النخبة التونسية بين الأمس واليوم
الحلقة الأولى
بقلم الأديب هاني الفرحاني.
النخبة بتونس قد اقترنت أهميتها بالقدر الذي سجلت به حضورها عبر تاريخ بلادنا منذ العهد الفينيقي إلى تاريخ هذا اليوم. وحتى أوفر مادة للحوار الافتراضي سأقتصر على فترة دخول الإستعمار الفرنسي إلى تونس في حلقة أولى
لقد تبلورت أهداف حركة الإصلاح منذ فترة خير الدين وتكاثر روادها وأعطت للبلاد بعضا من ثمارها ولعل أهمها دستور 1861.
لما حلت الطامة الكبرى بدخول الاستعمار الفرنسي كان من أولوياته تشريد النخبة لقطع حبل الإصلاح و النزوع إلى السكينة ومجاراة الواقع الجديد.
* ففصل الشيخ محمد السنوسي عن رئاسة تحرير جريدة “الرائد” واقتصرت الجريدة على ما هو رسمي لتفرغ من مضمونها الذي بعثت من أجله.
*شرد الشيخ محمد بيرم من البلاد نهائيا فنقل أهله و استقر بمصر
*انقطع الشيخ محمد السنوسي عن أعماله كلها وخرج إلى البلاد الغربية و الشرقية.
* أقام الوزير حسين بإيطاليا إلى حد وفاته
*بقي الوزير رستم متنقلا بين تركيا ومصر حتى توفي بالاسكندرية.
*هاجر مدير الصادقية محمد العربي زروق إلى الآستانة ثم إلى المدينة المنورة ليموت هناك.
ولم يبق من عصابة دعاة الإصلاح الا الشيخ سالم بوحاجب أو الأستاذ كما يحلو للكثيرين من أبناء عصره. إذ كان الوحيد الذي تقال في شأنه كلمة أستاذ. وعلى بقائه بتونس نظرا لمكانته العلمية و الاجتماعية ونظرا كذلك لتقدمه في السن فقد تم الفصل بينه وبين أتباعه في الحياة العامة. إذ كان إماما خطيبا بجامع سبحان الله بالعاصمة وكان شاعرا ذا منحى اجتماعي واقعي. تضمن شعره كما خطبه فوق المنبر واقع الناس مع توجيه سهم الإصلاح نحو مبادئ حركة الإصلاح
إذ يقول الشيخ سالم بوحاجب مثلا:
علينا عباد الله خدمة أرضنا
فما هي في الحقيقة الا أمنا
فمنها تكوّنّا وفيها معاشنا
وان عافنا الاهلون فهي تضمنا
وكان بذلك سالم بوحاجب من القلة الناجين من تشريد المستعمر لنخبة البلاد لما في النخبة من أهمية في كل منعرج تاريخي.
Discussion about this post