بقلم الاديبة والكاتبة المسرحية والناقدة والشاعر فوزية بن حورية
في حضور مبهج و مُقنع نوعًا وَعددًا ، ثلاثة أجيال شعريّة تلتقي وتساهم في إنجاح اوّل ورشة يُقيمها ( نادي الشّعر ” مختار اللّغماني” ).
موضوعها : ( لغة الشّعر في القصيدة العربيّة قدبمًا وَ حديثًا) :
مُساهمةً منه في الاحتفاء باليوم العالميّ للّغة العربيّة نظّم ( نادي الشّعر ” مختار اللّغماني” ) برئاسة الدكتور عبد العزيز الحاجي بعد ظهر يوم الجمعة المُنقضي 16 ديسمبر 2022 في ( المركز الثّقافيّ لِمدينة تونس) أوّل ورشة شعريّة هذا الموسم موضوعها ( لغةُ الشّعر في القصيدة العربيّة قديمًا وَ حديثًا). و قد سعدنا في هذا الإطار بحضور لفيف من المبدعات و المبدعين الذبن يلتحقون بنا لأوّل مرّة ، في مقدّمتهم مواهب تلمذيّة واعدة مُمثّلة في الشّاعرات الثّلاث ( آية خمّاسي) و ( مرام بن سمير) و ( إسراء القادري). كما سعدنا أيضا بحضور الشّاعرة ( روضة بو سليمي) التي صدرت لها اخيرا في الَمغرب الاقصى باكورتها الشّعريّة (لاحباء في الخيال)، و بحضور الشاعر ( عرّادي نصري) الذي صدرت له هو ايضا منذ أشهر باكورته السّعريّة ( هذا الذي املى) المُتحصّلة على جائزة كرسيّ أبي القاسم الشّابّي، وقد حلّ بيننا ( نصري) مصحوبا بصديقه الشّاعر ( بسّام عصام زيدي).
و إذ قسّم العمل في الورشة إلى قسمين : نظريّ و تطبيقيّ فقد تدخّل في المرحلة الأولى ثلاقة مبدعين ينتمون إلى هيئة النّادي التّسييريّة تناول كلّ واحد منهم تحوٍلات اللّغة الشّعريّة في مرحلة من مراحل الشّعر العربيّ،. فكانت العُجالة الاولى متمثّلة في تنزيل موضوع الورشة بين إكراهات الشّعريّة الشّفويّة و نقيضتها الشّعريّة الكتابيّة ، حيث بيّن المُتدخّل انّ اللّغة الشّعريّة في النّموذج الشْعريّ التّأسيسيّ العربيّ عامّة ظهرت مُسوّرة بالحسّيّ وَ المنطقيّ و العقلانيّ تبعا لهيمنة خصائص الشّعريّة الشّفويّة في غياب الكتابة و تبعا لسيطرة الإنشاد كطريقة في تواصل الشْاعر مع متلقّيه في ذاك العصر. وهي ظاهرة و إن ظلّت مُهيمنة هيمنة مُطلقة طيلة العصر الجاهليْ فقد احدث فيها العصر الإسلاميّ تحوّلا نسبيّا مع ظهور الكتابة و تراجع المشافهة فتبلورت علاقة جديدة بين الشّاعر كاتبا لا مُنشدا فقط ،و بين المتقبّل قارئا لا متلقْيا بالسّماع فقط، كما كان هو الشان في العصر الجاهليّ، و هي علاقة انعكست إيجابيّا على لغة الشّعر التي أصبحت لغة اكثر غناء بالدّلالة و بانفتاح سعر المُحدثين على لغة العصر و على الحياة الحضريّة في القرن الثّاني ( الانفتاح على الحضارة الفارسيّة و ظهور مجالس الانس و الغناء و الطّرب…).. و قد مثّل شعر ابي تمّام النّموذج الابرز لهذا التْحوّل الذي ظهرت فيه لغة الشّعر استعاريْة غنيْة بالدّلالة مُمّا يجوز معه الحديث حقّا عن ثنائيّة الشّاعر المؤلّف او الكاتب و المتقبّل القارئ و التي سنجدها اوضح ما تكون لغةً و تجربةً في الشّعر الصّوفيٍ التي تستمدّ غناها من اعتماد المتصوّفين الرّموز فيكتابتهم للشْعر و في تحويل تجاربهم فنّيّا : الاسماء رموزًا ، مثلا ( اسماء المرأة زمزا للجمال المطدق، و اسم الخمرة رمزا للنّشوة الرٍوحيّة.. )، و الحروف رموزًا ( العين رمزا للصّفو و الصّفاء ، مُقابل الغيْن رمزا للكدر….).
الشّاعرة ( علياء علول الكشو) كانت هي المُتدخّلة الثّانية حيث اهتمّت بمنزلة اللّغة الشّعريّة في المُوشّحات في الشّعر المشرقيّ و في الشّعر الاندلسيّ حيث استوقفها غناها النّاتج اصلا عن غنى المجتمع العربيّ الإسلاميّ الذي كان آنذاك عبارة عن خليط بين الاجناس البشريّة المتنوّعة ،وهو غنى جعل شعر الموشّحات، كما قالت الأستاذة ( علياء) إضافةً فنّيّة حقيقيّة للمدوّنة الشّعريْة العربيْة في مستوى اللّغة و في مستوى التّجربة الفنّيْة ككلّ. و قد ختمت عُجالتها هذه بِملاحظتيْن هامّتين ، في الاولى اشارت إلى تراجع سطوع شعر الموشّحات في الاندلس خاصّة عندما بدأ العرب يفقدون مواطن من نفوذهم ممّا جعل الشّعراء بعودون إلى نموذج القصيدة الخليلية يلوذون به املا في تحقيق توازن الذْات.
امّا الملاحظة الثّانية التي ختمت بها الشّاعرة ( علياء علولو الكشو) حديثها فتتعلّق بمحاولة بعض السّعراء الرّومنسيّين العرب ان يحيوا شعر الموشْحات دون ان يحقّقوا في ذلك نجاحًا مُعتبرًا.
ثالث المُتدخّلين كانت الاديبة الاستاذة ( ريم العيساوي) حيث بيّنت بالاستناد إلى طه حسين في كتابه ( الشّعر الجاهليّ) غنى لغة هذا الشّعر بفضل تعدّد اللّهجات آنذاك. و قد اطلقت المتحدّثة هذا الحُكم بعد ان توقّفت مليّا عند مراحل هذا الشّعر قديما…
في القسم الثْاني من هذه الوزشة انصت الحاضرون إلى التّلميذات الثّلاث ( آية خمّاسي ،و مرام بن سمير، و إسراء قادري) اللاتي اتحفننا بنصوص إبداعيّة جميلة و واعدة تفاعل معها بعض الحاضرين بما اقتضته من ملاحظات
تخصّ لا حاضر هؤلاء المواهب فقط بل ايضا ما ينتطر ثلاثتهنّ من بذل الجهد في المطالعة و الكتابة.
وكان مسك الختام كالعادة مع قراءات إبداعيّة ( في الفصحى وفي لغة موليير) شارك فيها جميع الحاضرين. عبد العزز الحاجي.
Discussion about this post