على ذلك المخلب يستعمله هو وأمثاله في تصفية حساباته مع من لا يرغب في التّصادم معهم بشكل مباشر ..
2-يحدث أن تصاب بالإحباط وأنت تواجه العديد من العثرات في حياتك العمليّة ..تجهض مشاريعك وما تخطط له فتلعن الحظ إلى أن تكتشف بالصّدفة ان هناك من يهندس تلك العثرات ودون أن يظهر في الصّورة يعمل على غلق الأبواب في وجهك باستغلاله لنفوذه وعلاقاته مستعملا بعض الأشخاص كمخالب قطط لتعطيل سيرك وقد تكتشف أيضا أنّ هناك من ينقل أخبارك ويكشف أسرارك التي يقع استغلالها لتشويهك وإيذائك فإذا بمصدر أذيّتك أحد أصدقائك أو المقرّبين منك وقع استعماله كمخلب قط بعلمه لأنه في حقيقته شخص وغد ومخادع أو دون علمه لأنه تلقائي يحسن الظّن بالجميع أو أحمق من السّهل استدراجه
3-يحدث أن يؤول بك الأمر إلى معاداة شخص لم يسبق أن أساء إليك لكن ما نقله أحدهم عنه من أخبار وحكايات وإيحاءات لتشويه ذلك الشّخص بأساليب مقنعة مستغلا في ذلك معرفته الجيّدة بخصائصك النّفسية ممّا يوغل صدرك ويجعلك تتأثر وتعادي ذلك الشّخص ..قد يكون المؤلّب عليه صديقا لك أو أحد معارفك أو حتّى أقاربك وان كنت من أصحاب الشّخصية الانفعالية العاطفية قد تدخل في صراع مباشر مع ذلك المؤلَّب عليه ثم تكتشف مع الوقت أنك لم تكن أنت نفسك سوى مخلب قطّ استعملك ذلك المؤلّب بدهاء ليبقى هو في مأمن من العداء المباشر ودون ترك أي أثر يدل عليه بل يجتهد لتكون علاقاته جيدة مع الجميع ظاهريّا لكنّه يقحمك أنت في معارك لا ناقة لك فيها ولا جمل
يمكن أن يكون مخلب القط من الجبناء التّابعين الّذين يفتقدون إلى القدرة على الاستقلالية ويحتاجون دوما إلى شخص أقوى منهم للذّوبان فيه كما يمكن أن يكون من الأوغاد الطّمّاعين الّذين يسهل شراء ذممهم كما يمكن أن يكون مجرّد شخص أحمق …يمكن لمخلب القط أن يكون شخصا لا سابق معرفة بينه وبين الضّحية التي يقع تأليبه عليها كما يمكن أن يكون من أحد معارفه أو أحد أصدقائه المقرّبين الذي يقع استعماله بعلم منه أو بغير علمه… الكثيرون طبعا يقبلون القيام بهذا الدّور عن وعي أي طمعا في مصلحة ما يسعون إلى الحصول عليها أو في مقابل رشوة .. مبلغ مالي أو منصب …هناك أيضا من يجبر على لعب دور المخلب خوفا على حياته أو اثر مساومة يقوم بها مستعمله فيقبل بالدّور خشية خسارة شئ ما ومنهم أيضا من يلعب هذا الدّور لأنه ضحيّة لأفكار مضلّلة اقنعه بها من يستعمله ليجعله من أتباعه الخاضعين له تماما كأتباع الشخصية النرجسيّة الّذين تطلق عليهم تسمية القرود الطّائرة الّتي يستخدمها المنحرف النّرجسي وقت الحاجة إليها في حملاته التّشويهيّة ضدّ ضحاياه ومهاجمتهم… هذا النّوع من المخالب أو القرود الطّائرة يحدث إن سألت واحدا منهم هل تعرف ذلك الشّخص الّذي تهاجمه وتنهشه وتشتمه وتشوّه سمعته يجيبك مرتبكا بالنّفي مع نظرة بلهاء وما أكثر أعداد تلك المخالب البلهاء والقردة الطّائرة …انظر على مواقع التواصل الاجتماعي مثلا..يكفي أن يلمّح أحد الجبابرة المتسلّطين بقوة ماله أو نفوذه أو شهرته ولو مجرد تلميح خفي مهاجما شخصا ما حتّى تتهاطل على خانة التّعليقات جحافل لا حصر لها من المخالب والقرود المساندة إما خوفا من ذلك الشّخص أوطمعا في عطاياه أو حتّى دون أن يكون هناك دافع ..هناك من يشارك ويدلي بدلوه في الحملة التشويهية الفضائحية فقط لأن قائدها في موقع قوّة ويسعده أن يكون واحدا من ضمن الحشد… الّذي يشارك في الهجوم و النّهش فقط ليشعر أنه في موقع قوّة هو أيضا حين يكون بين القطيع
في عالم السّياسة والحروب والصراعات السّاخنة منها و الباردة كثيرا ما تستعمل هذه الإستراتيجية.. إستراتيجية مخلب القط ومن الأمثلة على ذلك حديثا استعمال أوكرانيا الّتي فقدت سيادتها لتتحوّل إلى أداة في يد السياسة الأمريكية ..تحوّلت أوكرانيا الى مخلب قط تسيطر عليه أمريكا في حربها مع روسيا والأمثلة كثيرة بخصوص هذه الإستراتيجية منها أيضا استعمال الإخوانجيّة كمخلب قط للتّعجيل بتدمير الدّول المطلوب تفكيك أواصرها ونهشها من الدّاخل بصفة قانونية وباستغلال السّلطة الشرعية التي منحت لهم ووفّرت كل الظّروف اللّازمة لاستلامها أمّا التنظيمات الإرهابية كداعش ومن سبقها نعرف جميعا أنّ كلّ السّبل قد مهّدت لها أيضا بإغداق التّمويلات مالا وعتادا ونساء أيضا وبالتالي رصد رواتب عالية للمنضمّين إليها اضافة الى إغراءات أخرى مما جعل منها قبلة الآلاف من المرتزقة الحالمين بالثّراء والمتعة من جميع أنحاء العالم ليقع استعمالهم كمخالب لنهش أجساد الدّول المستهدفة ومن استعملهم كان يحرص على الظّهور أمام العالم بمظهر المناهض والمقاوم للإرهاب ثم حين انتهاء المهمّة المطلوبة منهم وتحوّلهم إلى ورقة محروقة تخلّت عنهم بكلّ بساطة فقتل منهم من قتل وترك من ظلّ على قيد الحياة لمواجهة مصيره … مسرحيّة ما يسمّى بالرّبيع العربي والثّورات العربية نفسها كانت بمثابة المخلب الّذي غرز في قلب كلّ ثورة حقيقية كان يمكن أن تكون ..قبل ذلك لعب العديد من الحكّام العرب دور المخلب.. بعلمهم أو دون علمهم قاموا بتدمير دولهم ونهشها من الدّاخل عبر الحرص على ترسيخ التخلّف وتفقير الشّعوب وتجويعها حتى تبقى مسلوبة الإرادة وغير قادرة على المعارضة أو الثّورة للمطالبة بخيرات بلدانها وتغيير أوضاعها ….كم من أسماء لامعة ..كم من رموز طالما هتفت الجماهير بحياتها ولهجت بسيرتها في اعتقاد أنهم فرسان الخلاص ليتّضح حين يكشف التّاريخ النّقاب عن حجم الزّيف والتّزوير
Discussion about this post