سبق صحفي جديد …. وحوار خاص للرواد مع المايسترو الكبير امين الخياط
بقلم : سلمى صوفاناتي
دخل الى عالم الفن مثل عصفور مهيض، وهو لم يزل طفلا لايتجاوز التاسعة من عمره .. جاب العديد من الدول والقارات ليختزن في ذاكرته الحية التي صهرت في بوتقتها وجوه العمالقة الكبار .. زاحم بنجوميته المطربين بنصق قرن من التميز عزفا ولحنا وقيادة ، لاهم الفرق الموسيقية التي رافقت اهم المطربين السوريين والعرب..
إستطاع ان يفرض بقانونه قانون الجمال،فكان اللحن ثوبا يخيطه بسبعين وترا ليناسب،ذاكرة المختص،ومزاج السامع .. انه المايسترو الذي يضيق عليه اللقب ، وان كان نقيبا للفنانين ، فهو ارفع برتبته من رتبة نقيب،..واحد من القلائل الباقين من جيل العمالقة .. انه المايسترو او ( الكونتكتور ) امين الخياط ، الذي حل ضيفا عزيزا على اسرة مجلة الرواد .. وعلى لسان ايقونة الفن انقل لكم قوله :-
كان للحظ دور فاعل في حياتي رافقني منذ الطفولة، حين كان والدي يعمل موظفا بالإذاعة السورية .. كنت اتردد عليه كل يوم واستمع الى كبار العازفين والمبدعين ، وكانت تقام في منزلنا سهرات فنية من نوع خاص ، وكان يجتمع فيها كبار العمالقة ، امثال ، رفيق شكري ، وسليم الاغواني .. وكلما كانوا يعزفون كنت اعزف معهم، وفي بداية المرحلة الإعدادية كنت احضر افلاما سينمائية لكبار العمالقة ، امثال، محمد فوزي ، وكنت اتغيب،ساعات طوال عن البيت فاقترح والدي ان اقوم بدراسة التربية الموسيقية، لما وجده بي من بشائر وارهاصات تنبىء على ولادة عازف مبدع ..
وفعلا بدات الدراسة بالمعهد الموسيقي الشرقي .. في البداية دخلت من باب التسلية لا اكثر وفي السنه الأولى والثانية حزت على المرتبة الثانية بين اقراني .. دخلت المعهد سنة 1950-وتخرجت منه سنه 1954 وقد كان من اهم ذكريات تلك الحقبه قدوم كوكبة الشرق ام كلثوم الى مدرسة اللاييف بدمشق ، وقام فخري بيك البارودي بإقامة حفلة على شرفها دعا فيها كبار القوم ومنهم فرقه رقص السماح ، التي كنت احد اعضائها ، وقمت بعزف مقدمة لام كلثوم بحضورها شخصيا ..
كنت ارتجف رعبا وانا امثل امام سيدة الغناء العربي .. بدأت مع الكبار رغم صغر سني ، وعزفت مع سعاد محمد ، التي كانت تغني لام كلثوم انذاك ، ولم يكن في ارشيفها بعد اي اغان خاصة .. اصطحبتني معها إلى بيروت لمدة سنه وقمت بجمع بدلا للخدمة العسكرية، والذي كان بمقدار 625 ل .س .. وحين عدت الى دمشق جلست عاما كاملا بدون عمل ، حاول والدي ان يقوم بتعييني،بالاذاعة ولكنهم رفضوا لعدم حاجتهم لعازف قانون في تلك الحقبه .. اجتمعت بعدها بعبد الفتاح سكر وعادل خياطة ، الذي تم تعيينه كمديرا لإذاعة حلب ، وصدر قرار بتعييني هناك فكنت قائدا للفرقة الموسيقية في الاذاعة ..
تعرفت على شاكر بريخان ، وبدأت التلحين بإذاعة حلب لسمير حلمي ، ومها الجابري .. كان لحني الأول كل مابتخطر عابالي .. ثم توظفت بوزاره الثقافة بصفة منشد بالمعهد العربي للموسيقا، وجائني عقد عمل بأوروبا مع صديق لي كان يعزف على الناي .. فقررت الرحيل لتحسين ظروفي المعيشية .. بدأت بأثينا، ثم تركيا ، ثم المانيا، ثم البرتغال ، واستقريت بأسبانيا، ثم كان مقري مدريد .. اصبت بحالة من الإكتئاب لاني كلما التقيت بصديق جديد كنت افقده .. شعرت اني افتقد هويتي وشخصيتي واصدقائي فشددت الرحال الى وطني ، وركبت اول باخرة لتقيلني الى دمشق ..
وعند عودتي قمت بتأسيس فرقة الفجر الموسيقية ، فقمت بجمع بعض الأصدقاء اللذين لم يتسنى لهم الحصول على فرصة عمل بعد تخرجهم من المعهد الموسيقي ، وتم تأسيس الفرقة في عام 1963 ، وتمكنت من تغطية لبرامج التلفزيون العربي السوري، فكنت احيي تلك الأمسيات ثلاث مرات في الأسبوع ، وانتشر سيطي إلى ان وصل إلى لبنان، والاردن ، وكان الراحل حسيب يوسف ، يستدعيني للتسجيل هناك ، وعملت وقتها مع ، شريفة فاضل ، ومحمد رشدي ، وصباح الشحرورة ، ثم بدأت شهرتي بالإتساع لتتجاوز حدود الوطن العربي كاملا ..
وفي حقبة الستينات عملت مع جميع العمالقة ماعدا ثلاثة ام كلثوم، وعبد الحليم حافظ ،وورده الجزائرية .. كما انني عملت مع هاني شاكر ، وعندما كنت نقيبا للفنانين اجتمعت مع فريد الاطرش ، وكان في ذاك الوقت، قرر ان يعتزل الفن .. كنت اجتمع مع القائد الخالد حافظ الأسد مرتين كل اسبوع، او اسبوعين ، واناقش معه الأمور النقابية ، وتم انتخابي في مسرح الحمرة بالتصويت والتصفيق ..اما عن سؤالك لي عن واقع الفن في ايامنا هذه ، اعتقد انه يرتبط بالحياة الإجتماعية والإقتصاديه والسياسية .. يسير نحو التدني ليس،لعدم وجود اصوات مميزة بل لإنتشار الأغاني الهابطة والكلمات السيئة التي جعلت المجتمع يعيش في حالة يرثى لها .. كنت اطرب للفنان خلدون الحناوي والياس كرم .. ومن المؤسف حقا ، ان تلك الأصوات المميزة لا يوجد لها حقوق ملكيه بسبب حالة الانتاج الموسيقي ، التي تسير نحو الوراء رغم صدور قانون لحماية الملكيه .. لا ناقة له ولاجمل بما يحدث من السرقات الفنية ..
علاقتي بميادة الحناوي ، بدأت في عام 1980 وكان بليغ حمدي صديقا شخصيا بيننا وهناك صديق اخر هو صبحي فرحات .. عملت معها بثماني اغنيات من عملي وتوزيعي ، ومن الحان بليغ حمدي .. بقيت معها سته عشر عاما ، وكانت من اعز الاصدقاء ومازالت .. وكان احب اغنياتها واقربها الى قلبي اغنية كان ياما كان ، من تنفيذ فرقة الفجر وتوزيعي وكلمات بليغ حمدي،.. حزت على الكثير الكثير من التكريمات ، وكنت عضوا في لجنه التحكيم بمهرجان القاهرة ، والعديد من المهرجانات ..
كان معي في اللجنة الصديق العزيز وجدي الحكيم .. شاءت الصدف ان تجمعني في إحدى السهرات مع الفنانة، هيفا وهبي ، وكنت برفقه السيدة ميادة الحناوي ، واعضاء اللجنة الموقرة .. وقد كان لها موقفا مشرفا اذ اعتذرت عن الغناء،في حضور هؤلاء العمالقة .. وقالت بصدق انا لست سوى نجمة استعراضية ، ولا استطيع ان اغني في حضرة الكبار .. ختاما : خبرتي في عالم الفن تجاوزت الستين عاما .. كانت غنية وذاخره بالعطاء والتميز .. اشكر مجله الرواد ومبدعي العالم على هذه اللفته الكريمة .. كما اشكر الصحفية الرائعة سلمى صوفاناتي ، على هذه الإضاءة دام الألق والتألق ودمتم بألف خير ..
Discussion about this post