حاضرة وادي العاصي
استقراء مُوجز في كتاب:”شمس الأورنت” للشاعر الدكتور طراد حمادة
بقلم الدكتورة: بهيّة الطشم
تنساب قصص الزمان ويسطع شعاع شمسها على ضفاف نهرٍ بلوري لا ننزله مرتين كما قال هيرقليطس (فيلسوف التغيير) في التعبير عن الصيرورة الوجودية.
بدايةً,تمتلكنا الدهشة البهيّة من تواتر الأحداث على ايقاع حاضرة وادي العاصي (أمير الأنهار) لتكون قصة العشق الأسطوري بين علاء الدين الصوفي وشمس الأورنت بمثابة المحرّك الأساسي للأحداث قاطبة, بالرغم من وجع الحرب ومآسيها.
فالفرق الغراماطيقي بين الحُب والحرب هو حرف واحد ولكن المُفارقات الماهوية غالباً ما تكون سيّدة الحضور في عالم الممكن والمستحيل( الحياة).
تؤكّد حنايا الرواية المُترعة باللغة الشاعرية الراقية على أهمية الموت حُباً في سبيل ما ومن نُحب لكوننا نؤمن بهما لحدود الموت الحيّ.
كما تستثير تفاصيل الكتاب أبعاد الأسطقسات الأربعة: (الماء,التربة,النار,الهواء) وتأثيرها في حيّز وجودنا وتفكيرنا,ولا غرو في ذلك لأنّ أعظم الحضارات نشأت في أحضان الأنهار ابّان ارهاصات الأزمنة مهما بلغ الصراع مبلغه وفرض وجوهه الجمّة.
اذاً يصوّر كاتب “حضارة الأورنت” نهر العاصي وكأنّه قصر الجمال ويُعيد بحروفه الى أثلام دماغنا ذكريات رسمتها أيام الزمان الغابر على تخومه.
فحضارة وادي العاصي كانت مركز الفلسفة والعرفان والشعر من مدينة أنطاكية إلى مدينة افاميا وهي مدينة هرمس Hermès إلى بقية الحواضر…(حمص وحماه والساحل السوري وتدمر على تخوم الصحراء…)
وكانت الغزوات تاتي من الصحراء وتنتهي علي ضفاف النهر القدسي. الذي شهد معركة قادش بين الحثيين والمصريين وحركة الاسكندر ونبوخذنصر
وتترنّم تموجّات عاصي الأنهار لتصنع مجد الطبيعة ( الانسان وقلب وجوده) وكذلك صنعت سواعد المقاومين مجد الانتصار السّرمدي على الارهاب الظالم ,فكتبت مجد الخلود الساطع الى أبد الدهر.
لقد نجح كوبرنيكوس مبتكر الثورة الكوبرنيكية وعالم الفلك الشهير نجاحاً باهراً في اثبات أنّ الشمس هي مركز الكون وذلك بعد حرب كبيرة مع المفاهيم الظلامية في العصور الوسطى ,وبالموازاة فقد أثبتت شمس الأورنت بأنّ وهج الارادة الخلاّقة هو سِرّ خلق المعنى الحقيقي للحياة وانتصار إرادة الحب والحياة على حرب الإرهاب.
وفي الختام ,نلتمس حكمة بارزة مفادها :أنّ حقيقة الحُب حياة أمّا الفناء في الحب فهو الحياة الاستثنائية التي تنطوي على كنه الوجود الحق.
Discussion about this post