بقلم … د . علوى القاضى.
… حينما يكون الفن هادفا وذو رسالة ويكون المخرج مبدعا والممثلون عظاما والعمل غاية في الأتقان فإنه ينقل للمشاهد رسالته بطريقة وأسلوب مميزين حتى يخلد فى الذاكرة ولاينافسه فيها عمل ٱخر
… فيلم ( عمر المختار ) تم إنجازه فى سنوات وكانت تكلفته باهظة فى زمنه وكان الممثلون غاية فى الإبداع والتألق
… وتكلم الفيلم عن حقبة الإحتلال الإيطالى لليبيا والمقاومة الليبية الشرسه بقيادة شيخ المجاهدين * عمر المختار *
… والمتابع للفيلم بدقة يلاحظ أهم مشهدين هما محور الفيلم كله من وجهة نظري :
… المشهد الأول :
.. حوار الضابط الإيطالى مع عمر المختار حينما طلب الأخير أن يتوضأ ويصلي وهذا يدل على أن جهاده ضد الإحتلال الإيطالى كان عقائديا
… و لما سأله عن ٱخر كلمه يقولها قبل تنفيذ حكم الإعدام فقال :
.. عليكم مواجهة الأجيال القادمة
… المشهد الثانى :
.. حينما تم تنفيذ حكم الإعدام وسقطت من يده نظارته الطبية فالتقطها طفل صغير وأخذها هذان المشهدان يكملا بعضهما البعض كيف :
… يريد المخرج أن يؤكد أن الأجيال القادمه تبدأ بتربية الأطفال تربية إسلامية قويمة على نفس منهج الجهاد فى سبيل الله وتحرير الأرض العربيه المدنسة وبنفس بصيرة ورؤية الٱباء والأجداد وهذا كان واضحا من تسلم النظارة للطفل وهو ما يؤكد المعنى والفكرة
… وقد بنى الشهيد عمر المختار رؤيته فى إستمرار الجهاد مع الأجيال القادمه لأن جيله وجيل أبناءه وأحفاده قد تربوا تربية إسلامية حقا ففي أيامه :
… كان الأطفال يبكون عندما يمنعوا من المشاركة في العمليات الجهادية خوفا عليهم
… كما كان الأطفال يبكون لأنهم لا يشاركون في العمليات الإستشهادية العظيمة ضد الإحتلال ولو بالقليل
… حتى الصبية منهم كانوا يبكون عندما يخطؤون في سهم واحد فقط أثناء تدريبهم
… حتى معظمهم كانوا يبكون لأن آباءهم ليس لديهم الوقت لتدريبهم بسبب كثرة وتعدد جبهات الجهاد
… لذلك كان شيخ المجاهدين كله أمل فى الأجيال القادمة ولكن ،،،
… عذرا شيخنا خذلناك فالأجيال القادمة قتلت فيها الرجولة وانتحرت داخلها النخوة وأصبح أعزاء هذه الأمة أذلاء
… فوجدنا فيهم الطفل الذي يبكى لأن أباه لم يشتري له لعبة أو هاتف
… أو يبكي لمشهد عاطفي في مسلسل أو رسوم متحركة
… أو يبكي هو و كل جمهوره الأحمق عندما يخسر أو يفوز في مسابقة غناء أو ماشابه ذلك
… وقد يبكي لأن فريقه المفضل قد خسر في المباراة
… وكثيرا منهم ما يبكي لأن أباه لم يسمح له بالسهر في الليل
… هذا حالنا اليوم والقارئ لتاريخنا يجد أن أطفال المسلمين في زمن التمكين و العزة كانوا يتقنون تلاوة القرآن و يحفظون منه الكثير
… و يتقنون اللغة العربية الفصحى منذ نعومة أظافرهم
… فكانت قوتهم جبارة لا يقف ضدها العالم بأكمله
… و اليوم نرى أطفالا لم يتجاوزوا العامين يتصفحون الأنترنت والألعاب على الهواتف و يحفظون الأغاني و يرقصون وأهلهم الحمقى يصفقون و يفخرون بهم ،، !!
… فهل بالله عليكم تنتظرون أن يخرج من هؤلاء المشتتون المغيبون جيل يعيد للإسلام قوته وعزته وشبابه و نحن بهذا الوضع المنتكس و المتردي أخلاقيا وسلوكيا ؟!
… بل ننتظر الأسوأ من هذا الوضع مادمنا نهمل أبناءنا و نغفل عن تربيتهم التربية الإيمانية الحقيقية
… وصدق رسولنا الكريم إذ يقول فى الحديث ما معناه ( توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا أو من قلة يارسول الله قال بل كثير ولكن غثاء كغثاء السيل)
… صدقت يا سيدى يارسول الله
… هذا الواقع المرير يجب علينا مواجهته بكل قوة وصدق لتغيير مساره البائس، إلى صراط الله المستقيم الذي فيه عزة الاسلام و المسلمين
… إن الله عز وجل قد أعطانا كل النعم و بين لنا أحكام الشرع و الدين ، لكننا ضيعنا الأمانة لأننا لا نحسن التدبير و لا نلتزم بشرع الله فحُق لنا الذلة و المهانة ،، !!
… اللهم ردنا اليك ردا جميلا تعز به أمة حبيبك محمد صل الله عليه وسلم وأمة الإسلام من جديد.
… اللهمَّ ألهم هذه الأمةِ أمرَ رُشد يعِزُّ فيهِ أهلُ التوحيد و يذلُّ فيهِ أهل الكفر والشرك
… و يؤمرُ فيهِ بالمعروفِ و يُنهى فيهِ عن المنكر ِ و تعلو فيهِ راية الحق و الدين
Discussion about this post