حوار الأديبة الجزائرية الدكتورة زينب لوت
مع الشاعر عصمت شاهين دوسكي
* كلما زاد الألم في ذهن وروح البشرية زاد الاستياء للآخر
* الثقافة والفنون تحدد هوية الشعوب بتاريخها وتراثها
* الأدب الكردي بطبيعته الجبلية وارثه الأصيل غني بالقيم الإنسانية
* المرأة الكردية ذكية وجميلة ومخلصة في أعمالها الأدبية والفنية
* الإبداع يقتل قبل ولادته
* كتاباتي الأولية نضجت تدريجيا وفق الأحداث الزمنية العصرية
حوار : الدكتورة الأديبة الجزائرية زينب لوت
* بدايتك في الشعر كانت مبكرة كيف كانت التجربة ؟
– بدايتي منذ الطفولة حيث الحلم والعوالم المرئية واللا مرئية أبحث عن الحب والأمان والسلام وأتلمس شغف القراءة والكتابة والتعبير عن ما يجول في خاطري وصمتي وتمردي حيث كنت قليل الكلام مثلما البرق والرعد يلهمني الحدث ،كان بكاء طفل يستفزني يؤلمني حيث كانت البسمات الحزينة ترافقني في طور المشاكل والأحزان والقليل من المسرات في أجواء الفقر والحرمان في أزقة شارع فاروق وحضيرة السادة المتواضعة والتشبث بحلم قد يكون بعيدا ،أثارت فيا أشعار القدماء امرؤ القيس طرفة والمتنبي والبحتري وزهير بن أبي سلمى قيس بن الملوح حسان بن ثابت الجاحظ عنترة بن شداد أبو العلاء المعري وتلتها كتب معاصرة طه حسين توفيق الحكيم إحسان عبد القدوس عباس محمود العقاد المنفلوطي إبراهيم ناجي محمود درويش نزار القباني الجواهري البياتي بدر شاكر السياب نازك الملائكة فدوى طوقان أحمد خانى عبد الله كوران علي حريري ملا جزيرى سليم بركات بدرخان سندي وغيرهم والتطور إلى عالم الأدباء العالميين أمثال فيكتور هيجو وليم شكسبير فيديور ديستويفسكي فرانز كافكا ليو تولستوي ارنست هيمنغواي السكندر بوشكين يوهان غوته دانتي سارتر ارسطو كل هذه التجارب الأدبية كحزمة أطياف قوس قزح صاغت جمالية فكرية وحسية إنسانية في كتاباتي الأولية ونضجت تدريجيا وفق الأحداث الزمنية العصرية .
• قد أضاف العمل الثقافي تجربة وثقافة من هي الشخصيات والنصوص التي تأثرت بها ؟
– ولدت في وسط مدينة دهوك في محلة شيخ محمد عام 1963 م والآن عمري ثمانية وخمسون وما زلت أعاني بين ولادتي وحاضري فكريا وعاطفيا ، مرت أحداث وتجارب مؤثرة في حياة العراقيين والكرد والعالم وتناقضات لا حدود لها ، ثمانية وخمسون عاما وأنا أشاهد عمليات إبادة إنسانية بطيئة وفي الوقت الحاضر في الأعوام الأخيرة ظهرت عمليات إبادة جماعية وكلما تقدم بي العمر أصبحت اشد وعيا وأكثر إدراكا بما نعانيه من ظلم وجهل وجوع وفساد هكذا حينما تغيب العدالة الاجتماعية والتربية السليمة تتجلى غيوم معتمة تحاول أن تمنع وصول أشعة النور للإنسانية ، فكلما زاد الألم في ذهن وروح البشرية زاد الاستياء للآخر الذي هو محط وجود جبري الذي يتضمن الثقافة والعقلية الإدارية ، وكوني أعرف نفسي شاعر وناقد كتبت الكثير من النقد الأدبي والفني حتى تجلى النقد في صوري الشعرية التي أريد من خلالها أن يكون العالم أفضل إنسانيا ووجوديا ، وقد ذكرت لك في السؤال السابق بعض الأسماء والشخصيات التي تأثرت بأفكارهم ونصوصهم الأدبية الفكرية والفلسفية والشعرية .
• المهرجانات الشعرية تجسيد لمهارات الأداء ونقل الصورة الشعرية حية مؤثرة كيف تعايشت مع المتلقي وما هي نصوصك الأكثر تأثيرا في نظرك ؟
– المهرجانات الشعرية مهمة حيث الشاعر والمتلقي وجها لوجه وأكثر تواصلا وتميزا وإبداعا في حضرة تبادل الآراء والنقد البناء ومن خلال إقامتي أمسيات أدبية في مدن دهوك وزاخو والموصل وقراءتي لبعض قصائدي وجدت تفاعلا أكبر وتبادل آراء وأفكار أشمل وأوسع ،يصف الشاعر الفلسطيني محمود درويش إن العراق بلد الشعراء وشيء طبيعي أن يكون هناك بين الشاعر والمتلقي اختلاف وجهات النظر، ورأيي حينما تكون الأسس المهرجانية الشعرية في ظل المحسوبية والمزاجية واحتكارها لمجموعة ما وتهميش الشعراء الشباب سيؤدي إلى خلق خلل ثقافي إداري يؤثر على المتلقي ، ولكون القصيدة شفهية سمعية في المهرجانات الشعرية يبدأ تأثيرها بين تقاليد الشعر القديم والحديث حيث كان الشاعر نزار القباني مدافعا عن الشعر العربي يقول: ” الشعر في الأساس صوت، وهو في شعرنا العربي، خاصّة، مخزون في حنجرة الشاعر وأُذن المتلقّي. فالصوت إذنْ قدر القصيدة وخيمتها” ولا يمكن تجاهله ، أما نصوصي الأكثر تأثيرا فكل نص كيان لوحده له تأثيره وتفاعله .
• اللغة الكردية شعرا ما هي الصورة التي تمنحها للفن من خلال اللغة ؟
– اللغة الكردية كباقي لغات العالم لها خصوصيتها في تشكيل صورة فنية اجتماعية واقعية وكما تعلمين أغلب المناطق الكردية ذو طبيعة جبلية جميلة فكانت ديمومة اللغة طبيعية بطبيعة المنطقة عشقا وجمالا وإحساسا وولاء وانتماء وما زالت نواة أساسية تمنح مكونات الفن والثقافة الإنسانية الفلكلور والديانات والمعتقدات حتى في اللباس والأزياء والأحداث ،فاللغة الكردية هي جزء من الثقافة والثقافة والفنون تحدد هوية الشعوب بتاريخها وتراثها من خلال الصور الشعرية التي تجسد المعاني التاريخية والمضامين التراثية الأصيلة وعبر الأزمنة كان لدور الشعراء الكرد كبيرا في بيان وتجسيد الواقع الفني والفكري كأمثال عبد الله كوران وأحمد خاني وبدرخان السندي ولطيف هلمت وغيرهم إن الشعوب المعاصرة تتحاور وتتواصل في ما بينهم من خلال الفنون وهذا يؤكد مدى أهميتها شعرا وفكرا وتصورا وتعبيرا ويمد العالم التجديد والنهوض والاعتدال واحترام الآخر مهما كان وهو مؤشر مهم لما يمر به المجتمع من أحداث وتناقضات ومصاعب من خلال اللغة الفنية التعبيرية .
• لك مؤلف مهم ( اغتراب واقتراب) عن الأدب الكردي كيف حددت تصورك النقدي بداخله ؟
– كتاب ” اغتراب واقتراب ” مخطوط لم يطبع لحد الآن ويضم دراسة نصوص ( 18 ) أديبا كرديا ( الدكتور إحسان فؤاد – لطيف هلمت – جنار نامق – رشيد فندي – محمد سايم سواري – جمال بروارى – عدنان المزوري – بدل رفو – كيفي عارف – نزار البزاز – الدكتور وريا عمر أمين – جانيت المرادي – علي برزنجي – سالم كورد – اسماعيل روزبيانى – هجران شيواو – مصطفى حميد – جلال جاف ) لكل أديب رؤية في طرحه النصي والفني فالأدب للجميع دون تميز ،ناهيك عن المستوى العلمي والفكري والوعي ، الذي يكون عاملاً مساعداً لاستلام النص والمضمون والفكرة، فالأدب الكردي مثلاً بطبيعته الجبلية وارثه الأصيل غني بالقيم الإنسانية الغنية بالجمال الراقي والوفاء السامي والتواصل الإنساني مع جميع شعوب العالم ،ودراسته وتحليله وتجلي مداه الفكري وتجسيد إبداعه الروحي وتسليط الضوء عليه كدراسة أي أدب في العالم بجميع جذوره التي تمتد إلى عوالم خاصة به كنظرة أولى ،ولكن بأبصار ورؤية عميقة نرى ونحس إن جذوره تمتد إلى ما لانهاية من التطور الفكري الإنساني الإبداعي في مختلف الأطر الأدبية ،فلا يظن القارئ الكريم إن الأفكار محددة ومقيدة لنمط معين من الآداب ، فالأفكار لها الحرية في كل مكان وزمان ،ولكن يمكن القول إن هذه الأفكار النصية الأدبية لها خاصية جميلة عامة تتجلى بقوة الجبال وشموخه ،ونسيم الوادي وصفاءه،وخرير الجداول وانسيابه،وقامة الصنوبر وجماله ،وهكذا مثلما الصحراء لها مداها السرابي الواسع ،وصوت الريح الهاب مع الرمال ،وخيوط أشعة شمسها الساطعة ،والأديب الذي يكتب هنا وهناك بينهما خاصية المكان والزمان، ولا يمكن تصور الضيق في الفكر إن من يكتب عن أدب معين هو خاص به’ إلا ما رحم ربي فكل إناء ينضح بما فيه من جهة ،فحرفة الكتابة لها عوالم مميزة لإيصال الرسالة الأدبية للآخر،وهكذا الآداب الإنسانية للإنسان عامة إن كان في الشرق أو الغرب أو أي مكان في العالم .
الكتابة عن أفكار وروح وإحساس الأدباء لهو عمل شاق جداً فالبحث المستمر عن النص والفكرة الإنسانية إجهاد ومتعة ،إجهاد في الاختيار والتأويل الفكري والحسي الفني ومتعة الكتابة إنك تكتب عن الأخر ،هذا التواصل الفكري الإنساني بين الكاتب والأديب والنص ،يجسد استمرار الحياة الأدبية واستمرار التجدد ،والتغير مهما كان النص الفني شعرا، قصة، مسرح، أو لوحة أو أي مجال فني أخر ..وبعد كتابي الأول (عيون من الأدب الكردي المعاصر ) عام2000م الذي ضم دراسة وتحليل عددا من نصوص الأدباء الكرد ومنهم الأديب الدكتور بدر خان السندي الأديب الدكتور نافع عقراوي الأديب صلاح زنكنة وصلاح شوان وعبدالله كوران ولطيف هلمت والفنان التشكيلي سالم كورد ومحمد البدري والشاعرة كولالة نوري والروائية كليزار أنور والأديب كاكه ى فلاح وصديق شرو وعبدالله عباس ومحمد درويش علي وحكمت الأتروشي وكريم ده شتي وأحمد تاقانه….وكتابي الثاني (نوارس الوفاء)عام 2001م الذي ضم الأدباء الكرد المبدعين الأديب الكبير جكر خوين الأستاذ المبدع صلاح سعد الله وصبري بوتانى ومحمد أمين بنجويني وخسرو الجاف ومحسن قوجان ومحمد سليم سوارى وفريد زامدار وعبد الرزاق بيمار وعباس عسكر وآزاد شوان وبرهان البرزنجي ونجم رحمن وارانى وعمر عثمان وبلقيس الدوسكي وسالار إسماعيل والفنان التشكيلي دلشاد نايف المزوري وغيرهم. وبعد تشجيع الأستاذ الكبير الأديب والإعلامي جمال برواري وسالم كورد وجلال جاف وبدل رفو وغيرهم من الأدباء المبدعين واصلت الكتابة ليكون هذا الكتاب (الاقتراب والاغتراب) وهو الكتاب الثالث عن إبداعات الأدباء الكرد بالنقد والدراسة والتحليل والتأويل.. أتمنى قد قدمت شيئاَ جميلا وقيماً على مأدبة العالم الأدبي الكردي والعربي والعالمي والإنساني بصورة عامة .
Discussion about this post