على ربوة المسافات
…
لما تقف على ربوة المسافات، تنظر للأشياء بدقة الملاحظ وتعطي نفسك حق تقييم ما يحيطك من جمال ومن دنو أو تدن وخراب، ما يحيطك من تناقضات لعينة وما تحجبه المغالطات عن عينيك…
لما تقف على ربوة المسافات، تكتشف الأشياء من أعلى فتظهر لك أكثر وضوحا من ذي قبل وتهبك ثقة بالنفس فلا تضعف ولا تخذلك مشاعرك تجاه الآخر الذي ظهر ضبابيا يرغب بصيد الفرص واختفى سريعا دون أن يظفر بصيده المرتقب…
أن تقف على ربوة المسافات، فأنت في مأمن من أن يجرفك تيار الكذب والنفاق وأنت البريء الموسوم بالسذاجة عند بعض المخادعين الذين يرون طيبتك ضعفا فلا تتأثر ولا تنهزم ولا تضعف ولا تنحني…، بل ولا تأبه لحقدهم حتّى.
أن تقف على ربوة المسافات يعني أنك تترفع عن الحقد الذي يعمي بصيرة ممتهنيه فيصبح نارا تلتهم ما حولها ثم تبحث عن المزيد حتى تلتهم نفسها وتخمد في مزابل التاريخ.
أن تقف على ربوة المسافات فأنت المنتصر لنفسك رغم الوجع الذي يقتات ممّا تبقى صامدا من أضلعك…
أن تقف على ربوة المسافات فأنت البوصلة التي أبحث عنها ويبحث عنها كل إنسان يرغب بالوضوح والاستقرار في زمن تدنت فيه كل القيم وانهارت…
أن تقف على ربوة المسافات فأنت تشبهني نقاء وصفاء لأقتفي أثرك في ازدحام الأحداث المتواترة تصاعديا نحو الفوضى والاندثار…
أن تقف على ربوة المسافات فأنت تبحث عن نفسك بداخلي وتبحث عني في فوضاك لتهمسك لنفسك: ” قفي على ربوة المسافات ولا تتدنّي “، حتى نعيد ترتيب الأحداث والأمكنة والأزمنة الفارّة كسراب الأيام الموجعة…
الأديبة محبوبة خماسي
المنستير ، تونس الخضراء في 2022/10/29
Discussion about this post