الكاتب والروائي عباس سليمان يقرا روايه // حدث في تلك الليله// للكاتب// محمود الحرشاني
——————–
شكرا من القلب للاستاذ والروائي المتميز عباس سليمان على هذه القراءه الفريده لرواية حدث في تلك الليله واشكره ان تفطن الى جوانب تعمدت اخفاءها عنن القارئ او حاولت ان ادفعه الى ان يكتشفها بنفسه من خلال تصاعد احداث الروايه وتشابكها فتفطن اليها بحسه الادبي المرهف وبحسه النقدي كذلك فاطى للروايه قيمتها التاريخيه والادبيه في ان. شكرا وانا ممتن لهذه القراءه
——————————————————–
حدث في تلك الليلة” * لمحمود الحرشاني
أو
رواية الأسرار المخفيّة.
عبّاس سليمان
تشدّني إليها كثيرا هذه الرّوايات التي تتّخذ لها مدارًا حقبةً من التّاريخ فتنهض لسردها أدبيّا على نحو تختلط فيه حقائق ثابتة ووقائع حدثت فعلا بما أضافه الكاتب وتخيّله ولوّن به الشّخصيّات التي اختارها والأحداث التي جعلها تجري بينهم.
ولعلّ رواية “حدث في تلك اللّيلة” لمحمود الحرشاني القادم إلى الرّواية من الصّحافة إحدى هذه الرّوايات، ولعلّ الحقبة التي اختارتها لها مدارًا إحدى أهمّ الحقب وأثراها وأكثرها تنوّعا واختلافا وحركيّة وأفعالا وردود أفعال، وهي حقبة ثمانينيّات القرن الماضي حين عوقب جمع غفير من طلبة الجامعة التّونسية بالتّجنيد العسكريّ إخمادًا لاحتجاجاتهم التي عدّها النّظام زعزعة لأركان الدّولة وعبثا باستقرارها وتطاولا على هيبتها.
تشدّك إليها هذه الرّواية بمزجها بين حكايات الحبّ التي نشأت بين الطّلّاب والطّالبات رغم ما بينهم من فوارق اجتماعيّة غير خفيّة وما عاشوه من ملاحقات وتحقيقات وتهديد وعقوبات انتهت بالكثير منهم منفيّين في الصّحراء معزولين عن أهاليهم وعن الجامعة وعن العاصمة.
تشدّك إليها هذه الرّواية بما فيها من ربط بين الأدب والسّياسة على نحوٍ يظهر فيه الأدب شعرًا وقصّةً وَخُطَبًا متّهمًا بالمعارضة وبتهديد أمن البلاد وسلطة الحاكم واستقرار المجتمع والإساءة إلى رموز الدّولة والتّخطيط للثّورة حتّى أنّ قصّة قصيرة عنوانها ” الثّور الذي بلغ عتيّا” لا تُقرأ إلّا على أنّها نعتٌ للحاكم بأنّه ثور بما في ذلك من إساءة ومن اتّهام بالحيوانيّة أوّلا وبالطّغيان ثانيا.
تشدّك إليها هذه الرّواية بإثارة ذلك الخلاف العميق الذي كان قائما بين بورقيبة المكتفي باستقلال البلاد استقلالا داخليّا وصالح بن يوسف الطّامح نحو استقلال تامّ لا نقص فيه وليس فيه تنازلات ولا اشتراطات.
تشدّك إليها هذه الرّواية بما نقلته من كواليس السّياسة وتحديدا ممّا كان يجري في مجالس الوزراء وما كان يدور بين الرّئيس الآمر النّاهي الغاضب المتسلّط ووزرائه المطيعين المُهانين الذين لم يكن أمامهم غير الصّمت والخنوع والذين كان عليهم ان يُخمدوا كلّ صوت يعلو وكلّ أنواع المعارضة حتّى لا يظلّ في المشهد كلّه غير الرّئيس واحدا أوحد لا شريك له.
تشدّك إليها هذه الرّواية بكونها رواية السّياسة بلا سياسة – والتّعبير للأستاذ محمّد الخبو- إذ فيما يبدو السّرد سرد حكايات حبّ ومغامرات ومصادفات ونقلا لأمثال شعبيّة ما انفكّ الناس يتداولونها وتعديدا للأصوات المختلفة في مرجعيّاتها وثقافتها وغاياتها وتصوّراتها للسّياق وللآخر، فيما يبدو الأمر كذلك، فإنّ الأحداث لم تبرح حرم الجامعة حيث صراع الإيديولوجيا بين الطّلّاب وصراع البقاء بينهم وبين السّلطة عبر قوّات الأمن، ولم تبرح قصر الرّئيس حيث تُطبخ وتُعلَن الأوامر بالتّصفية والإبعاد والعقاب والنّفي، ولم تبرح تحقيقات البوليس داخل مراكز الأمن.
تشدّك إليها هذه الرّواية بما دُسَّ فيها من مرح ومن نُكتٍ رغم مرارة السّياق المُمثَّلةً في بؤس عائلات الطّلبة القادمين من المناطق الدّاخليّة وفي تسلّط البوليس وفي صرامة التّعليمات والقرارات حتّى أنّ القارئ لَيَطْرَبُ لمساحات المرح المدسوسة ويتلذّذها.
تشدّك إليها هذه الرّواية بما أتاحته للقارئ من مساحات حرّية ستمكّنه من أن يغلق الأقواس التي فُتحت وظلّت مفتوحة على النّحو الذي يرتضيه، إذ ظلّت تنتظر قرارَ القارئ حكاياتٌ كثيرةٌ كالتي ربطت بين المتحابّين والتي تعلّقت بمصير الطّلبة والتي ارتبطت بمصير حُكّام البلاد الذين لم يبدوا في وضع المطمئنّ المستقرّ الذي لا يخشى خطرا داهما.
لقد حامت روايات تونسيّة أخرى حول سنوات الثّمانينيّات وما عجّت به من أحداث داخل الجامعة التّونسيّة وفي معتقل “رجيم معتوق”، ولكنّ رواية “حدث في تلك اللّيلة” لمحمود الحرشاني تسلّلت إلى عديد الزّوايا بطريقة مختلفة تجعل القارئ يكتشف حينا ويفكّر حينا ويؤوّل أحيانا ويربط بين ما جرى من أحداث في أحايين كثيرة.
————————————–
عباس سليمان
كاتب وروائي تونسي بدا حياته المهنيه معلما وهو الان متفقد للغه الفرنسيه غزير الانتاج الادبي يشارك في عديد الندوات والمهرجانات الفكريه والادبيه بابحاث ودراسات. صدرت له عديد المؤلفات في الروايه والقصه وحاصل على عديد الجوائز التونسيه والعربيه. من مؤلفاته ايام اضافيه اخرى . بنت الحرام.جحيم في الجنه وكتب اخرى
Discussion about this post