السياسة لعبة قذرة في بلادي
بقلم الباحثة والشاعرة مروة جهمي.
من فترة ليست ببعيدة راهنت على نفسي أن لا اكتب بالسّياسة بالرّغم من انه إختصاصي وضليعة به لأنّي أكتشفت ان السّياسة لعبة قذرة في بلادي ،ولا اريد أن ألوّث قلبي النقيّ بقرفه وارتأيت ان أبقى بعيدة عن الهموم، فيكفي قلبي الحزين ما مرّ به .
وأرتأيت ان اتفرّغ لما يسعدني، وافرغ شجوني عبر القصيدة والشّعر، الذي عشقته ورأيته متنفّسا لي من هموم وشجون الحياة ، وبعد ان أيقنت، انّ الشّعب أعمى وأصمّ لا يسمع غير نداء العاطفة، ولا يشتغل عقله ويعبد ٱلهته ،بل دائما يستجيب لغريزته الطائفيّة، لكن ما أراه في بلادي جعلني أضع النقاط على الحروف، خاصّة نحن المثقّفين والمتعلّمين علينا واجب توعية الشعب ، ربما يسمع يوما ما..فيستفيق من كبوته.
متى تغضب
لن ابدأ من طوابير الذّلّ….من البنزين الى الرغيف…إلى جوازات السفر ، إلى فقدان الدواء إلى الغلاء الفاحش والجوع المستشري ..ولن اتكلّم عن الفساد المستشري الذي هدّ بنيان الوطن، ولن أتكلّم عن الإنهيار الذي وصلنا إليه ، ولن أتكلم عن أنهيار العملة اللبنانية وفقدان قوتها الشرائية ولن أتكلّم عن رواتب الموظفين والأساتذة التي لا تسدّ الرمق ، وأصبحوا تحت خط الفقر، ولن أتكلّم عن ٱخر فنون وجنون المنظومة من دولرة تسعيرة الهاتف الخليوي، ولكن من المستغرب بل من المؤسف سكوت النخب المثقّفة ، ىالتي أصبحت أزلام تكتب وتنشد لعظمة الٱلهة عداك عن الشعب المنوّم مغناطيسيا ، وسأشرح لكم لماذا وصلنا إلى هذا الكمّ من الصمت والرضوخ والذلّ واليأس .
الشعب اللبناني ضحيّة نظام طائفي قمعي ،هذا النظام القائم على بدعة الديموقراطيّة التوافقيّة، بين الطوائف و التي صارت لعنة على كل مواطن لأنها تُشرع المحسوبيّات والمحاصصة ووسيلة حكم ضاغطة على أفراد المجتمع، ومنذ تأسيس هذا النّظام الطائفي البغيض الذي يقوم على أساس الخوف من الشريك في الوطن وتعزيز ثقافة القوقعة والخوف من الٱخر ، أصبح المجتمع ضحيّة هذا النظام، ويدرك النظام هذه الحالة التي أستشرت بنا،
فيُتقن لعبة إبتزاز المجتمع فيدخله في لعبته القذرة بحجّة المؤامرة الخارجيّة ويخلق اعداء وهميّة كي يبقى مسيطراً على عقولهم . فيعتاد الشعب على القمع والذلّ ويلتحق بظلّ الله على الأرض الذي يستبيح كل المحرّمات ويبقى مقدّس يُمنع المسّ به أو انتقاده لأنّك لا يحق لك المسّ بالٱلهة فنعبده ونصلّي له ونصفّق له لفساده وكل موبقاته ،وهو يحميه من الٱخر بالأوهام التي زرعت في نفسه فيغيب العقل أو ُيُغيب وتستشرس الٱلهة بالقتل والفساد وهذا ما يذكّرنا بأنظمة القرون الوسطى في أوروبا ،التي انتفضت على ذاتها وغيّرت أنظمتها الإستبداديّة أمّا شعبنا لا زال يرتبط بالٱلهة الحاكمة ، لدرجه تجعله يخشى من التغيير حتى وإن كان للأفضل ويظلّ مسجون بأسوار الطائفيّة بل و يدافع عن النظام القمعى ويذكر محاسنه الوهميّة دون الالتفات إلى مظاهر القمع والفساد الكثيرة.بل يشارك بالفساد ويسهم في تدمير وطنه ويشرّعه بالإنتخابات الوهمية ..هذا الشعب الخانع والخائف من التّغيير والذي يعيش في دوامة التاريخ ، ويدور في حلقة مفرغة لن ينجح في ايّ خطوة للأمام ،بل سيبقى يهلّل ويطبّل لجلّاده رغم انّه الضّحيّة ، فالضحيّة التي تحبّ جلادها تستحقّ الجلد ولا تستحق العيش بكرامة،” إن اللّه لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ” صدق الله العظيم
بقلم مروةجهمي بيرم
المحللة السياسية
والباحثة في العلاقات الدولية
Discussion about this post