الصّحة النفسية للفتاة الوحيدة. بقلم الدكتورة بهيّة الطشم.
بقلم الدكتورة بهيّة الطشم
الفتاة العزباء الوحيدة كنموذج طبي عند طبيب الأعصاب اللبناني الدكتور حسّان أمهز
غالباً ما تسري تراكمات المواقف الانفعالية السلبية بقوة في أنفس بعض النساء الوحيدات ,سواء بعض العازبات او المُطلقات او الأمهات المهجورات.
وللأسف يتحوّل الضغط النفسي الى نوبات هيستيرية على مدار الساعة أو بكاء لساعات متواصلة دون توقف ,سيّما بعدما يعجز المحيطون بهن عن استيعاب اوضاعهن ومستجدات المشاعر عندهن,اذ ينشغل المحيطون بعائلاتهم الخاصة ,بأولادهم وأعياد ميلادهم,الخ دون أن يتذكر البعض منهم المرأة الوحيدة بكلمة شُكر واحدة.
ولا غرابة أننّا نلتمس جلياً مقولة ذهبية لرائد التحليل النفسي سيغموند فرويد وما معناه:” لكي تضمن صحتك النفسية,تأكّد بأنك: لست مُحاطًاً بالأغبياء أو الحمقى.”,وفي الصّدد عينه نستحضر قول أيناشتين :”اثنان لا حدود لهما:الكون وغباء الانسان,ثم استدرك بالقول: لست متاكداً بالنسبة للكون ولكن غباء الانسان لا يحدّه حد.”
ولعلّنا نستذكر احدى مريضات فرويد التي كان ينتابها الهلع كل ما كانت ترى الماء في الكوب الكبير ,وترفض شرب الماء حتى من يد الطبيب وقد اكتشف فرويد بأن ّزوجة أبيها كانت تجبرها على الشُرب منه بعد أن يشرب منه الكلب.
لقد انهمكت خلايا روح احدى الفتيات المرهفات والوحيدات بالألم النفسي العارم بسبب الظروف العائلية والاجتماعية الصاعقة التي تعاني منها وهي الوحيدة دون زواج في مجتمع سادي ذكوري أو تحكم بعض عائلاته امرأة مسترجلة .
تعيش تلك الفتاة المريضة كما حال معظم الفتيات في العائلات الكبيرة في صراع نفسي واجتماعي ,اذ لم يبق كبير ولا صغير في العائلة الا واستغل طاقتها وجهدها ووقتها لحسابه وحساب زوجته و اولاده……..
يمكننا القول وببالغ الأسف بأنّ أغلب المجتمعات الرجعية في الراهن المعيوش تفتقد لاعطاء اهمية او الالتفات بعين الانتباه والرعاية للفتيات او النساء الوحيدات,الاّ ما كان يرتبط منها بدرجة الارتباط او الاهتمام الجزئي والمؤقت بحاجاتهم المؤقتة والظرفية.
وفي ما يلي: أهم الخطوات الوقائية للمرأة الوحيدة لكي تبقى متمتعة بصحتها العقلية والنفسية :
أولاً: الاحتضان العاطفي أو الاحتواء النفسي من قبل أحد أفراد العائلة أو المُقربين سيّما ابّان الصدمات النفسية القوية وحالات افتقاد أو موت أحد المقربين.
ثانياً: تجاوز بعض أخطاء أو هفوات المرأة الوحيدة والابتعاد عن التعامل معها بانتهازية,واذا ما حدثت الاخطاء ,فيجب حلّها بهدوء وفي اطار الحوار الايجابي.
– ثالثا: المشاركة (مشاركتها في نشاطات ترفيهية ,عائلية, واسباغ المديح لأفعالها وتوجيه الشّكر لجهودها مهما كانت صغيرة.)
رابعاً: الاحترام للفتاة الوحيدة وعدم السخرية من مشاعرها واقوالها مهما كان مستواها الثقافي , اذ للأسف نلاحظ بأن التهكّم على الفتاة الوحيدة أو المطلقة أو الام المهجورة من قِبل بعض أفراد العائلة في محاولة ركيكة منهم لاثبات شخصيتهم الهشّة والمزيفة.
خامساً: اعطاء الفتاة مساحة حُرّةFree space للتعبير عن رأيها,ممارسة هواياتها, التواصل مع اصدقائها ولا يصحّ التعامل معها كخادمة!
سادساً: التعامل معها بابجابية ومرونة في مختلف المواقف وتشجعيها على تحقيق ذاتها ,حتى وان كان ذلك عبر أعمال بسيطة.
سابعاً: اقصاء منطق العدائية من داخل الأسرة الواحدة والحفاظ على الانسجام النفسي داخل الأسرة الواحدة والعائلات الأخرى المتفرّعة عنها والابتعاد عن الكلام المنقول باختلاف الألسنة والتحفظ على خصوصية البيوت داخل الجدران المُغلقة .
ثامناً: تشجيع الفتاة أو المرأة الوحيدة على اكتساب مهارات جديدة وتثقيفها لكي تحمي نفسها من الاستغلال.
وختاماً, يمكن القول كما قال أوغست كومت (عالم الاجتماع) الشهير :”المرأة المُرهفة في حالة طفولة دائمة” ومهما بلغ رقم عمرها,وهو القائل أيضاً: الحُب مبدؤنا, والنظام وسيلتنا والتقدم غايتنا.”
والمفارقة أن الفتاة الوحيدة وبالرغم من ظروفها النازفة بالأوجاع ,فهي غالباً ما ترقص وجعاً على مسرح جراحها كي تضمدّ جراح الآخرين ولكن للاسف عندما ينفجر كبتها الصامت لسنوات بصرخات مدوية من لاوعيها…..لا ناصر لها أو معين!!!!!
وما أروع ما قاله أريك فروم أحد نوابغ علم النفس:” المحبة فن ,اذا مارسها الانسان بجدارة فهي ضمانة للصحة النفسية.”
وكذلك اعتبر فكتور هوغو:”أنّ العاطفة تمنع الانسان من التوحش.”
Discussion about this post