بقلم الأديب والإعلامي … داود أبو شقرة
*******************
(من أحفاد سلطان إلى أحفاد صالح وهنانو)
**********************************
مبادرة صغيرة في حجمها كبيرة بمعانيها قامت بها قرية (القريَّا) بلدة سلطان الأطرش، تمثلت بتجهيز شاحنتين من المواد الغذائية والبطانيات والإسعافات الأولية. على قدر استطاعتهم. وأرسلتها بالأمس ليلا إلى المتضررين في محافظتي حلب واللاذقية.
لفت انتباهي عبارة مكتوبة على إحدى الشاحنتين:
“الله… من جهد البلا”!
وأصل العبارة: ” الله يا جَهْد البلا ! “.
من الصعب فهم هذه العبارة المغرقة في محليتها، ولكنها مصادفة عظيمة في هذا الظرف العسير على سورية والسوريين، وسأحاول شرح هذه العبارة المستخدمة على نطاق واسع في لهجة جبل العرب؛ ومع علمي أن شرح عبارة “الله.. يا جَهد البلا” (الجبلية)، أصعب من شرح العبارة (الحومصية): “شو فيه ما فيه”، إلا أنني سأحاول:
البلا: هو البلاء، من الابتلاء، والبلوى والبلية، ابعدكم الله عنها.
وعبارة (جهد البلاء) هو تركيب مزجي، يعني: وقوع البلية بقوة تقتضي جهودا لدفعها.
كما تعني في الوقت نفسه بلهجة (جبل العرب): الامتحان والمحنة التي تقع على شخص أو جماعة.
وتعني فيما تعنيه أيضا: السؤال والإنكار الإبطالي، وهذا يدركه اللغويون والراسخون في العلم.
_ عبارة “جهد البلا” . هو أن يعتدي شخص بلا سبب على ٱخر، فيقول له متصبرا قبل أن يجيبه اويتعارك معه:
“اكفني شرَّك”، فإن أبى المعتدي أن يرعوي، يقول المعتدى عليه: “الله يا جهد البلا” ويقوم ليناضل ضده ويناجزه لدفع الشر عنه.
المظلوم ينتصر غالبا.
عبارة (جهد البلا) بحد ذاتها، تعادل (مصيبة القدر) أو (طرح الشر) من مستشر، طبعه الأذية بلا سبب أو دافع.
في هذه الحالة فإن من يقول: “الله يا جهد البلا”، وكأنه يستعين بالله على من يوقع البلاء، ويستنصر الله على النصر، أو لحسن الخاتمة.
وثمة فارق عندما تتغير كلمة في العبارة، كما حدث والعبارة المكتوبة على الشاحنة، كان يقال: “الله… من جهد البلا”. هنا ينقطع القول على الاستغاثة، والاستعانة بالله على دفع البلاء، وهذه المصادفة التي استوقفتني، وهي مكتوبة سلفا وقبل أن تتوجه الشاحنة إلى المحافظات المنكوبة، وكأنها لسان حال أهلنا في المحافظات الشمالية بلسان اخوتهم أبناء المحافظات الجنوبية!
(الله… يا جهد البلا) و(الله من جهد البلا) يا دافع الشر، ارحم السوريين جميعاً.
Discussion about this post