الكاتبة … آية بورزڨ
أدرّب حنجرتي على الصمت دائما، لكنها لا تنفك تغني صباحا مثل عصفورة جريحة ولو لم يمسسها أذى بشري، وككل مساء أشرد قليلا ثم أواصل النحيب كنسوةٍ ثكلى، هكذا قلبي عصفور كسير!
أسمع حشرجة أوراق الشجر في الخارج كلما عصفت الريح أتخيلني مكانها فأقول بفزعٍ: نحن يا أمي أشجار بقلوب!
تبتسم وأعرف أنها لم تفهم كلامي فهي كثيرا ما تتهمني بالجنون، لا أريدها أن تدخل غرفتي إنها مليئة بالصراخ، لا أريدها أن تسمع أنين روحي لن تتحمل، أعرف إنها خائفة مثلي!
أستلقي كمن يتعمد أن يلقي حِملا ثقيلا على كتفيه، أحدّق لساعات بالسقف، وتدور برأسي أفكار أرغب في قتلها بقسوةٍ، فأتذكر أنها وحدها من تجعلني أستمتع بوقتي وأنسى ألمي..!
في الحي المقابل لحينا ألتقي دائما بالجارة سنيّة، إنها امرأة مسنة وعلى قدر حكمتها لا تفهمني عندما أقول لها: يا سنية هل لديكِ سقف!
تقول باستغراب: نعم كل الغرف لديها أسقف في بيوتنا
_ لن يقع أبداً سقف ما من هشاشة البناء، الأكيد أن أدمغتنا هي ما سيقع يوماً ما
تحملقُ بي بشفقةٍ ثم تبتسم لي وتقول: سلّمي على أمك يا وردة وأخبريها أنني سأزورها قريباً، هي بالأساس لا تعرف أمي، لابد أنهما جيران في المقبرة!
في الطابق العلوي أسمع لعب ومشاغبة أحفاد “محسن” العجوز، وصراخه كذلك وهو ينهرهم: يكفي يا أطفالي إن رأسي يؤلمني!
مسكين هه!
لقد تعبتُ من مراقبتهم من بعيد، تمنيتُ لو صرتُ ظبيةّ في البراري أتمشى بخفة وسلام، لكن أعلم أنني لن أسلم من خوف الصيادين
تبا!
Discussion about this post