بقلم … سنية عبد عون رشو
انها المرة الاولى التي تلتقي فيها بأحد المقربين منه …..انثالت مشاعر حنينها ولم يهدأ تأجج شوقها وتسارع ضربات قلبها المتلاحقة ….
حاولت ترتيب مشاعرها قبل ان تتصرف بحماقة أمام أعين المارة ….بضعة أمتار بينهما ….صرخت دون وعيها …..زينب ………( أخت زوجها السابق ) ……
لم تعرها زينب اهتمامها وتظاهرت بعدم سماعها وحاولت ان تتوارى عنها …..إذ لم يكن في حسبان زينب ان ريحانة ما زالت تتذكرهم وتحن لعهد فارقته منذ سنين …….
ريحانة امرأة مغلوبة على أمرها فقد تم تزويجها وهي لما تزل صبية بجدائل شقر صغيرة …..لم يتحرر قلبها من ماضيها …..ليس حبا أو تعلقا …..لكنها لم تنس صفعته لمشاعرها الانثوية الغضة ….. فقد سمعته يهمس لامه بالقول ……ان ريحانة ريفية ساذجة لاتليق بي.. أخجل من أميتها وبساطتها وريفيتها… رغم أنها جميلة وربة بيت ماهرة ….. ريفية بلهجتها وملبسها وحتى طريقة تصفيف شعرها ……حتى شقيقته اخبرته انها تتضايق من همس الجارات وتضاحكهن بسببها.. …..ريحانة تسمع وتتعذب وتتذكر اياما يختلط فيها الحنين بالحياء…..حين كانت تزورهم برفقة امها ( لصلة القربى ) ….كانت تسحرها أجواء المدينة ….وملابس زينب وأناقتها ……لكنها كانت تلجأ للصمت حين تجتمع بصاحبات زينب فهي لا تجيد أحاديث بنات المدينة ……
احتفظت بصمتها كذلك ….. بعد زواجها منه …..
كان يتبع معها سياسة التجاهل واللامبالاة …… هو ايضا ..
لم يكن على قدر من التعليم …..فهو يبدو شبه حضري بتصرفاته وأناقته البسيطة …..
بتواضع وهدوء يجلس على أريكة فخمة يتصاعد دخان سجائره دون انقطاع ….وهو يستمع لحديث زينب عنها ….ليجد نفسه يفكر فيها ويتذكر جلال صمتها …..أخذ يحتسي رشفات من الشاي الحار دون ان ينتبه لذلك …..
لم يكن لما داهمه من ندم فائدة ….
….. فقد فات الاوان ….
وها هو مكبل بقيود زوجه الثانية وتسلطها …..
لكنه شعر بغبطة تداعب روحه فهمس مع نفسه المهم انها تنعم باستقرار أسري …..كما سمعت …..
التفت صوب زينب ….. وماذا قالت ريحانة أيضا …..؟
فهمست زينب وكأنها تنقل أمانة ريحانة.. أخبروه ان ريحانة لم تبق تلك الفتاة الريفية الساذجة ……فقد تطورت …..
أخبروه …. انها أكملت الابتدائية .. وتعلمت تحكي بلهجة الحضر !!!….
انهمر المطر بغزارة وتساقطت بلورات الثلج …… اكتسحت السواقي المارة بين بيوتات الحي أوراق الاشجار المتساقطة فوق أديم الارض…..
وفي داخله كان الشعور بالذنب والأسى يتفاقم…
Discussion about this post