الشاعرة …. سليمى السرايري
حين نسمع صوتها القوي العذب وهي تغنّي، نشعر أن على الأرض ما يستحقّ البقاء..
وفاء غربال ، الفنانة التي تمتلك ناصية الصوت وتأخذنا إلى تلك السماء البعيدة وذلك الأفق الجميل وتلك الرؤى وذلك الفرح المنشود…
وفاء غربال الكاتبة التي أوجعتها سياط الحياة والحب والغربة والظلم والظلام والتقاليد فنبت الياسمين الأسود في حدائقها واعشوشب الزعتر البري على شرفاتها واتسعت مسافات الفقد العاطفي في ذاتها ونمتْ مسافات أخرى في نفس الذات، التناقض، الصراع، المعاناة، الفرح الهروب إلى الموسيقى ، الدراسة الرقص بعيدا جدااا في تلك الفضاءات التي خلقتها لقلمها فشاركته رقصة الوجع ، تمايلتْ معه ، عانقته، ضمته عميقا إلى صدرها..
وفاء غربال الطفلة التي مازالت تحمل بين يديها قطعة الشكولاطة، وتجلس مع صديقها الطفل على حافة البحر…
تلك هي وفاء غربال، لمحتها اليوم بين دفاتري وفي كتاباتي وفي صمتي وفي وجعي وفي دموعي وفي معاناتي وفي ألمي وفي أفراحي القليلة..
تلك وفاء غربال التي وجدتها عارية في كتابها فشاركتها ذلك العري الجميل ، تعريتُ من كل همومي ولم أعد أخجل من دموعي
بكيت عاليا، صرخت، كسّرت كل الأشياء التي تؤرقني وتحطّم أعصابي، الأشياء التي أسقطها من ذاكرتي المرهقة وكم حاولتُ أن أكون مثلها، متحررة من القيود الدامية ومن الخفافيش التي تملأ الشوارع والعقارب التي تتربع على الأفواه وتبتسم…
وفاء غربال، الطيف الذي لم ألتقيه، ولم أصافحه، غير أنّني عرفته تماما وحفظت من بعيد طقوسه وجنونه وطيبته وتسامحه وعناده وحتّى صمته وما أخْفـَــى في كل دمعة من دموعه، وكل آه من آهاته وكل تنهيدة من تنهيداته…
وفاء غربال ، الإتساع رغم ضيق الحياة ، التسامح رغم الحقد ، الغناء في زمن الغربان، الجمال في كمية القبح التي تصادفنا…
هي وفاء غربال الكاتبة الإنسانة والفنانة، تلك التي حين تكتب ترقص الكائنات، وحين تغنّي يزهر القرنفل وتنبت سنابل القمح بين الصخور وعلى قمم الجبال…
ها اني هنا، أعانق شخوصها في روايتها “الياسمين الأسود”ومازلت أغوص في كل ما يشبهني ووجدتني فيه…
ياااه يا وفاء، كم أحتاج أن أبكي……
–
الشاعرة سليمى السرايري
Discussion about this post